“الرجيم القاسي.. طريق سريع للمضاعفات! د. وجيه فوزي حسن يكشف خفايا الخطر ويقدّم البدائل الآمنة”
كتبت نوال عبد الرحيم

في عصر تحكمه السرعة والصورة المثالية على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الهوس بفقدان الوزن في أسرع وقت ممكن دافعًا للكثيرين للجوء إلى ما يُعرف بالرجيم القاسي. وهو نظام غذائي يعتمد على تقليل السعرات الحرارية بشدة أو الامتناع عن مجموعات غذائية أساسية، مما يؤدي غالبًا إلى نتائج عكسية تبدأ من الضعف العام وتصل إلى انهيار الصحة النفسية والجسدية.
ورغم أن الرجيم القاسي قد يُظهر نتائج مؤقتة على الميزان، فإن الحقيقة المؤلمة أنه يخلّف وراءه آثارًا خطيرة على الجسم والعقل، تحتاج أحيانًا إلى شهور من العلاج والتأهيل.
يستعرض لكم “طب توداي” في هذا التقرير أهم النصائح والتحذيرات التي يقدمها د. وجيه فوزي حسن، أستاذ التخسيس والعلاج الطبيعي، لتجنب الوقوع في فخ الأنظمة القاسية، وكيف يمكن تحقيق خسارة وزن صحية وآمنة دون تدمير الجسم.
ما هو الرجيم القاسي؟ ولماذا يُقبل الناس عليه؟
الرجيم القاسي هو نظام يعتمد على خفض السعرات الحرارية إلى مستويات غير كافية لاحتياجات الجسم اليومية، وقد يصل الأمر إلى 500-800 سعرة فقط في اليوم، مع تجنب الكربوهيدرات تمامًا أو الاعتماد على صنف أو اثنين فقط من الطعام.
يقوم البعض بتجربة هذا النوع من الرجيم لأسباب مختلفة، منها:
- الرغبة في فقدان الوزن بسرعة لحضور مناسبة.
- الانبهار بتجارب الآخرين على الإنترنت.
- الضغوط النفسية والمجتمعية.
- اعتقاد خاطئ أن الجوع يساوي الصحة والنحافة.
لكن د. وجيه فوزي حسن يؤكد أن هذه الطريقة خطيرة للغاية، و”تُشبه قيادة السيارة بأقصى سرعة دون مكابح”.
أضرار الرجيم القاسي على الجسم والعقل
يعدد د. وجيه فوزي حسن في حديثه مع “طب توداي” أهم الأضرار المرتبطة بالرجيم القاسي، قائلاً:
1. فقدان الكتلة العضلية
عندما لا يحصل الجسم على الطاقة الكافية من الطعام، يبدأ في تفكيك العضلات للحصول على الطاقة، مما يؤدي إلى ضعف الجسم وتباطؤ معدل الحرق.
2. اضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء
قد يؤدي نقص الدهون والعناصر الغذائية إلى اضطراب هرمونات الجسم، ما يسبب توقف الدورة أو عدم انتظامها.
3. تساقط الشعر وهشاشة الأظافر
يؤدي الحرمان الغذائي إلى نقص البروتينات والفيتامينات مثل الزنك والبيوتين، مما يظهر على شكل تساقط الشعر وتقصف الأظافر.
4. هبوط في ضغط الدم وسرعة التعب
غالبًا ما يشعر متبعو الرجيم القاسي بدوار وصداع وضعف عام بسبب نقص الكربوهيدرات والفيتامينات الضرورية لتوازن الجسم.
5. الارتداد السريع للوزن (YO-YO effect)
يشير د. وجيه إلى أن أغلب من يتبعون هذه الأنظمة يستعيدون الوزن بسرعة بعد التوقف عنها، بل ويكتسبون وزنًا إضافيًا بسبب بطء الحرق الناتج عن فقدان العضلات.
6. اكتئاب وعزلة
يعاني الكثير من متبعي الرجيم القاسي من تقلبات مزاجية حادة وشعور بالعجز والفشل عند عدم تحقيق النتائج المتوقعة.
لماذا يُعتبر الرجيم القاسي خيارًا غير علمي؟
يشدد د. وجيه على أن الأنظمة الغذائية يجب أن تُصمم حسب الحالة الصحية للشخص، وعوامل مثل العمر، النشاط البدني، الأمراض المزمنة، وحتى الصحة النفسية. أما الرجيم القاسي فيتجاهل كل ذلك، ويُعامل الجميع كأنهم نسخة واحدة.
ويضيف: “الجسم ليس آلة، بل كيان حي يتفاعل مع ما يدخل إليه، والحرمان لا يمكن أن يكون وسيلة للشفاء أو الجمال”.
كيف يمكن إنقاص الوزن بطريقة آمنة؟
يوضح د. وجيه فوزي حسن أن الطريق نحو وزن صحي لا يكون سريعًا دائمًا، لكنه مضمون النتائج وأكثر أمانًا، ويشمل:
1. نظام غذائي متوازن
يشمل البروتين، الكربوهيدرات المعقدة، الدهون الصحية، الخضروات والفاكهة، بحيث يحصل الجسم على احتياجاته دون حرمان.
2. ممارسة الرياضة بانتظام
الحركة تساهم في تعزيز الحرق، وتحافظ على الكتلة العضلية. يُنصح بالمشي، تمارين القوة، أو السباحة على الأقل 3 مرات أسبوعيًا.
3. شرب المياه بكثرة
يساعد الماء في تنشيط الدورة الدموية، ويساهم في تقليل الشعور بالجوع وتحسين الهضم.
4. النوم الجيد
قلة النوم تؤثر على الهرمونات المنظمة للجوع والشبع، مما يزيد الشهية ويدفع الشخص نحو الأكل غير الواعي.
5. الدعم النفسي
ينصح د. وجيه باللجوء إلى مختص نفسي عند الشعور بالاكتئاب أو اضطرابات الأكل، لأنها تؤثر على نتائج أي برنامج غذائي.
ماذا يقول د. وجيه فوزي عن الأنظمة السريعة المنتشرة على الإنترنت؟
يحذر بشدة من اتباع الأنظمة التي تُنشر دون إشراف طبي، مثل رجيم الماء فقط، أو رجيم التفاح لمدة 3 أيام، مؤكدًا أن أغلبها غير مبني على أساس علمي، ويؤدي إلى نتائج كارثية في المدى البعيد.
ويقول: “الوزن الزائد مشكلة تحتاج إلى صبر واستراتيجية.. أما الحرق العشوائي فلا ينقص الوزن بل يحرق الصحة”.
نصائح د. وجيه فوزي حسن لتفادي فخ الرجيم القاسي:
- لا تبدأ أي نظام غذائي قبل استشارة مختص.
- لا تثق في نظام غذائي يُشعرك بالضعف أو الغثيان.
- لا تقارن نفسك بتجارب الآخرين على الإنترنت.
- هدفك ليس فقط تقليل الوزن، بل تحسين الصحة.
- ركّز على فقدان الدهون لا فقط الأرقام على الميزان.
- لا تُقصي مجموعات غذائية كاملة من نظامك.
- راقب وزنك كل أسبوعين وليس يوميًا لتجنب الهوس.
- كافئ نفسك بتقدمك الصحي لا بالحرمان.
الخلاصة
الرجيم القاسي قد يُوهم البعض بالنتائج السريعة، لكنه في الحقيقة مجرد قنبلة مؤجلة تنفجر على شكل مضاعفات صحية وجسدية ونفسية. د. وجيه فوزي حسن يوضح في حديثه مع “طب توداي” أن الحل ليس في التجويع، بل في العلم والوعي والاستمرارية.
اختر طريق السلامة بدلًا من السرعة، فالجسم يستحق الرعاية لا العقاب.