د. كريم عبد السلام .. الحلول الحديثة لانسداد الأنف المزمن بين الطب والجراحة
كتبت رباب وهبة
يعاني الملايين حول العالم من انسداد الأنف المزمن، تلك الحالة التي لا تتوقف عند الشعور بعدم الراحة، بل تمتد لتؤثر على جودة النوم والتركيز والتنفس وحتى الصحة النفسية. ومع أن البعض يعتقد أن السبب بسيط، كالبرد أو الحساسية، إلا أن المشكلة قد تكون أعمق، كوجود انحراف في الحاجز الأنفي أو ضعف في المناعة الموسمية.
لماذا يحدث انسداد الأنف بشكل مستمر؟
يوضح د. محمد شوقي – أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بجامعة القاهرة، أن انسداد الأنف المستمر ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو عرض لمشكلة أخرى، ويُعزى غالبًا إلى الأسباب التالية:
- انحراف الحاجز الأنفي:
يُعد السبب الأكثر شيوعًا، وقد يكون خَلقيًا أو نتيجة إصابة أو كسر قديم في الأنف، مما يعيق سريان الهواء بسلاسة. - التهاب الجيوب الأنفية المزمن:
ويحدث نتيجة تراكم المخاط والتهاب الأغشية المبطنة للجيوب، ما يسبب انسداد الأنف وضغطًا بالرأس. - الحساسية الموسمية أو الدائمة:
حساسية الأنف الناتجة عن حبوب اللقاح، الغبار أو العطور قد تسبب احتقانًا شديدًا وتورمًا في الأنف. - الزوائد الأنفية (اللحمية):
وهي نموات غير سرطانية داخل الممرات الأنفية تعيق تدفق الهواء، وتشيع لدى البالغين المصابين بالربو أو الحساسية المزمنة.
انحراف الحاجز الأنفي: السبب الأكثر تجاهلًا
يشير د. كريم عبد السلام – استشاري الأنف والأذن بمستشفى القصر العيني إلى أن كثيرًا من المرضى لا يدركون أن لديهم انحرافًا بالحاجز الأنفي إلا بعد فشل العلاجات الدوائية. وتبدأ الشكوى غالبًا من انسداد جهة واحدة من الأنف، يتفاقم ليلًا، ويزداد عند الإصابة بنزلات البرد.
ويوضح أن الحاجز الأنفي هو الجدار الغضروفي والعظمي الذي يقسم الأنف من الداخل، وأن انحرافه قد يسبب أيضًا:
- التهابات متكررة في الجيوب الأنفية
- صداع مزمن في مقدمة الرأس
- الشخير أثناء النوم
- صعوبة التنفس خاصة أثناء التمارين أو النوم
ضعف المناعة الموسمية وتأثيره على الأنف
مع تغير الفصول، يضعف الجهاز المناعي لدى بعض الأشخاص، ويصبح أكثر عرضة للعدوى الفيروسية التي تؤثر على الأنف والجهاز التنفسي العلوي. وتقول د. مروة السيد – أخصائية أمراض المناعة والحساسية إن “الأنف هو الخط الدفاعي الأول، وعندما تكون المناعة ضعيفة، تتضخم الأنسجة الأنفية استجابة للفيروسات أو البكتيريا، مما يسبب انسدادًا يستمر لأيام وربما أسابيع”.
وتنصح بضرورة دعم المناعة من خلال التغذية الجيدة، النوم الكافي، وممارسة الرياضة لتقليل هذه النوبات.
هل تؤثر هذه المشكلة على النوم؟
نعم وبشدة. يؤكد الخبراء أن انسداد الأنف المزمن يؤدي إلى اضطرابات نوم واضحة، منها:
- الاستيقاظ المتكرر خلال الليل
- التنفس من الفم وما يصاحبه من جفاف الحلق
- الشخير العالي الذي قد يتطور إلى توقف التنفس الانسدادي أثناء النوم
وقد يشعر المريض بالتعب الدائم والنعاس نهارًا، وهو ما قد يؤثر على أدائه العملي والمزاجي.
التشخيص خطوة حاسمة
يشير د. أحمد البحيري – استشاري جراحة الأنف والأذن بمستشفى عين شمس التخصصي إلى أن التشخيص الدقيق يبدأ بالفحص الإكلينيكي، ويشمل:
- منظار الأنف الداخلي لفحص الحاجز والأنسجة بوضوح
- الأشعة المقطعية للجيوب الأنفية للكشف عن التهابات أو زوائد
- اختبارات الحساسية للكشف عن المحفزات البيئية
ويحذر من الاكتفاء باستخدام بخاخات الأنف دون وصفة طبية، لما قد تسببه من مضاعفات عند الاستخدام المطول.
العلاج… بين الأدوية والجراحة
تتنوع طرق العلاج حسب السبب:
🩺 العلاج الدوائي:
- مضادات الاحتقان (لفترات قصيرة)
- بخاخات الكورتيزون الموضعية
- مضادات الهستامين للحساسية
- مضادات حيوية إذا كان السبب عدوى بكتيرية
🔪 الحلول الجراحية:
في حالة انحراف الحاجز أو وجود زوائد أنفية، تكون الجراحة هي الحل الأكثر فعالية. ويُجرى ما يُعرف بـ:
- تصحيح انحراف الحاجز الأنفي (Septoplasty)
- استئصال الزوائد الأنفية
- تنظيف الجيوب الأنفية جراحيًا
وهي عمليات بسيطة نسبيًا، وتُجرى بالمنظار دون شق خارجي، ويخرج المريض عادة في نفس اليوم أو في اليوم التالي.
نصائح طب توداي لتقليل انسداد الأنف الموسمي
- تجنب التعرض لمحفزات الحساسية كالغبار والعطور القوية
- استخدام بخاخات المحلول الملحي لترطيب الأنف
- تقوية المناعة بتناول فيتامين C وD والزنك
- التهوية الجيدة للمكان وتنقية الهواء
- النوم على وسادة مرتفعة لتحسين تصريف الجيوب
رسالة أخيرة من الخبراء
ينصح الأطباء بعدم إهمال انسداد الأنف المزمن أو التعايش معه باعتباره أمرًا طبيعيًا. فكل حالة قد تحمل خلفها سببًا يمكن علاجه بسهولة إذا ما تم التشخيص مبكرًا، كما أن جودة الحياة قد تتحسن بشكل واضح بعد العلاج، سواء دوائيًا أو جراحيًا.
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
“طب توداي” هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط
