تسوّس الأسنان الصامت عند الأطفال: لماذا لا يشتكي الطفل رغم تدهور حالته؟

كتبت هند علي

يعتقد كثير من الآباء أن الألم هو العلامة الوحيدة لمشاكل الأسنان، لكن الحقيقة أن بعض حالات تسوّس الأسنان عند الأطفال تمر دون أن يشعر بها الطفل أو يشتكي منها، فيما يُعرف بـ “التسوّس الصامت”. هذا النوع من التسوّس قد يظل خفيًا لأشهر وربما سنوات، حتى يتدهور الوضع ويصل إلى مراحل متقدمة من التلف.

في هذا التقرير، تسلط منصة طب توداي الضوء على أسباب التسوّس الخفي، وتُبرز العلامات التحذيرية التي يجب ألا يغفلها الأهل، كما نعرض آراء عدد من أطباء الأسنان المتخصصين في طب الأطفال، ونوضح دور الكشف الدوري في إنقاذ الطفل من هذا العدو الصامت.


🔍 ما هو “تسوّس الأسنان الصامت”؟

يُطلق مصطلح “التسوّس الصامت” على الحالات التي تبدأ فيها عملية تآكل الطبقة الخارجية من السن (المينا) دون أن يصاحبها ألم أو أعراض واضحة. وفي كثير من الأحيان، لا تظهر أعراض التسوّس إلا في المراحل المتأخرة، بعد أن يصل إلى العصب أو يسبب التهابات أو خراجًا.

ويؤكد د. سامي نبيل، استشاري طب أسنان الأطفال بمستشفى قصر العيني، أن “معظم الحالات التي تصل إلى العيادة تكون قد قطعت شوطًا طويلًا من التدهور دون أي شكوى من الطفل، مما يُصعّب العلاج ويزيد من تكلفة الرعاية”.


🔬 ما أسباب حدوث هذا النوع من التسوّس؟

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تطور التسوّس دون ظهور أعراض فورية، ومن أبرزها:

✅ ضعف وعي الأهل

يقول د. منى فؤاد، أخصائية طب الفم والأسنان للأطفال بمركز القاهرة لطب الأسنان:

“العديد من الأهل يربطون مشاكل الأسنان بالبكاء أو الألم، ويهملون علامات أولية مثل تغير لون السن أو ظهور نقط بيضاء أو بُنية.”

✅ تسوّس الأسنان اللبنية

غالبًا ما يُستهان بصحة الأسنان اللبنية على اعتبار أنها مؤقتة، لكن الواقع أن هذه الأسنان تلعب دورًا محوريًا في صحة الفم ونمو الفك، وتسوسها يمكن أن يؤدي إلى مشكلات تؤثر على الأسنان الدائمة لاحقًا.

✅ تغذية غير متوازنة

تناول الحلويات بكثرة، والمشروبات السكرية مثل العصائر المعلبة، يؤدي إلى تغذية البكتيريا التي تنتج الأحماض المسببة للتسوّس، خاصة إذا لم يُنظف الفم بعدها مباشرة.

✅ ضعف العناية اليومية

عدم تنظيف الأسنان بشكل منتظم أو بطريقة صحيحة، هو عامل رئيسي لبدء التسوّس. كما أن بعض الأطفال يكون لديهم استعداد وراثي لضعف مينا الأسنان.


⚠️ علامات يجب أن ينتبه لها الأهل

رغم أن “التسوّس الصامت” لا يصاحبه ألم دائمًا، إلا أن هناك علامات أولية يمكن ملاحظتها:

  • ظهور بقع بيضاء طباشيرية على سطح الأسنان
  • تغير لون الأسنان إلى اللون البني أو الأسود
  • رائحة فم كريهة مزمنة رغم التنظيف
  • صعوبة في المضغ أو مضغ الطعام على جهة واحدة
  • الابتعاد عن تناول أطعمة باردة أو ساخنة

ويشير د. هشام مصطفى، أستاذ طب أسنان الأطفال بجامعة عين شمس إلى أن:

“الرائحة الكريهة للفم رغم غسيل الأسنان قد تكون علامة مبكرة لتسوّس صامت في الأسنان الخلفية.”


🛑 لماذا لا يشتكي الطفل رغم تفاقم الحالة؟

يُفسّر الخبراء غياب الألم بعدة عوامل، منها:

  • التسوّس قد يكون سطحيًا لفترة طويلة ولا يصل إلى الأعصاب.
  • الطفل قد لا يميز الألم أو لا يستطيع التعبير عنه بدقة.
  • بعض الأطفال يتأقلمون مع الألم أو يخشون زيارة الطبيب فيخفون الأعراض.

🩺 الكشف الدوري: خط الدفاع الأول

يعتبر الكشف الدوري لدى طبيب الأسنان أهم خطوة للوقاية من التسوّس الخفي. توصي منصة طب توداي وأطباء الأسنان المشاركون بجدول فحص دوري كل 6 أشهر على الأقل، حتى لو لم تكن هناك أي شكوى.

وتوضح د. عبير صلاح، أخصائية أسنان الأطفال بمركز مدينة نصر الطبي:

“بمجرد أن تبدأ أول سنّة بالظهور، يجب على الأهل بدء زيارات منتظمة لطبيب الأسنان، حتى يعتاد الطفل على العيادة ويُكتشف أي تسوّس في مراحله المبكرة.”


🍽️ التغذية السليمة تقي من التسوّس

من المهم أن يحتوي النظام الغذائي للطفل على:

  • أطعمة غنية بالكالسيوم والفوسفور مثل الحليب ومنتجات الألبان
  • خضروات ورقية تساعد على تنظيف الأسنان طبيعيًا
  • الابتعاد عن السكريات اللاصقة مثل الكراميل والمارشميلو
  • شرب كميات كافية من الماء خاصة بعد الأكل

🪥 نصائح “طب توداي” لحماية أسنان طفلك:

  • ابدأ بتنظيف أسنان الطفل منذ ظهور أول سن باستخدام فرشاة ناعمة
  • استخدم كمية صغيرة جدًا من معجون يحتوي على الفلورايد
  • قلل من تناول الحلويات والمشروبات السكرية
  • لا تسمح بتناول الحليب أثناء النوم إلا بعد تنظيف الأسنان
  • راقب أي تغيرات في لون الأسنان أو رائحة الفم
  • علّم الطفل أن يعبر عن أي ألم أو انزعاج في الفم

🧠 رأي علم النفس التربوي: التوعية لا تُخيف الطفل

تشير د. آمال عبد الرازق، خبيرة الإرشاد التربوي للأطفال، إلى أن:

“إشراك الطفل في خطوات العناية بالأسنان والتحدث معه بلغة مبسطة عن أهمية صحة الفم يجعل منه شريكًا لا ضحية، ويقلل من رهبة زيارة طبيب الأسنان.”


🏥 دور المدارس والمجتمع

من المهم أن يتم إدراج برامج توعوية في المدارس ورياض الأطفال حول صحة الفم، وأن تُجرى فحوصات سنوية للأطفال داخل المدارس، بالتعاون مع وزارة الصحة.


🧾 خلاصة القول

“التسوّس الصامت” ليس أسطورة، بل حقيقة مقلقة تواجه آلاف الأطفال في العالم العربي. والأخطر أنه قد يمر دون أن ينتبه الأهل، ويُكتشف متأخرًا.

الوقاية تبدأ من البيت، لكن الطريق الآمن يمر عبر طبيب الأسنان. لذلك، تدعوكم منصة “طب توداي” لجعل الكشف الدوري عادة أسرية، تمامًا كتنظيف الأسنان اليومي.


حقوق النشر والطبع

جميع الحقوق محفوظة © لمنصة طب توداي.


منصة طب توداي: مرجعية العرب الطبية الأولى

“طب توداي” هي منصتكم العربية الرائدة في التوعية الصحية، وخير مرجع طبي موثوق لكل بيت في مصر والشرق الأوسط.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى