د. وجيه فوزي حسن: الإفراط في اللحوم الحمراء: وجه آخر للوجبات الغنية والبداية لمتاعب صحية خطيرة
كتب محمد عبد الوهاب

في عالم تغزوه الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتينات، تتربع اللحوم الحمراء على عرش الأطباق الشهية والمحببة لكثير من الناس، سواء كانت مشوية على الفحم، أو مطهية في وجبة دسمة. ولكن، كما يقول المثل: “ما زاد عن حده انقلب إلى ضده”، والإفراط في تناول اللحوم الحمراء قد لا يكون مجرد رفاهية غذائية، بل بداية لانهيار صحي متدرج.
يستعرض لكم طب توداي في هذا التقرير أهم النصائح والتعليمات، مدعومة برأي الدكتور وجيه فوزي حسن أستاذ التخسيس والتغذية العلاجية والعلاج الطبيعي، حول تأثير الإفراط في تناول اللحوم الحمراء على الصحة العامة للجسم.
ما هي اللحوم الحمراء ولماذا يحبها الناس؟
اللحوم الحمراء تشمل لحم البقر والضأن والماعز ولحم العجل، وهي مصدر غني بالبروتين الحيواني، والحديد الهيم، والزنك، وفيتامين B12. ويرتبط تناولها بشعور بالشبع والنشاط، ولهذا تحظى بشعبية خاصة في الولائم والمناسبات.
لكن هل الفائدة الغذائية تغني عن مخاطر الإفراط؟ هذا ما سنعرفه لاحقًا.
د. وجيه فوزي حسن: “اللحم ليس عدواً… ولكن الإفراط هو العدو الأكبر”
في حوار خاص مع “طب توداي”، يقول الدكتور وجيه فوزي حسن:
“اللحوم الحمراء ليست مضرة بطبيعتها، ولكن المشكلة في الكمية، وطريقة الطهي، وتكرار الاستهلاك. الإفراط يجعل الجسم في حالة من التحميل الزائد بالبروتينات والدهون المشبعة، ما يؤدي لتراكم أعباء على أجهزة الجسم المختلفة.”
تأثير الإفراط في اللحوم الحمراء على القلب
من أكثر الأعضاء تضررًا بالقائمة الغنية باللحم هي القلب. فاللحوم الحمراء تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة التي ترفع مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.
ويحذر د. وجيه قائلاً:
“من يتناول اللحوم الحمراء يوميًا، يضاعف من خطر إصابته بأمراض القلب، خاصة إذا كانت مصحوبة بعوامل أخرى مثل قلة الحركة أو التدخين أو التوتر المستمر.”
ماذا عن القولون؟ هل اللحم يؤذيه أيضًا؟
أشارت العديد من الدراسات إلى علاقة بين الإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء وسرطان القولون والمستقيم. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى مركبات مثل النيتروزامين الناتجة عن طهي اللحم بدرجات حرارة عالية، أو حفظه بمواد كيميائية.
ويضيف د. وجيه:
“اللحوم المعالجة مثل النقانق والسجق واللانشون أكثر خطورة على الجهاز الهضمي من اللحوم الطازجة، ويُفضَّل التقليل منها أو تجنبها تمامًا.”
الكلى… الضحية الصامتة
تُجبر الكلى على العمل بجهد مضاعف للتخلص من نواتج النيتروجين الناتجة عن تكسير البروتين الحيواني. ويزيد ذلك من فرص الإصابة بالفشل الكلوي، خاصةً لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي أو بداية لمشكلات في الكلى.
ويعلق د. وجيه بقوله:
“البروتين مهم، لكن زيادته ترهق الجسم. لا يجب أن نغفل أن الكلى تتأثر بالصمت، وغالبًا ما تظهر أعراض التدهور في مراحل متقدمة.”
اللحوم الحمراء والتهاب المفاصل
من المفارقات أن الإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التهابات المفاصل، خاصة عند كبار السن، بسبب زيادة حمض اليوريك الناتج عن هضم البروتينات. هذا الحمض يمكن أن يتراكم في المفاصل ويسبب النقرس، وهو أحد أشكال التهاب المفاصل المؤلم.
السمنة: بين الإفراط في البروتين وسوء التمثيل الغذائي
تحتوي اللحوم الحمراء على سعرات حرارية عالية، خاصة عند طهيها بطرق مثل القلي أو الشواء مع دهون. الاستهلاك اليومي يؤدي إلى تخزين الدهون في الجسم، ويُساهم بشكل مباشر في زيادة الوزن والإصابة بالسمنة، خصوصًا عند غياب التوازن مع النشاط البدني.
اللحوم والدماغ: علاقة معقدة
ربطت بعض الدراسات الحديثة بين الإفراط في تناول اللحوم الحمراء وزيادة فرص التدهور المعرفي، والإصابة بألزهايمر لاحقًا. ويُرجح أن السبب في ذلك يرجع إلى الدهون المشبعة وتأثيرها على تدفق الدم إلى الدماغ، وضعف التروية المزمنة.
ما الكمية الصحية المسموح بها من اللحوم الحمراء؟
يوصي د. وجيه فوزي حسن بالتالي:
- لا تتجاوز الكمية الأسبوعية من اللحوم الحمراء 350-500 جرام فقط للشخص البالغ.
- يفضل تناولها مشوية أو مسلوقة بدون دهون مضافة.
- من المهم تنويع مصادر البروتين مثل الأسماك، الدواجن، البقوليات، والبيض.
بدائل صحية للحوم الحمراء
إذا كنت من محبي اللحم، ففكر بهذه البدائل الصحية:
- العدس والفاصوليا: غنيان بالبروتين والألياف.
- الدجاج والسمك: مصادر بروتين أخف دهونًا.
- البيض: بروتين متوازن وآمن للاستهلاك اليومي باعتدال.
- المشروم (عيش الغراب): بديل نباتي ممتاز من حيث المذاق والقوام.
نصائح طب توداي لتقليل ضرر اللحوم الحمراء
- لا تتناول اللحوم الحمراء أكثر من مرتين أسبوعيًا.
- اختر القطع الخالية من الدهون الظاهرة.
- قلل أو تجنب اللحوم المصنعة تمامًا.
- لا تطهُ اللحم على نار عالية أو بالفحم بشكل متكرر.
- تناول بجانبها الكثير من الخضروات الغنية بالألياف.
- شرب الماء بكميات كافية لتقليل العبء على الكلى.
- مارِس الرياضة بانتظام لتعزيز الحرق وتحسين التمثيل الغذائي.
خلاصة القول: التوازن هو المفتاح
اللحوم الحمراء ليست عدوًا للصحة إذا تم استهلاكها باعتدال، واختيار طرق طهي صحية، وتوازنها مع نمط حياة نشط وغذاء غني بالألياف. كما يؤكد د. وجيه فوزي حسن:
“التغذية ليست حرمانًا، بل اختيار ذكي. تناول كل شيء، ولكن باعتدال، وبما يناسب طبيعة جسمك واحتياجاتك الصحية.”