حين صار دفن الموتى أزمة.. كيف عاش الناس صدمة الموت خلال انتشار فيروس كورونا | فيديو
كتبت/ مي السايح

في عام 2020، لم يكن الموت بسبب فيروس كورونا نهاية القصة، بل كان بداية مأساة أخرى عنوانها “الدفن”، الذي تحوّل من طقس ديني واجتماعي مهيب، إلى إجراء سريع، معزول، وبروتوكولي، تخنقه الاحتياطات الصحية والخوف الجماعي.
يستعرض لكن طب توداي في هذا التقرير جوانب إنسانية وطبية من أصعب فصول الجائحة، حين صار الدفن أزمة تتجاوز حدود الموت نفسه.
يمكنك مشاهدة الفيديو من هذا الرابط 👇🏻
https://www.facebook.com/share/r/1KsWYh5mjF/?mibextid=UalRPS
إجراءات الدفن أثناء كورونا
في بداية تفشي الفيروس (2020)، أصدرت وزارات الصحة في مختلف دول العالم، ومنظمة الصحة العالمية، بروتوكولات صارمة لدفن المتوفين بكوفيد-19، تشمل:
• تغليف الجثة: وضع الجثمان في كيس عازل مزدوج محكم الغلق.
• التعقيم: تعقيم الجثة والتابوت، ومنع تغسيلها بالطريقة التقليدية في بعض الحالات.
• عدد محدود من الحضور: منع التجمعات أثناء الجنازات، والسماح بعدد محدود جدًا من الأهل بالحضور.
• عدم فتح الكفن أو التابوت: في كثير من الحالات، منع فتح التابوت لتوديع المتوفى.
• الدفن الفوري: كان يُنصح بالدفن في أسرع وقت ممكن لتقليل احتمالات العدوى
وكانت عملية الغسل تُلغى في معظم الحالات، وتقتصر الجنازات على عدد محدود جدًا من الحضور، مع منع أي تجمهر أو مراسم طويلة.
رفض الدفن.. وهلع شعبي غير مسبوق
لم يكن الألم محصورًا في داخل البيوت، بل امتد إلى الشوارع والقرى، فقد سُجلت وقائع مؤسفة رفض فيها بعض الأهالي دفن الضحايا في مقابر القرى، خوفًا من انتقال العدوى.
في مشهد مأساوي بقرية “شبرا البهو” بالدقهلية، تصدّى بعض السكان لدفن طبيبة توفيت بكورونا، وأغلقوا الطريق، مطالبين بدفنها في مكان آخر، ورغم الجهود الأمنية والطبية التي أكدت أن الجثمان لا ينقل العدوى، فإن الخوف طغى على العقل.
وكشفت أيضًا الطبيبة، دينا مجدي عبد السلام، أخصائية أمراض جلدية بمستشفى القنطرة بالإسماعيلية، تعرضها للتنمر من جيرانها الذين حاولوا طردها، لكونها تعمل بأحد مستشفيات الحميات بالمحافظة، خوفًا من مخالطتهم لها وتعرضهم للإصابة بفيروس كورونا.
الدين والعلم.. صوتا العقل في مواجهة الفزع
ردّت المؤسسات الدينية على هذه الظواهر بسرعة، فقد أصدر الأزهر الشريف ودار الإفتاء بيانات أكدت فيها على ضرورة دفن موتى كورونا بكرامة، وفق الشريعة الإسلامية، وأن منع دفنهم يتنافى مع الإنسانية والدين.
وفي الوقت ذاته، حاول الأطباء والمتخصصون طمأنة الناس بأن الفيروس لا ينتقل من الجثث بعد الوفاة، ما دام هناك التزام بالإجراءات الوقائية، وظهرت مبادرات شبابية وإنسانية، كان أبطالها متطوعين تولوا تغسيل ودفن الضحايا في صمت، بدافع من الواجب الإنساني والديني.
وماذا بعد الجائحة؟ هل تغيرت نظرة الناس؟
مع مرور الوقت، وتقدم الأبحاث الطبية، تبيّن أن خطر العدوى من الجثث ضئيل جدًا، استعادت الأسر تدريجيًا طقوس العزاء، وعادت الجنازات إلى طبيعتها، لكنّ الذاكرة ما زالت تحتفظ بصور الجثامين المحجوبة، والمقابر التي ووريت فيها أجساد الأحبة بلا وداع أو تأبين.
وقد كشف هذا الملف الصعب عن خلل في الوعي المجتمعي، وأكد أهمية نشر الثقافة الصحية، وتعزيز الثقة بين الناس والمؤسسات الطبية.