طنين الأذن المزمن: عرض نفسي أم مشكلة عصبية؟
كتبت رقية جمال

تخيل أن تسمع صفيرًا أو أزيزًا أو رنينًا في أذنك بشكل دائم… لا يتوقف، ولا يسمعه غيرك. هذا هو حال ملايين البشر ممن يعانون من طنين الأذن المزمن، أحد أكثر الأعراض المربكة في مجال الأنف والأذن والحنجرة.
ففي حين يربطه البعض بمشكلات في الأذن الداخلية، يراه آخرون عرضًا نفسيًا أو عصبيًا معقدًا. لكن الحقيقة أن الطنين قد يكون نتيجة تداخل بين أكثر من عامل، ما يجعل علاجه تحديًا طبيًا متعدد التخصصات.
ما هو طنين الأذن؟
طنين الأذن هو إحساس صوتي ذاتي يسمعه الشخص دون وجود مصدر خارجي حقيقي له. يمكن أن يكون الطنين مستمرًا أو متقطعًا، عاليًا أو منخفضًا، في أذن واحدة أو كلتيهما، وقد يصاحبه فقدان سمع جزئي أو دوار.
أنواع طنين الأذن:
- طنين ذاتي (Subjective Tinnitus):
أكثر الأنواع شيوعًا، لا يمكن سماعه إلا من قبل المريض نفسه، وغالبًا ما يكون مرتبطًا بمشكلة في العصب السمعي أو الدماغ. - طنين موضوعي (Objective Tinnitus):
نادر جدًا، ويمكن أن يسمعه الطبيب باستخدام السماعة الطبية، وغالبًا ما يكون سببه صوت ناتج عن تدفق الدم أو انقباض العضلات داخل الأذن.
أسباب الطنين المزمن:
- ضعف السمع الناتج عن التقدم في السن (Presbycusis)
- التعرض للضوضاء العالية لفترات طويلة
- تراكم شمع الأذن
- عدوى أو التهابات مزمنة بالأذن الوسطى أو الداخلية
- إصابات الرأس أو الرقبة
- مشكلات في مفصل الفك (TMJ)
- أورام العصب السمعي (نادرة)
- استخدام بعض الأدوية مثل الأسبرين أو مضادات الاكتئاب
- القلق والتوتر والاضطرابات النفسية
الجانب النفسي للطنين:
أظهرت دراسات أن القلق والاكتئاب يُمكن أن يزيدا من شدة إدراك الطنين.
بل إن بعض المرضى يُعانون من ما يُعرف بـ”الطنين النفسي”، حيث لا توجد أي مشكلة عضوية، بل يكون الصوت ناتجًا عن نشاط عصبي غير طبيعي في الدماغ نتيجة الضغط النفسي المزمن.
كيف يؤثر الطنين على جودة الحياة؟
- صعوبة في التركيز أو الاستغراق في النوم
- الإرهاق والصداع
- الشعور بالعزلة والانزعاج الاجتماعي
- الاكتئاب واضطراب القلق
- ضعف الأداء في العمل والدراسة
- حالات نادرة من التفكير الانتحاري بسبب الإحباط الشديد
كيف يتم التشخيص؟
- فحص الأذن الخارجي والداخلي
- اختبار السمع Audiometry
- تقييم الحالة النفسية
- أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي إذا كان هناك فقد سمع مفاجئ أو علامات عصبية
هل هناك علاج نهائي لطنين الأذن؟
لا يوجد علاج شافٍ في جميع الحالات، لكن هناك وسائل فعالة لتقليل حدّته والسيطرة عليه:
خطط العلاج المتاحة:
1. أجهزة توليد الصوت (Sound Generators):
تُصدر أصواتًا بيضاء أو موسيقى هادئة لتغطية الطنين.
2. العلاج السمعي Tinnitus Retraining Therapy (TRT):
يجمع بين استخدام الأصوات والإرشاد النفسي لإعادة تدريب الدماغ على تجاهل الطنين.
3. العلاج السلوكي المعرفي (CBT):
يُساعد المريض على التعامل مع مشاعره السلبية تجاه الطنين، مما يقلل من تأثيره.
4. أدوية مضادة للقلق أو الاكتئاب:
لا تعالج الطنين نفسه، لكنها تقلل من التوتر المرتبط به.
5. زراعة قوقعة إلكترونية:
في بعض حالات فقدان السمع الشديد، تُساعد هذه التقنية على تحسين السمع وتقليل إدراك الطنين.
دور نمط الحياة:
- تجنب الكافيين والنيكوتين
- النوم المنتظم والهادئ
- ممارسة التأمل وتمارين التنفس
- الابتعاد عن الضوضاء العالية
- استخدام تطبيقات “الصوت الأبيض” أثناء النوم
تجارب واقعية:
- “الطنين بدأ عندي بعد حادث صغير في الرأس، وفضل ملازمني سنين لحد ما بدأت جلسات CBT.”
- “كنت فاكر إني لوحدي، بس عرفت إن ملايين عندهم نفس المشكلة… مجرد الفكرة دي خففت عني كتير.”
- “أول ما بدأت أشتغل على تقليل التوتر اليومي… الطنين بقى أهدى بكتير.”
متى يجب زيارة الطبيب؟
- إذا استمر الطنين لأكثر من أسبوعين
- إذا صاحبه فقدان مفاجئ للسمع أو دوار
- إذا كان يؤثر على النوم والتركيز
- إذا كان في أذن واحدة فقط وازداد حدّته فجأة
خلاصة:
طنين الأذن المزمن ليس مجرد صوت مزعج، بل تحدٍ نفسي وعصبي يمكن أن يؤثر بعمق على جودة حياة الإنسان.
التعامل معه يبدأ من التشخيص الدقيق، ويستكمل بخطة علاج شاملة تشمل الطب والجوانب النفسية ونمط الحياة. المهم ألا تُهمل الطنين ولا تستسلم له، بل خذ بزمام المبادرة في فهمه ومواجهته.
🔴 حقوق النشر محفوظة لمنصة طب توداي
“طب توداي” هي المرجعية الطبية الأولى في مصر والمنطقة العربية، وتقدم محتوى صحي موثوق ومبني على الأدلة العلمية، بإشراف نخبة من الأطباء والاستشاريين.