د. أحمد عبد الله عمار: خفقان القلب ليس دائمًا بريئًا: دليل شامل للتشخيص والفحص
كتبت محمد عماد

يشعر الكثيرون بخفقان مفاجئ في القلب وكأن القلب يتسابق أو يتوقف لثوانٍ، وتبدأ التساؤلات والقلق: هل هذا مجرد توتر عابر؟ أم أن هناك مشكلة قلبية خطيرة؟ الحقيقة أن الخفقان قد يكون عرضًا بسيطًا لا يدعو للقلق، لكنه أحيانًا يكون جرس إنذار لحالة قلبية تستوجب التدخل العاجل. في هذا التقرير، نستعرض أسباب خفقان القلب المفاجئ، ونوضح الفرق بين الأسباب الحميدة وتلك التي تتطلب تدخلًا طبيًا، مع آراء أطباء متخصصين، ونصائح للكشف المبكر والعلاج.
ما هو خفقان القلب؟
يُعرّف خفقان القلب بأنه الشعور بزيادة أو اضطراب في نبضات القلب، وقد يُوصف وكأنه “رفرفة”، أو “دقات غير منتظمة”، أو حتى “توقف ثم تسارع”. قد يحدث الخفقان في حالات الراحة، أو أثناء التوتر، أو عند الاستلقاء للنوم، ويستمر من ثوانٍ إلى دقائق.
أسباب خفقان القلب: بين العابر والخطير
يوضح د. أحمد عبد الله عمار، استشاري أمراض القلب في مستشفى قصر العيني، أن “الخفقان لا يعني دائمًا وجود مرض قلبي، بل أحيانًا يكون رد فعل فسيولوجي طبيعي للجسم نتيجة الإجهاد أو القلق أو الكافيين الزائد”.
أسباب غير خطيرة:
- القلق والتوتر العصبي
- تناول كميات كبيرة من الكافيين
- الإجهاد البدني
- الحمى
- التغيرات الهرمونية (خاصة لدى النساء في سن البلوغ أو الحمل أو انقطاع الطمث)
أسباب تستدعي القلق:
- اضطراب في نظم القلب (مثل الرجفان الأذيني أو التسارع البطيني)
- قصور في عضلة القلب
- أمراض الشرايين التاجية
- خلل في توازن الأملاح أو الغدة الدرقية
- الآثار الجانبية لبعض الأدوية (مثل موسعات الشعب أو أدوية الربو)
خفقان القلب أم نوبة هلع؟ كيف نفرّق؟
تشير د. نهى سعد الدين، أخصائية القلب بمستشفى دار الفؤاد، إلى أن “التمييز بين خفقان ناتج عن نوبة هلع وخفقان ناتج عن مرض قلبي يتم غالبًا من خلال تحليل الأعراض المصاحبة”. وتوضح:
نوبة الهلع:
- خفقان مفاجئ مع تنفس سريع
- شعور بالاختناق أو الدوخة
- تعرّق شديد
- رهبة شديدة بدون سبب واضح
- يختفي في أقل من 30 دقيقة
الخفقان القلبي العضوي:
- يحدث في أوقات الراحة أو أثناء النوم
- يرافقه ألم في الصدر أو ضيق نفس
- لا يختفي بسهولة
- يمكن أن يؤدي إلى إغماء أو شعور بعدم انتظام النبض عند لمسه
متى يجب زيارة طبيب القلب فورًا؟
يشدد د. ماهر عبد اللطيف، استشاري أمراض القلب والقسطرة، على أن “أي خفقان يصاحبه دوخة، أو فقدان وعي، أو ألم في الصدر، أو صعوبة في التنفس، يستوجب الذهاب الفوري للطوارئ”.
علامات الخطر:
- خفقان مستمر لأكثر من 10 دقائق
- خفقان يتكرر يوميًا بدون سبب واضح
- خفقان بعد مجهود بسيط
- شعور بعدم انتظام النبض
- التاريخ العائلي لأمراض القلب أو الموت المفاجئ
الفحوصات التي يطلبها الطبيب لتشخيص الحالة
عند زيارة الطبيب، يبدأ التشخيص بالسيرة المرضية والفحص السريري، ثم تُطلب الفحوصات التالية حسب الحاجة:
- رسم القلب الكهربائي (ECG): لقياس النشاط الكهربائي للقلب
- رسم القلب بالمجهود: لمعرفة مدى تأثير النشاط البدني على النبض
- هولتر مونيتور: جهاز يُرتدى 24-48 ساعة لتسجيل النبض على مدار اليوم
- موجات صوتية للقلب (Echo): لفحص عضلة القلب وصماماته
- تحليل الغدة الدرقية ومستويات البوتاسيوم والماغنسيوم
كيف يمكن تقليل خطر الخفقان؟ نصائح طب توداي
تشير د. مها توفيق، أستاذة أمراض القلب بكلية الطب جامعة عين شمس، إلى أن “التدخل المبكر ونمط الحياة الصحي هما خط الدفاع الأول ضد مشاكل القلب”. وتنصح:
- تقليل تناول الكافيين والمشروبات الغازية
- ممارسة الرياضة المعتدلة بانتظام
- النوم الجيد لمدة 7-8 ساعات
- الابتعاد عن التوتر والضغوط النفسية
- الإقلاع عن التدخين
- الفحص الدوري للقلب إذا كان هناك تاريخ عائلي أو أعراض مستمرة
العلاج: بين الأدوية والإجراءات الطبية
العلاج يختلف حسب السبب، لكن يشمل الخيارات التالية:
1. إذا كان السبب نفسيًا أو عابرًا:
- لا حاجة للعلاج الدوائي غالبًا
- يُنصح بجلسات الاسترخاء والعلاج السلوكي
2. إذا ثبت وجود اضطراب في نظم القلب:
- أدوية منظمة للنبض (مثل البيتا بلوكر)
- استخدام منظم نبض (Pacemaker) في بعض الحالات
- القسطرة الكهربائية (Ablation) لعزل مناطق الخلل الكهربي
- علاج الأسباب الكامنة (مثل قصور الغدة الدرقية أو فقر الدم)
الخلاصة: راقب قلبك، لكن لا تُبالغ في الخوف
الخفقان المفاجئ ليس دائمًا علامة على مرض خطير، لكنه كذلك ليس عرضًا يجب تجاهله تمامًا. من المهم الاستماع للجسم، ومراقبة الأعراض المصاحبة، وزيارة الطبيب عند الشك. الفحص المبكر يمكنه إنقاذ حياة، وتحسين جودة الحياة، وتجنب مضاعفات خطيرة مثل الجلطات أو توقف القلب.
منصة “طب توداي”: المرجعية الطبية الأولى للعرب في مصر والشرق الأوسط
في طب توداي، نحرص على تبسيط المعلومة الطبية بدقة وموثوقية، من خلال آراء أطباء متخصصين، وأحدث الدراسات، ونصائح عملية لحياة صحية آمنة.