هل السرطان نهاية المطاف؟ الحقيقة الكاملة عن أسبابه وطرق الوقاية والعلاج
كتبت - هدى عبد الجليل

السرطان… كلمة تكفي وحدها لإثارة مشاعر الخوف والقلق، إذ يعتبر من أكثر الأمراض المروعة التي تُربك حياة المرضى وأسرهم على حد سواء. ومع تزايد معدلات الإصابة به حول العالم، صار من الضروري التوقف أمام هذا المرض لفهم طبيعته، أسبابه، وسائل الوقاية منه، وأحدث طرق العلاج المتاحة. لكن هل السرطان بالفعل مرض قاتل دائمًا؟ وهل يمكن الوقاية منه أو حتى الشفاء التام؟ وماذا تقول الأبحاث الحديثة عن فرص النجاة والتعافي؟
يستعرض لكم طب توداي في هذا التقرير أهم التعليمات والنصائح حول كيفية التعامل مع مرض السرطان، والسبل الفعّالة للوقاية منه وتحسين فرص العلاج والنجاة.
ما هو السرطان؟ وكيف يتكون؟
السرطان هو مرض ناتج عن نمو غير طبيعي وغير منضبط للخلايا في الجسم، مما يؤدي إلى تكوّن أورام قد تكون حميدة (غير سرطانية) أو خبيثة (سرطانية). ومع تقدم المرض، قد تنتقل هذه الخلايا إلى أجزاء أخرى من الجسم في ما يُعرف بعملية “الانتشار” أو “النقائل”.
السبب الجذري لهذا النمو العشوائي هو حدوث طفرات جينية تُصيب المادة الوراثية داخل الخلية، فتفقد القدرة على تنظيم الانقسام وتموت بطريقة طبيعية، وتتحول إلى خلايا خبيثة تستمر في التكاثر دون توقف.
هل السرطان مرض خطير دائمًا؟
السرطان قد يكون مرضًا خطيرًا إذا لم يُكتشف مبكرًا أو إذا كان من الأنواع الشرسة سريعة الانتشار، ولكن في السنوات الأخيرة شهدنا تطورات طبية مذهلة جعلت الكثير من أنواع السرطان قابلة للشفاء أو على الأقل السيطرة عليها لفترات طويلة.
في بعض الحالات مثل سرطان الثدي أو البروستاتا أو القولون، إذا تم اكتشافه مبكرًا، فإن فرص الشفاء قد تتجاوز 90%. وهناك أيضًا تحسن في العلاجات الداعمة التي تقلل من الأعراض الجانبية وتحسن جودة حياة المريض.
الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان
هناك مجموعة كبيرة من العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، بعضها يمكن التحكم به، والآخر لا. وتشمل هذه العوامل:
1. العوامل الوراثية
وجود تاريخ عائلي لبعض أنواع السرطان قد يزيد من خطر الإصابة، مثل سرطان الثدي أو القولون.
2. نمط الحياة غير الصحي
التدخين، تعاطي الكحول، سوء التغذية، وقلة النشاط البدني ترفع بشكل كبير احتمالية الإصابة بأنواع متعددة من السرطان.
3. التعرض للمواد الكيميائية والسموم
العمل في بيئات صناعية تحتوي على مواد مسرطنة أو استنشاق الغازات السامة قد يكون من أبرز العوامل البيئية.
4. العدوى الفيروسية
بعض الفيروسات مثل فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) أو فيروس التهاب الكبد B وC قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
5. الإشعاعات
التعرض الطويل للأشعة فوق البنفسجية من الشمس أو الإشعاع الطبي المتكرر يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطانات الجلد والدماغ.
هل يمكن الوقاية من السرطان؟
الوقاية من السرطان لا تعني تجنبه بنسبة 100%، ولكنها تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة. ومن أبرز وسائل الوقاية:
1. اتباع نظام غذائي صحي
تناول الفواكه والخضروات، التقليل من اللحوم المصنعة، والاعتماد على الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة يقلل من خطر السرطان.
2. الإقلاع عن التدخين
التدخين مسؤول عن أكثر من 30% من الوفيات المرتبطة بالسرطان، خاصة سرطان الرئة والفم والمريء.
3. ممارسة الرياضة بانتظام
ممارسة النشاط البدني 30 دقيقة يوميًا يحسّن المناعة ويقلل من فرص الإصابة بأنواع عديدة من السرطان.
4. الحفاظ على وزن صحي
السمنة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، والقولون، والكلى، وغيرها.
5. الوقاية من العدوى
الحصول على التطعيمات اللازمة مثل لقاح HPV أو لقاح التهاب الكبد B يقي من أنواع مرتبطة بها.
6. الفحص الدوري
الكشف المبكر من خلال الفحوصات المنتظمة مثل ماموجرام، تحليل PSA، وتنظير القولون يساعد على اكتشاف المرض في مراحله الأولى.
هل يمكن علاج السرطان؟
نعم، ويمكن أن تصل نسب الشفاء إلى معدلات عالية إذا تم التشخيص والعلاج في وقت مناسب. وتختلف طرق العلاج وفقًا لنوع السرطان ومرحلته، ومن أهمها:
1. العلاج الجراحي:
ويُستخدم لإزالة الورم من الجسم، ويُعد من أنجح الطرق في الحالات المبكرة.
2. العلاج الكيميائي:
يعتمد على أدوية قوية تقتل الخلايا السرطانية أو تمنعها من التكاثر.
3. العلاج الإشعاعي:
يستخدم موجات إشعاعية عالية لتدمير الخلايا الخبيثة.
4. العلاج المناعي:
يعزز من قدرة جهاز المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية ومحاربتها.
5. العلاج الموجّه:
يعمل على استهداف جينات أو بروتينات معينة مسؤولة عن نمو الخلايا السرطانية.
كيف يمكن دعم مريض السرطان نفسيًا؟
الدعم النفسي عنصر أساسي في رحلة التعافي، حيث يعاني المريض من صدمة نفسية عند التشخيص، وقد يشعر بالخوف أو الاكتئاب أو الوحدة. ويُوصى بـ:
- إشراك الأسرة والأصدقاء في رحلة العلاج.
- تقديم استشارات نفسية منتظمة.
- إشراك المريض في مجموعات دعم مجتمعية.
- التحلي بالصبر وتقديم الأمل الدائم.
أمل جديد: هل يمكن الشفاء التام من السرطان؟
في الواقع، هناك حالات كثيرة تم الإعلان عن شفائها التام، وخصوصًا في أنواع مثل سرطان الثدي، والغدة الدرقية، وسرطان الخصية، وسرطان الجلد (في مراحله المبكرة). بل وظهرت تجارب علاجية حديثة تعتمد على العلاج بالخلايا المناعية والهندسة الوراثية، التي تعطي نتائج مبهرة.
التشخيص المبكر، وتبني نمط حياة صحي، والالتزام بالخطة العلاجية هي المفاتيح الذهبية في معركة الانتصار على السرطان.
الختام: هل الخوف من السرطان مبرر؟
الخوف طبيعي ومفهوم، لكن الخطر الأكبر هو الجهل بالمرض. المعرفة هي خط الدفاع الأول، وكل خطوة نخطوها نحو التوعية، والفحص الدوري، والوقاية، هي خطوة نحو النجاة. السرطان لم يعد نهاية المطاف، بل يمكن مواجهته والتغلب عليه في كثير من الحالات.