وراء الصمت قلقٌ يصرخ: علامات لا يجب تجاهلها

كتب رباب وهبة

في زمن يمجد الإنتاجية ويعتبر الضعف عيبًا، أصبح الكثيرون يرتدون أقنعة الصلابة، بينما القلق يعصف بداخلهم. هذا ما يسمى بـ “القلق الصامت” – حالة يعيشها البعض دون أن يبوحوا بها، خوفًا من الأحكام أو ضعف النظرة المجتمعية.
القلق ليس دائمًا صراخًا أو نوبات هلع، بل قد يكون صمتًا قاتلًا، وأرقًا مستمرًا، وتفكيرًا مفرطًا ينهك النفس.


🔹 الفرق بين القلق الطبيعي واضطرابات القلق

من الطبيعي أن يشعر الإنسان بالقلق قبل امتحان، أو عند اتخاذ قرار مصيري، أو في مواقف اجتماعية ضاغطة. لكن متى يتحول هذا الشعور الطبيعي إلى اضطراب؟
🔸 القلق الطبيعي:

  • مؤقت ويزول بزوال السبب
  • لا يؤثر بشكل كبير على أداء الشخص اليومي
  • لا يترافق مع أعراض جسدية مزمنة
    🔸 اضطراب القلق:
  • يستمر لأكثر من 6 أشهر
  • يؤثر على الحياة الاجتماعية والمهنية
  • يترافق مع أعراض مثل خفقان القلب، ضيق النفس، آلام جسدية، أرق مزمن، وأفكار سوداوية

🔹 أشكال اضطرابات القلق الأكثر شيوعًا

هناك عدة أنواع من اضطرابات القلق، تختلف في الشكل والأعراض، منها:
🔸 القلق العام (GAD): القلق المستمر والمبالغ فيه من أمور الحياة اليومية
🔸 الهلع (Panic Disorder): نوبات مفاجئة من الخوف الشديد والاختناق
🔸 الرهاب الاجتماعي: خوف مفرط من المواقف الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين
🔸 اضطراب الوسواس القهري (OCD): أفكار متكررة غير منطقية وسلوكيات قهرية
🔸 اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): قلق ناتج عن صدمة نفسية شديدة مثل الحروب أو الحوادث


🔹 لماذا يخفي البعض معاناتهم؟

🌪️ ثقافة الإنكار: في مجتمعاتنا، يُنظر للقلق أحيانًا كدليل على الضعف أو قلة الإيمان
🌪️ الخوف من الوصمة: يخشى البعض من وصفهم بـ “المرضى النفسيين”
🌪️ توقعات المجتمع: الرجال خاصةً يتعرضون لضغط أكبر لإظهار الصلابة وعدم البوح
🌪️ الاعتياد: البعض يعيش في حالة قلق مزمن حتى يظن أنها “الطبيعة”


🔹 علامات مبكرة لا يجب تجاهلها

🔺 الانطواء المفاجئ بعد أن كان الشخص اجتماعيًا
🔺 الأرق المزمن وصعوبة النوم رغم الإرهاق
🔺 الإفراط في التفكير وتحليل كل موقف بشكل مبالغ
🔺 فقدان الشغف بالأشياء التي كانت محببة
🔺 التهيج الزائد وسرعة الغضب لأسباب بسيطة
🔺 شكاوى جسدية مستمرة دون سبب عضوي واضح
🔺 تكرار نوبات البكاء أو الرغبة في العزلة


🔹 هل القلق القاتل يُمكن أن يُخفي نفسه؟

نعم. بعض الأشخاص قد يضحكون كثيرًا في العلن، ينشرون صورًا سعيدة على وسائل التواصل، ينجزون في العمل، بينما يعيشون صراعًا نفسيًا داخليًا شديدًا. هؤلاء يُطلق عليهم أحيانًا “المنهارون بابتسامة”.
يجب أن ننتبه لعلامات القلق المخفية، فليس كل ما يبدو على ما يرام حقيقيًا كذلك.


🔹 متى يجب طلب المساعدة؟

🚨 إذا استمر القلق أكثر من عدة أسابيع
🚨 إذا بدأ في التأثير على العمل أو العلاقات
🚨 عند التفكير في إيذاء النفس أو فقدان القيمة الذاتية
🚨 في حال وجود تاريخ نفسي أو عائلي للقلق أو الاكتئاب
🚨 إذا لم تنفع الحلول الذاتية مثل الرياضة أو الاسترخاء


🔹 العلاج النفسي: خطوة أولى نحو الشفاء

العلاج المعرفي السلوكي (CBT): من أنجح طرق العلاج، يساعد المريض على فهم أفكاره السلبية وتغيير أنماط تفكيره
العلاج الدوائي: يُستخدم أحيانًا في حالات القلق الشديد، تحت إشراف طبيب نفسي
العلاج الجماعي: يخلق شعورًا بعدم الوحدة، ويشجع المريض على الحديث
العلاج بالفن أو الكتابة: طرق فعالة لتفريغ المشاعر والتعبير بطريقة غير مباشرة


🔹 الدعم الاجتماعي: لا تقلل من أهميته

💬 كلمة “أنا هنا لو احتجت تتكلم” قد تنقذ حياة
👂 أظهر الاستماع دون الحكم أو الاستعجال
💡 تجنب التقليل من مشاعر الآخرين مثل قول “شد حيلك” أو “أنت بتفكر كتير”
❤️ ساعد الشخص على طلب مساعدة مهنية، ورافقه إن لزم


🔹 كيف نرعى أنفسنا؟ (نصائح وقائية)

🧘‍♂️ خصص وقتًا يوميًا للاسترخاء أو التأمل
📝 مارس الكتابة اليومية لتفريغ التوتر
🚶‍♀️ قم بالمشي أو الرياضة بانتظام
📵 قلل من التعرض المفرط لوسائل التواصل
🛌 نم عدد ساعات كافية
🥦 اتبع نظامًا غذائيًا متوازنًا
🤝 لا تتردد في طلب الدعم من المقربين


🔹 كلمة من “طب توداي”:

القلق ليس ضعفًا، ولا عيبًا، ولا نهاية العالم. إنه نداء من النفس للاستراحة، للفهم، للاهتمام. لا تسكت عن صوتك الداخلي.
في “طب توداي” نؤمن أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، وأن كل إنسان يستحق أن يعيش بسلام داخلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى