قلبي في خطر؟ عندما تتحول الدهون والمعادن إلى صخور داخل الشرايين

كتبت منى عبد المنعم

هل من الممكن أن تتكلس الشرايين داخل أجسادنا بصمت، دون أي عرض ظاهر، بينما نمارس حياتنا اليومية؟ الإجابة الصادمة: نعم.
تكلس الشرايين هو حالة تتراكم فيها ترسبات الكالسيوم والدهون داخل جدران الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى فقدان مرونتها تدريجيًا وانسدادها مع مرور الوقت.
ما يجعل الأمر أكثر خطورة أن هذه الحالة غالبًا لا تُكتشف إلا بعد فوات الأوان، أو بعد حدوث نوبة قلبية أو جلطة.


ما هو تكلس الشرايين؟

تكلس الشرايين (Arterial Calcification) هو عملية تراكم بلورات الكالسيوم في الطبقة الداخلية أو الوسطى من جدران الشرايين، مما يؤدي إلى تصلّبها وفقدان مرونتها، وبالتالي ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.

يحدث التكلس عادة بسبب التقدم في السن، لكنه يتسارع في وجود عوامل خطر أخرى مثل:

  • ارتفاع الكوليسترول
  • ارتفاع ضغط الدم
  • مرض السكري
  • التدخين
  • أمراض الكلى المزمنة

الفرق بين تكلس الشرايين وتصلب الشرايين:

رغم التشابه، إلا أن هناك فروق دقيقة:

  • تكلس الشرايين: يعني وجود ترسبات الكالسيوم بشكل صلب داخل الجدران.
  • تصلب الشرايين: عملية أوسع تشمل ترسب الدهون والكوليسترول، وقد تكون مصحوبة بتكلس أو لا.

والتكلس يُعد مرحلة متقدمة من التصلب، مما يجعله مؤشرًا هامًا لخطورة الحالة.


لماذا يُطلق عليه “الصامت”؟

لأن التكلس يحدث تدريجيًا، دون أعراض مباشرة. الشخص قد لا يشعر بأي ألم أو إرهاق، بل يمارس حياته بشكل طبيعي، إلى أن يقل تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ، وتحدث كارثة مفاجئة.


كيف نكتشفه مبكرًا؟

1. تصوير الكالسيوم التاجي (Coronary Calcium Scan):

فحص باستخدام الأشعة المقطعية يُظهر مدى التكلس في شرايين القلب، ويُعطى فيه “مجموع نقاط التكلس” الذي يعكس خطورة الإصابة القلبية.

2. الأشعة السينية أو المقطعية لأماكن أخرى:

مثل الشريان الأورطي أو شرايين الرقبة.

3. تحاليل الدهون والسكر والضغط بشكل دوري

حتى لو لم تظهر أعراض، إلا أن تقييم عوامل الخطر يعطي مؤشرًا قويًا عن احتمالية وجود التكلس.


من الأكثر عرضة لتكلس الشرايين؟

  • من هم فوق سن 45 عامًا
  • مرضى السكري
  • مرضى الكلى المزمنة
  • من لديهم تاريخ عائلي لأمراض القلب
  • المدخنين
  • من يعانون من السمنة أو ارتفاع الكوليسترول
  • المصابون بأمراض المناعة الذاتية

المضاعفات المحتملة:

  • الذبحة الصدرية
  • احتشاء عضلة القلب (الجلطة القلبية)
  • فشل القلب
  • جلطة دماغية
  • تمدد أو تمزق الشريان الأورطي

هل يمكن عكس التكلس؟

الجواب الطبي الصريح: لا يمكن إزالة التكلس نفسه، لكنه يمكن إبطاء تطوره أو منعه من التفاقم.

العلاجات تهدف إلى:

  • تحسين مرونة الأوعية
  • تقليل الالتهاب
  • منع تراكم إضافي للكالسيوم

الخطوات العلاجية:

1. أدوية خفض الكوليسترول (الستاتين):

تقلل من ترسب الدهون وبالتالي من فرص استمرار التكلس.

2. أدوية الضغط والسكر:

للتحكم بالعوامل التي تعزز تدهور الشرايين.

3. أدوية مضادة للتجلط:

للوقاية من الجلطات الناتجة عن التكلسات.

4. تغيير نمط الحياة:

  • تقليل الدهون المشبعة
  • الإقلاع عن التدخين
  • ممارسة الرياضة بانتظام
  • خفض الوزن
  • تناول الخضروات الورقية والمصادر الغنية بفيتامين K2 الذي يقلل من ترسب الكالسيوم في الشرايين

علاجات واعدة قيد الدراسة:

  • استخدام مكملات فيتامين K2
  • مثبطات إنزيمات التكلس
  • دراسات على الخلايا الجذعية لإصلاح بطانة الشرايين
  • تقنيات النانو لتفتيت التكلسات

تجربة مريض:

“كنت بظن نفسي بصحة جيدة، لحد ما عملت أشعة مقطعية روتينية وظهر عندي تكلس بنسبة 80% في الشريان التاجي. الدكتور قالي: لو ما اكتشفناه دلوقتي، كان ممكن تجيني جلطة قريب!”


هل كل تكلس يستدعي القلق؟

ليس بالضرورة. بعض الأشخاص لديهم تكلسات بسيطة لا تسبب انسدادًا ملحوظًا، ويتم مراقبتهم فقط.
لكن الخطورة تكمن في التقدم التدريجي، ولهذا الوقاية والفحص المبكر أهم من العلاج.


خلاصة:

تكلس الشرايين أشبه بقنبلة موقوتة داخل الجسم، لا تظهر على الرادار إلا حين يقع الانفجار.
الفحص المبكر وتغيير نمط الحياة هما درعا الوقاية الأول. ولا تنتظر ظهور الأعراض… لأن الأعراض في كثير من الأحيان لا تظهر أبدًا حتى فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى