عندما يتحوّل الطعام إلى سمّ صامت.. أمراض مجهولة تبدأ من وجبة ملوثة
كتبت/ مي السايح

يلجأ الكثيرون إلى تناول الطعام خارج المنزل، دون التفكير في احتمالية أن تكون تلك الوجبة سببًا في معاناة صحية طويلة الأمد، فأمراض الجهاز الهضمي ليست دائمًا ناتجة عن عادات غذائية خاطئة أو ضغوط نفسية، بل قد تكون مرتبطة بتناول طعام ملوث يحتوي على بكتيريا خطيرة، لا يُكتشف أثرها إلا بعد فوات الأوان.
في هذا التقرير، نستعرض حالة حقيقية لشاب تغيّرت حياته بالكامل بعد تناول وجبة واحدة في مطعم معروف، لتكشف قصته عن واحدة من أخطر المشكلات الصحية المهملة: فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO)، الناتج عن عدوى مصدرها الطعام.
أعراض غامضة وبحثٌ طويل عن التشخيص
تبدأ القصة في عام 2019، عندما عاد صاحب التجربة إلى مصر بعد أن كان يتمتع بصحة ممتازة وجسد رياضي. لكن عقب تناوله وجبة من مطعم شهير في وسط العاصمة، بدأ يعاني من أعراض غريبة لم يختبرها من قبل:
انتفاخ دائم حتى من شرب الماء، اضطرابات في الهضم، شعور دائم بالجوع، احتباس سوائل في الجسم، تورم في الساقين، صعوبة في التنفس، سقوط الشعر، تقشر الجلد، اضطرابات في مستويات السكر، وضبابية في التفكير.
ورغم زياراته المتكررة للأطباء، كان يتمحور التشخيص دائمًا حول ضرورة إنقاص الوزن، دون الالتفات إلى السبب الأساسي لتدهور حالته، لم يُشخّص المرض بشكل دقيق، واستمر الألم لسنوات، حتى وصل به الأمر إلى التفكير في الانتحار أكثر من مرة.
بعد سنوات من الألم والمعاناة النفسية والجسدية، اكتشف الشاب أن ما يعاني منه هو فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO)، وهو اضطراب هضمي نادر يحدث عندما تنتقل البكتيريا الضارة إلى أماكن غير مخصصة لها داخل الأمعاء.
المفاجأة الأكبر كانت أن هذه البكتيريا دخلت إلى جسده بسبب طعام ملوث، يحتوي على ميكروبات مصدرها “براز بشري”، وفقًا لتقارير طبية لاحقة، هذا التلوث، الذي مرّ مرور الكرام في مطعم معروف، كان الشرارة الأولى لمأساة صحية امتدت لأكثر من أربع سنوات.
تسلّط هذه القصة الضوء على خلل واضح في منظومة الرقابة الصحية على المطاعم والمنشآت الغذائية، فرغم تعدد حملات التفتيش، إلا أن الكثير من المطاعم لا تزال تعمل بمعايير نظافة منخفضة، دون رقيب أو مساءلة، ما يعرّض حياة المواطنين للخطر.
وقد أغلقت بالفعل عدة مطاعم شهيرة خلال الفترات الماضية، بعد اكتشاف بكتيريا ضارة في الوجبات، بعضها ممرضة، وبعضها الآخر قاتلة على المدى الطويل، ومع ذلك، لا تزال العقوبات في كثير من الأحيان غير رادعة بالشكل الكافي.
من المهم أن يدرك الأفراد أن أعراض الجهاز الهضمي التي تستمر لفترات طويلة، ولا تستجيب للعلاج التقليدي، قد تكون ناتجة عن عدوى بكتيرية أو تلوث غذائي، وليس بالضرورة نتيجة عادات الأكل أو الضغوط النفسية.
مرض SIBO، على سبيل المثال، لا يتم تشخيصه بسهولة، ويستدعي فحوصات دقيقة وتاريخًا طبيًا مفصّلًا. وفي كثير من الأحيان، يكون السبب الأساسي له هو تناول طعام غير نظيف، أو التعامل مع أدوات طهي ملوثة.
نصائح لحياة أفضل
1. لا يجب الاستهانة بأي أعراض متكررة في الجهاز الهضمي، حتى وإن بدت بسيطة.
2. الرقابة على المطاعم والمقاهي يجب أن تكون صارمة ودورية، حمايةً لصحة المواطنين.
3. التوعية بأمراض مثل SIBO يجب أن تكون جزءًا من الحملات الصحية والإعلامية.
4. مشاركة التجارب الشخصية عبر وسائل التواصل قد تكون سببًا في إنقاذ حياة آخرين.