هل تعود الحياة لطبيعتها؟ ممارسة الرياضة بعد الجلطة خطوة بخطوة مع نصائح طب توداي

كتبت - هناء سمري

يتساءل كثير من المرضى ومرافقيهم عمّا إذا كانت ممارسة الرياضة بعد الإصابة بالجلطة أمرًا آمنًا أو حتى ممكنًا. وتتنوع الجلطات ما بين الجلطة الدماغية والجلطة القلبية والجلطة الرئوية، ولكل منها تأثيرات مختلفة على الجسم وقدراته الحركية والبدنية. لكن الطب الحديث أصبح أكثر وضوحًا في توجيهاته، حيث تؤكد الأبحاث أن التمارين الرياضية – عند تنفيذها بالشكل المناسب وتحت إشراف طبي – يمكن أن تكون أداة فعالة جدًا في تحسين التعافي وتقليل فرص الإصابة بجلطات جديدة.

يستعرض لكم طب توداي في هذا التقرير أهم النصائح والتعليمات المتعلقة بممارسة الرياضة بعد الجلطة، ويحدد الشروط التي تضمن سلامة المريض وتحقيق أقصى فائدة ممكنة من الحركة والنشاط البدني.


أولاً: ما هي الجلطة؟

الجلطة هي حالة صحية خطيرة تحدث عندما يتوقف تدفق الدم إلى جزء معين من الجسم، إما بسبب انسداد شريان (كما في الجلطة الدماغية أو القلبية) أو بسبب تجمع دموي يؤدي إلى تعطيل عمل أحد الأعضاء (كما في الجلطات الرئوية أو الوريدية العميقة).

وتُعد الجلطة أحد الأسباب الرئيسية للوفاة والعجز على مستوى العالم، لكنها أيضًا من الحالات التي يمكن السيطرة على آثارها والوقاية من تكرارها إذا اتُبعت النصائح الطبية بدقة، وكان للمريض وذويه دور نشط في إعادة التأهيل.


ثانياً: أهمية النشاط البدني بعد الجلطة

مباشرة بعد التعافي الأولي من الجلطة، قد يكون من المغري الاعتقاد بأن الراحة التامة هي الحل الأمثل، لكن الأدلة العلمية تثبت العكس. إليك بعض الفوائد الهامة لممارسة الرياضة بعد الجلطة:

  • تحسين الدورة الدموية وتقليل فرص تكوّن جلطة جديدة.
  • استعادة القدرة الحركية خاصة في حالة الجلطات الدماغية.
  • تعزيز وظائف القلب والرئة، وهو أمر بالغ الأهمية بعد الجلطات القلبية أو الرئوية.
  • تقليل خطر السمنة وارتفاع ضغط الدم، وهما عاملان يرفعان من احتمالية الجلطات.
  • تحسين المزاج ومحاربة الاكتئاب، وهو عرض شائع بعد الجلطات، خاصة الدماغية.
  • تحسين التوازن والقدرة على المشي لدى كبار السن أو من تعرضوا لضعف عضلي بعد الجلطة.

ثالثاً: متى يمكن البدء بممارسة الرياضة؟

تحديد التوقيت المناسب لبدء ممارسة الرياضة بعد الجلطة يعتمد على عدة عوامل منها:

  • نوع الجلطة (دماغية، قلبية، رئوية… إلخ).
  • شدة الأعراض المتبقية.
  • وجود أمراض مزمنة أخرى مثل السكري أو فشل القلب.
  • رأي الفريق الطبي المشرف على الحالة.

لكن بوجه عام، يُنصح بالبدء بنشاط بدني بسيط (مثل تمارين التنفس أو تحريك الأطراف أثناء الجلوس) خلال الأيام الأولى من التعافي في المستشفى، ثم التدرج في إدخال تمارين أكثر حيوية مع مرور الوقت.


رابعاً: التمارين الرياضية المناسبة بعد الجلطة

يختلف نوع التمارين الرياضية حسب حالة المريض، لكن هناك أنماطًا آمنة يمكن البدء بها تحت إشراف مختص:

1. تمارين التحمية الخفيفة

مثل المشي البطيء أو التمارين الحركية للذراعين والساقين أثناء الجلوس.

2. تمارين القلب والأوعية الدموية

  • المشي المنتظم.
  • ركوب الدراجة الثابتة.
  • السباحة (إذا لم توجد مشاكل حركية تمنع ذلك).

3. تمارين التوازن والتناسق

مهمة جدًا خاصة بعد الجلطات الدماغية وتُساعد في الوقاية من السقوط.

4. تمارين تقوية العضلات

  • باستخدام أوزان خفيفة.
  • أو مقاومة مطاطية.

5. تمارين التنفس

مهمة جدًا بعد الجلطات الرئوية، لتحسين كفاءة الجهاز التنفسي وزيادة كمية الأوكسجين في الدم.


خامساً: التحذيرات والاحتياطات

رغم الفوائد الكبيرة للرياضة، إلا أن هناك بعض الأمور التي يجب الحذر منها:

  • عدم البدء بالتمارين دون استشارة الطبيب أو أخصائي العلاج الطبيعي.
  • تجنب التمارين العنيفة أو المفاجئة.
  • التوقف الفوري عن التمارين في حالة الشعور بأي من الأعراض التالية:
    • ألم في الصدر
    • دوار أو فقدان توازن
    • صعوبة في التنفس
    • تنميل أو ضعف مفاجئ
  • شرب الماء بانتظام أثناء وبعد التمرين لتجنب الجفاف.
  • ارتداء ملابس مريحة وأحذية مناسبة لتجنب السقوط.

سادساً: دور إعادة التأهيل الحركي

العديد من المرضى يحتاجون إلى برامج إعادة تأهيل حركي متخصصة بعد الجلطة، وتشمل:

  • العلاج الطبيعي.
  • العلاج الوظيفي.
  • العلاج بالكلام والنطق (في حالة الجلطات الدماغية التي تؤثر على النطق).

هذه البرامج تُساعد المريض على استعادة قدراته الوظيفية وتحسين جودة حياته بشكل عام.


سابعاً: متى تكون الرياضة غير مناسبة بعد الجلطة؟

في بعض الحالات تكون ممارسة الرياضة خطرًا، وتشمل:

  • وجود فشل قلبي حاد أو قصور تنفسي شديد.
  • جلطة حديثة جدًا لم تستقر الحالة بعد.
  • عدم انتظام الضغط أو معدل ضربات القلب.
  • وجود إصابة حديثة بالعظام أو العضلات تعيق الحركة.

ثامناً: نصائح طب توداي لممارسة الرياضة بأمان بعد الجلطة

  1. لا تمارس الرياضة بمفردك في البداية.
  2. ضع أهدافًا تدريجية تتناسب مع حالتك.
  3. لا تُقارن نفسك بآخرين مروا بنفس التجربة.
  4. التزم بالخطة العلاجية والتوصيات الغذائية.
  5. تجنب الرياضات التي تتطلب مجهودًا شديدًا مثل رفع الأثقال أو الجري لمسافات طويلة.
  6. احرص على قياس الضغط ومعدل ضربات القلب قبل وبعد التمارين.
  7. احرص على المتابعة مع الطبيب وأخصائي العلاج الطبيعي بشكل دوري.
  8. انتبه للإشارات التي يُرسلها جسمك وتوقف فورًا عند الشعور بأي تعب غير معتاد.

تاسعاً: قصص ملهمة لمرضى عادوا للرياضة بعد الجلطة

  • أحد المرضى بدأ بالمشي في أروقة المستشفى بعد 5 أيام فقط من جلطة قلبية، وبعد 6 أشهر شارك في سباق مشي خيري لمسافة 5 كم.
  • مريضة تعافت من جلطة دماغية استعادت قدرتها على الحركة والنطق تدريجيًا بفضل جلسات العلاج الطبيعي والمشي اليومي المنتظم.

هذه القصص تُظهر أن الرياضة قد تكون بداية جديدة وليست نهاية الطريق.


خلاصة

ممارسة الرياضة بعد الجلطة ليست فقط ممكنة، بل هي ضرورة من أجل التعافي والوقاية من الجلطات المستقبلية. لكن يجب أن تُمارس وفق خطة مدروسة وتحت إشراف طبي لضمان السلامة وتحقيق الفائدة. وبفضل التوجيهات الدقيقة والمستوى المتقدم من الرعاية التأهيلية، يمكن للمرضى اليوم استعادة جودة حياتهم تدريجيًا، والعودة إلى أنشطتهم اليومية بثقة أكبر.


 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى