ما الفرق بين الربو الشعبي وحساسية الصدر بعد سن الأربعين؟
كتبت نوران عبد الحميد

الربو الشعبي عند الكبار: لماذا يعود بعد سن الأربعين؟
في ظاهرة طبية تثير القلق، بات عدد من البالغين، خاصة بعد تجاوز سن الأربعين، يعانون من أعراض الربو الشعبي مجددًا، أو حتى تظهر لديهم للمرة الأولى، بعد سنوات طويلة من الاستقرار التنفسي. فهل يعود الربو بالفعل؟ وما الفرق بينه وبين حساسية الصدر؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الحالة بطريقة علمية حديثة؟
ما هو الربو الشعبي؟
الربو الشعبي هو حالة التهابية مزمنة في الشعب الهوائية تؤدي إلى تضيقها وزيادة حساسيتها، مما يتسبب في صعوبة التنفس، وصوت الصفير عند الزفير، وضيق الصدر، والسعال المزمن. ويعتبر من الأمراض الشائعة في الطفولة، لكنه لا يقتصر على هذه الفئة العمرية فقط.
عودة الربو بعد الأربعين: هل هو أمر شائع؟
يقول الدكتور هشام سلامة، أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة القاهرة:
“الربو قد يظهر في أي سن، لكنه في بعض الأحيان يعود بقوة بعد الأربعين نتيجة تراكم العوامل البيئية والتغيرات المناعية مع التقدم في العمر.”
هذا الربو المتأخر يُعرف طبيًا بـ”Late-onset asthma”، وغالبًا ما يكون أشد من الشكل الطفولي، ويستجيب بصعوبة أكبر للعلاج، خاصة إذا ارتبط بعوامل بيئية أو أمراض مزمنة أخرى.
عوامل بيئية تعيد إشعال المرض
تشير الدكتورة نجلاء فوزي، استشارية أمراض الجهاز التنفسي بمستشفى الصدر بالعباسية إلى أن:
“التعرض طويل الأمد للملوثات الهوائية، كدخان السجائر، والغبار، والمواد الكيميائية في أماكن العمل، كلها تساهم في إعادة تحفيز خلايا الشعب الهوائية وإحداث التهاب مزمن.”
كما أن تلوث الهواء في المدن الكبرى، والمبيدات الحشرية المنزلية، وملوثات المطبخ (مثل بخار الزيت) تعتبر من الأسباب الخفية التي تسهم في تهيج الشعب الهوائية وإعادة ظهور الربو.
الفرق بين الربو الشعبي وحساسية الصدر
قد يخلط البعض بين الربو الشعبي وحساسية الصدر، لكن هناك فروق جوهرية.
- الربو الشعبي: حالة مزمنة تتضمن التهابات دائمة في الشعب الهوائية، وقد تظهر في أي عمر.
- حساسية الصدر: رد فعل مناعي على مهيجات معينة مثل الغبار أو حبوب اللقاح، وغالبًا ما تكون موسمية أو مرتبطة بمكان معين.
يقول الدكتور أحمد الرفاعي، أستاذ المناعة والربو بجامعة عين شمس:
“الربو الشعبي مرض مزمن يتطلب علاجًا طويل الأمد، بينما حساسية الصدر قد تكون مؤقتة وتتراجع مع الابتعاد عن المسبب.”
ما الذي يميز الربو المتأخر؟
- غالبًا ما يكون مصحوبًا بأعراض شديدة ومستمرة.
- لا يستجيب للعلاج بسرعة كما في الحالات الطفولية.
- يرتبط بزيادة في الوزن أو أمراض أخرى مثل الضغط أو السكري.
- أحيانًا يكون من الصعب تمييزه عن أمراض الرئة المزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
أسباب ظهور الربو بعد سن الأربعين
- السمنة: تؤثر على حركة الحجاب الحاجز وتزيد من الالتهابات بالجسم.
- العدوى التنفسية المتكررة: كالبرد والإنفلونزا، تؤثر على الشعب الهوائية.
- الارتجاع المعدي المريئي: أحد الأسباب الصامتة لتفاقم الربو.
- التغيرات الهرمونية: خاصة لدى النساء بعد انقطاع الطمث.
- الإجهاد المزمن والتوتر النفسي: يعزز الالتهاب بالجسم عمومًا.
طرق التشخيص الحديثة
- اختبار وظائف التنفس (Spirometry): لقياس قدرة الرئة.
- اختبار الحساسية: لمعرفة المهيجات البيئية.
- الأشعة المقطعية للرئة: لاستبعاد أمراض أخرى.
- فحص قياس أكسيد النيتريك في الزفير: لتحديد درجة الالتهاب في الشعب الهوائية.
خطة علاجية حديثة للربو بعد الأربعين
بحسب توصيات الجمعية الأوروبية لأمراض الصدر، فإن علاج الربو المتأخر يجب أن يكون متعدد الجوانب:
1. العلاج الدوائي
- الكورتيزون المستنشق: هو حجر الأساس لتقليل الالتهاب.
- موسعات الشعب الهوائية طويلة المفعول: لتسهيل التنفس.
- أدوية الحساسية (مضادات الهيستامين): للسيطرة على التحسس.
- العلاج البيولوجي: يستخدم في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج التقليدي، مثل دواء “دوبيليوماب” أو “ميفوليزوماب”.
2. تعديل نمط الحياة
- الإقلاع عن التدخين تمامًا.
- تقليل الوزن.
- ممارسة رياضة خفيفة كالمشي أو اليوغا.
- تقليل التعرض للمهيجات البيئية.
3. جلسات التثقيف الصحي
تقول الدكتورة رحاب الشناوي، أخصائية أمراض الصدر بمستشفى المعادي العسكري:
“المريض بحاجة إلى فهم حالته وتعلم كيفية استخدام البخاخات بالطريقة الصحيحة، ومعرفة متى يذهب للطوارئ.”
متى تستدعي الحالة التدخل الطبي الفوري؟
- إذا كان هناك صفير شديد في الصدر.
- صعوبة في الكلام أو المشي بسبب ضيق التنفس.
- زرقة في الشفاه أو الوجه.
- عدم استجابة الجسم للبخاخ المعتاد.
في هذه الحالات، يجب الذهاب فورًا إلى الطوارئ، حيث قد يحتاج المريض إلى جلسة أكسجين أو أدوية عبر الوريد.
نصائح طب توداي للوقاية من نوبات الربو المتأخرة
- احتفظ ببخاخ الإنقاذ معك دائمًا.
- خفف التعرض للغبار والعطور والمنظفات الكيميائية.
- احرص على تهوية المنزل جيدًا.
- تجنب الأماكن المزدحمة والمليئة بالدخان.
- استشر طبيبك فورًا إذا ظهرت أي أعراض غير معتادة.
هل الربو الشعبي يمكن السيطرة عليه بعد الأربعين؟
نعم، ولكن بشرط الالتزام بالخطة العلاجية والمتابعة المنتظمة مع الطبيب. بعض المرضى قد يحتاجون إلى تعديل العلاج بين الحين والآخر تبعًا لتغير الحالة أو وجود أمراض أخرى.
يؤكد الدكتور عمرو البحيري، أستاذ أمراض الصدر بكلية طب الأزهر أن:
“السيطرة على الربو المتأخر ممكنة بنسبة كبيرة، بشرط الاكتشاف المبكر والعلاج الدقيق والمستمر، وليس فقط استخدام الأدوية عند الأزمات.”
خاتمة
الربو الشعبي بعد الأربعين ليس مجرد “عودة” بسيطة لأعراض الطفولة، بل قد يكون بداية جديدة لحالة مزمنة تحتاج إلى وعي أكبر، وتشخيص دقيق، وعلاج متكامل. مع تقدم الطب، بات من الممكن السيطرة على الأعراض وتحسين جودة الحياة.
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط