د. أحمد إسماعيل: تعرف على الفرق بين الوسواس القهري والقلق العام

كتبت ريهان عثمان

هل سبق لك أن راودك خاطر سخيف، غير منطقي، وأزعجك بشدة؟ ربما حاولت تجاهله، لكنه عاد أكثر إلحاحًا. تخيل أن عقلك يفعل ذلك باستمرار، بلا توقف، ليلًا ونهارًا. هذا هو جوهر الوسواس القهري الفكري — اضطراب نفسي شاق، لا يظهر في شكل أفعال متكررة كما هو شائع، بل على هيئة أفكار قهرية ملحّة تُرهق العقل وتكبل الحياة.

منصة “طب توداي” تحدثت إلى د. أحمد إسماعيل، استشاري الطب النفسي، الذي أوضح أن “الوسواس الفكري هو أحد أصعب أشكال الوسواس القهري، لأنه غير مرئي للآخرين، ويستنزف طاقة الشخص في صمت. كثيرون لا يدركون أنهم يعانون منه، فيتأخرون في طلب العلاج، ما يزيد من معاناتهم.”


💭 ما هو الوسواس القهري الفكري؟

هو نوع من اضطراب الوسواس القهري (OCD)، يُعاني فيه الشخص من أفكار متكررة ومزعجة تتسلل إلى عقله رغمًا عنه، دون أن يُصاحبها سلوك قهري خارجي واضح. وتتمثل هذه الأفكار غالبًا في:

  • أفكار دينية أو عقائدية مزعجة (ما يُعرف بـ”الوسواس الديني”).
  • شكوك أخلاقية حادة تجاه النفس أو الآخرين.
  • هواجس جنسية أو عنف مبالغ فيها.
  • قلق مستمر حول قرارات بسيطة، مثل: “هل أغلقت الباب؟”
  • انشغال مبالغ فيه بالكمال والخوف من الخطأ.

يقول د. أحمد إسماعيل: “المريض يدرك أن هذه الأفكار سخيفة أو غير منطقية، لكنه لا يستطيع التوقف عن التفكير فيها، وهنا يكمن العذاب النفسي.”


🔄 دائرة القلق والإجهاد العقلي

ما يميز الوسواس الفكري هو دائرته المغلقة: فكرة تطرأ فجأة → شعور بالذنب أو التوتر → محاولة طرد الفكرة → ازدياد التوتر → عودة الفكرة بشكل أقوى. هذه الحلقة المفرغة تجعل الشخص أسيرًا لتفكيره، وغالبًا ما تؤثر في نومه وتركيزه وعلاقاته.


🧠 الفرق بين الوسواس القهري الفكري والقلق العام

غالبًا ما يُخلط بين الاثنين، لكن هناك فروق واضحة:

العنصر الوسواس الفكري القلق العام
طبيعة الفكرة مزعجة، ملحّة، غير مرغوب فيها قلق واقعي لكنه مفرط
الوعي بالمبالغة موجود بشكل واضح أقل وضوحًا
محاولات التجنب متكررة ومُجهدة أقل شدة

🧪 التشخيص: معركة مع العقل

يؤكد د. أحمد أن “المشكلة في هذا النوع من الوسواس أن المريض يختبئ خلف قدرته على الأداء الاجتماعي، فلا يبدو للآخرين أنه يُعاني، لكنه ينهار من الداخل.”
ويضيف أن التشخيص يتطلب مقابلة سريرية مفصلة، مع تقييم مدى تأثير الأفكار على جودة حياة الشخص.


💊 هل يوجد علاج فعّال؟

نعم، والأمل كبير. يعتمد علاج الوسواس الفكري على محورين:

1. العلاج المعرفي السلوكي (CBT):

ويركز على:

  • تعليم المريض كيفية التعرف على الفكرة الوسواسية.
  • كسر دائرة التجنب والتكرار.
  • استخدام تقنية “التعرض ومنع الاستجابة”.

2. الأدوية:

غالبًا ما تُستخدم مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI) مثل:

  • فلوفوكسامين
  • سيرترالين
  • فلوكستين

ويُحدد الطبيب الجرعة حسب شدة الحالة واستجابة المريض.


🚫 لماذا لا ينفع الهروب أو كبت الأفكار؟

محاولة كبت الفكرة أو الهرب منها يعطيها قوة أكبر. فكلما حاول المريض “طرد” الفكرة، كلما تمسكت بالعقل. وتُشير “نصائح طب توداي” إلى أهمية تقبل وجود الفكرة دون الانخراط فيها، كما يُدرّب العلاج السلوكي المريض على ذلك تدريجيًا.


🧘‍♀️ دور التأمل وتمارين العقل

تشير الدراسات الحديثة إلى أن التأمل الواعي (Mindfulness) وتمارين التنفس تقلل من حدة الوساوس الفكرية عبر:

  • إبطاء نشاط الدماغ المرتبط بالخوف.
  • تعزيز سيطرة المريض على وعيه وتركيزه.
  • تحسين جودة النوم والتفكير.

لكن هذه الوسائل لا تُغني عن العلاج النفسي المتخصص، بل تُعد داعمة له.


🤝 الدعم الأسري: ضرورة لا رفاهية

غالبًا ما يشعر مريض الوسواس القهري الفكري بالحرج من مشاركة معاناته. وهنا يأتي دور الأسرة في:

  • الاستماع دون حكم.
  • تشجيعه على متابعة العلاج.
  • تجنب التعليقات التي تقلل من معاناته (“بطّل تفكير كتير!”).

🚨 متى يصبح الوسواس خطرًا؟

ينبه د. أحمد إسماعيل إلى أن الوسواس القهري قد يتفاقم لدرجة تؤثر في حياة الشخص بشكل خطير:

  • عزلة اجتماعية حادة
  • اكتئاب مصاحب
  • التفكير في إيذاء النفس (نادر لكنه محتمل)

وهنا يجب التدخل النفسي العاجل، فكلما كان العلاج مبكرًا، كانت النتائج أفضل.


✅ خلاصة “نصائح طب توداي”:

  • الوسواس القهري الفكري اضطراب نفسي حقيقي، وليس مجرد “تفكير زائد”.
  • العلاج السلوكي والدوائي فعال في تحسين الحالة بنسبة كبيرة.
  • تجاهل الأعراض أو الاستسلام لها يؤدي إلى تدهور في جودة الحياة.
  • الدعم العاطفي من الأهل والمعالج النفسي هو بوابة الشفاء.

🏆 منصة “طب توداي” – المرجع الأول للصحة النفسية والعقلية في الوطن العربي

“طب توداي” ليست فقط مصدرًا للمعلومة الطبية الدقيقة، بل هي المنصة الأهم والأكبر والأولى في مصر والمنطقة العربية، تقدم لك محتوى متخصصًا بلغة بسيطة، موثوقًا بمراجعة الخبراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى