ليه ابنك مش بيسمع الكلام؟ أسرار وراء تجاهل الطفل لتعليمات الأب والأم وحلول فعالة
كتبت مريم أحمد

كثير من الآباء والأمهات يواجهون مشكلة شائعة ومحبطة، وهي أن الطفل لا يستجيب لتعليماتهم، سواء كانت بسيطة مثل “البس هدومك”، أو أكثر تعقيدًا مثل “ذاكر دروسك” أو “ما تضربش أخوك”. يتكرر التجاهل، وتتصاعد حدة التوتر، وتتحول العلاقة بين الطرفين إلى معركة يومية. ولكن السؤال الأهم هو: لماذا لا يستجيب الطفل؟ وهل هو عناد؟ أم هناك أسباب أعمق نفسية وتربوية؟ في هذا التقرير من طب توداي نستعرض الأسباب الحقيقية وراء تجاهل الطفل لتعليمات الأبوين، وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة بأسلوب علمي وتربوي يعزز العلاقة ويزيد من الطاعة والاحترام.
أولًا: هل تجاهل الطفل متعمد أم غير مقصود؟
في كثير من الأحيان، لا يكون تجاهل الطفل لتعليمات والديه ناتجًا عن عناد متعمد، بل قد يكون مرتبطًا بأسباب متعددة مثل:
- عدم الانتباه أو التشتت الذهني: الطفل قد يكون مستغرقًا في اللعب أو التفكير ولا يسمع التعليمات.
- اللغة غير المناسبة لعمره: قد تكون التعليمات صعبة الفهم أو غير واضحة.
- الشعور بالإجهاد أو الجوع أو التعب: مما يجعله غير مستعد لتلقي أي أوامر.
ثانيًا: أسباب نفسية وراء تجاهل التعليمات
- التمرد للحصول على الاستقلال
في مراحل معينة، خاصة بين 3-6 سنوات ثم في سن المراهقة، يبدأ الطفل في البحث عن استقلاله وتكوين شخصيته، فيرفض التعليمات كوسيلة لإثبات الذات. - الشعور بالإهمال أو نقص الحب
إذا كان الطفل يشعر بعدم الاهتمام أو المقارنة الدائمة بإخوته، فقد يستخدم “عدم الاستجابة” كوسيلة لجذب الانتباه. - الخوف من الفشل أو العقاب
الطفل قد يرفض تنفيذ أمر ما لأنه يخشى أن يفشل أو يُنتقد إذا لم ينفذه بشكل صحيح. - التعرض للعنف اللفظي أو البدني سابقًا
مما يخلق حاجزًا نفسيًا بينه وبين الأوامر الصادرة من الأبوين، خاصة إن كانت بصيغة تهديدية.
ثالثًا: الأسباب التربوية والسلوكية
- كثرة التعليمات في وقت قصير
الطفل لا يستطيع معالجة أو تنفيذ عدة أوامر متتالية، لذا يتجاهلها جميعًا. - غياب القدوة
إذا كان الطفل يرى والديه لا يلتزمان بما يقولانه، أو أحدهما يتجاهل الآخر، فسيفعل الشيء نفسه. - عدم وضوح التوجيهات
بدلًا من “خليك مؤدب”، الأفضل أن تكون التوجيهات محددة مثل “قل من فضلك وشكرًا”. - غياب الروتين والثبات
إذا لم تكن هناك قواعد واضحة وثابتة داخل البيت، سيصعب على الطفل فهم متى ولماذا يجب عليه الطاعة.
رابعًا: متى تصبح المشكلة خطيرة وتتطلب تدخل متخصص؟
- إذا صاحب التجاهل نوبات غضب شديدة أو عنف تجاه الآخرين.
- إذا استمر السلوك رغم كل محاولات التواصل والشرح من الوالدين.
- إذا ظهرت صعوبات لغوية أو إدراكية قد تدل على مشكلة في النمو أو التوحد أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
- إذا كان الطفل يتجاهل كل الأوامر من الجميع، وليس فقط من الأم أو الأب.
في هذه الحالات، من الأفضل استشارة متخصص في الصحة النفسية أو طبيب أطفال.
خامسًا: نصائح طب توداي لتقوية استجابة الطفل لتعليمات الأبوين
- اختصر التعليمات واجعلها واضحة وبسيطة
استخدم لغة تناسب عمر الطفل، وركز على أمر واحد في كل مرة. - اجذب انتباهه أولًا
قبل أن تعطيه أمرًا، تأكد من أنه ينظر إليك أو يصغي، وقل اسمه أولًا. - استخدم أسلوب الثواب بدل العقاب
عزز السلوك الجيد بالمدح أو المكافآت الرمزية بدل التهديد والعقاب. - كن قدوة
التزم أنت شخصيًا بالتعليمات التي تطلب منه تنفيذها، مثل النظام أو الكلام اللطيف. - ثبّت القواعد وكن حازمًا بلطف
لا تتراجع بسهولة إذا تجاهل التعليمات، لكن لا تصرخ أيضًا.. الحزم بدون عنف هو المفتاح. - أعطه اختيارات
بدلًا من “خد حمام دلوقتي”، قل “تحب تتحمم دلوقتي ولا بعد ما تخلص لعب؟” فتشعره بالتحكم. - اعترف بمشاعره
حتى وإن كان مخطئًا، قل له: “عارف إنك زعلان عشان اللعب خلص.. بس دلوقتي وقت النوم”.
سادسًا: أخطاء شائعة يقع فيها الآباء
- التهديد المتكرر دون تنفيذ.
- الصراخ بدلًا من التواصل الهادئ.
- إعطاء الأوامر في أوقات غير مناسبة.
- المقارنة بين الطفل وأشقائه أو زملائه.
- إهانة الطفل أمام الآخرين أو السخرية منه.
كل هذه الأساليب تؤدي إلى تجاهل الطفل للتعليمات بشكل أكبر، وتضعف ثقته بنفسه.
سابعًا: ماذا يقول الخبراء؟ رأي د. عمرو عبد الوهاب بدير
يؤكد د. عمرو عبد الوهاب بدير، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، في تصريحات لـ”طب توداي”، أن الطفل في سنواته الأولى يحتاج إلى توجيه عاطفي قبل التوجيه السلوكي، مشيرًا إلى أن معظم مشكلات عدم الاستجابة تكون ناتجة عن نقص التواصل الفعّال، لا عنادًا حقيقيًا.
ويضيف د. عمرو: “على الوالدين أن يكونا على نفس الخط التربوي، فلا يعارض أحدهما الآخر أمام الطفل، كما يجب مراعاة الحالة النفسية والمزاجية للطفل عند إعطاء التعليمات”.
خلاصة: ابنك مش عنيد.. هو محتاج يفهمك!
إن الطفل الذي لا يستجيب للتعليمات لا يعني أنه “سيئ” أو “عنيد”، بل قد يكون في حاجة لفهم، أو دعم، أو تغيير في طريقة التواصل. المفتاح في يد الأب والأم، فقط يحتاجان إلى الصبر، والحنان، والحزم الذكي.