“اللجلجة عند الأطفال”: متى تتحول لمشكلة مزمنة تحتاج لعلاج؟

كتبت رباب وهبة

في مرحلة ما بين عمر 3 إلى 5 سنوات، قد يبدأ الطفل في إعادة بعض المقاطع أو الكلمات أثناء الحديث، أو يتردد عند بدء الكلام، فيبدو كأن لسانه لا يطاوعه. هذا ما يُعرف بـ”اللجلجة” أو ما يسميه البعض بـ”التأتأة الطفولية المؤقتة”. لكن هل هي أمر طبيعي في هذه السن؟ أم أنها علامة تحذيرية على بداية اضطراب “التلعثم المزمن” الذي قد يؤثر على ثقة الطفل بنفسه وقدرته على التواصل لاحقًا؟

في هذا التقرير، نستعرض معكم الفرق بين اللجلجة الطبيعية والتلعثم المرضي، ونوضح متى يكون الوضع مطمئنًا ومتى يستدعي استشارة مختص تخاطب، مع تقديم نصائح عملية من طب توداي للتعامل الصحيح مع الطفل في هذه المرحلة الحساسة.


ما الفرق بين اللجلجة والتلعثم؟

اللجلجة عند الأطفال هي ظاهرة شائعة تحدث غالبًا خلال اكتسابهم مهارات اللغة والنطق. وتتمثل في:

  • تكرار مقاطع أو كلمات قصيرة (مثال: ماما، ماما، ماما جاية؟)
  • التردد أو التوقف المؤقت أثناء الكلام
  • استخدام أصوات تعبّر عن الصعوبة (مثل: “آآآه” أو “أممم”)

بينما التلعثم هو اضطراب نطقي مزمن يتميز بـ:

  • تكرار الحروف أو الأصوات بشكل متكرر دون تحكم
  • إطالة بعض الأصوات أثناء النطق
  • توقفات فجائية تمنع الطفل من إخراج الكلمات

والأهم أن اللجلجة غالبًا ما تكون مؤقتة وتختفي مع تقدم الطفل في العمر، بينما التلعثم قد يستمر ويؤثر على التفاعل الاجتماعي والتحصيل الدراسي.


متى تبدأ اللجلجة في الظهور؟

تبدأ اللجلجة عادةً بين عمر 2 إلى 5 سنوات، وهي الفترة التي يتعلم فيها الطفل استخدام اللغة بكثافة. وقد تظهر فجأة بعد تطور لغوي جيد، مما يُربك الأهل. وتُقدَّر الدراسات أن حوالي 5% من الأطفال يمرون بفترة لجلجة، لكن حوالي 1% فقط قد يُصابون بالتلعثم المزمن.


هل هي طبيعية؟ المؤشرات التي تطمئنك

من علامات أن اللجلجة طبيعية:

  • ظهورها بشكل متقطع وليس يوميًا
  • لا يشعر الطفل بالحرج أو الانزعاج منها
  • لا يتهرب من الكلام أو المشاركة
  • يستمر في تطوير مفرداته بشكل جيد

في هذه الحالة، يكون الأفضل مراقبة الحالة دون تدخل فوري، لأن الضغط الزائد قد يزيد الأمر سوءًا.


متى تقلق؟ مؤشرات التلعثم المرضي

هناك بعض المؤشرات التي تدعو للقلق وتستدعي تدخل مختص تخاطب:

  • استمرار اللجلجة لأكثر من 6 أشهر دون تحسن
  • وجود تاريخ عائلي للتلعثم
  • بدء الطفل في تجنب الكلام أو الإحساس بالخجل
  • ظهور علامات توتر جسدي أثناء الكلام (كشد عضلات الوجه أو رمش العين)
  • تصاعد حدة التلعثم بمرور الوقت

في هذه الحالات، يكون من الضروري عدم التأخر في استشارة مختص تخاطب معتمد.


ما الذي يسبب اللجلجة أو التلعثم؟

لا يوجد سبب واحد معروف، لكن العلماء يشيرون إلى مجموعة من العوامل:

  • نمو عصبي غير متوازن مؤقتًا لدى الأطفال الصغار
  • الضغط النفسي أو التوتر داخل الأسرة
  • الوراثة: إذا كان أحد الوالدين أو أفراد العائلة لديه تاريخ تلعثم
  • سرعة التطور اللغوي التي تتجاوز قدرة الطفل على التعبير اللفظي

وهنا تظهر أهمية التفرقة بين السبب المؤقت والمزمن، من خلال التقييم المبكر.


دور الأسرة في دعم الطفل

في حالات اللجلجة المؤقتة، الدور الأسري هو العامل الأهم في تحسن الطفل. ومن النصائح العملية:

  • لا تُكمل الجملة بدلًا من الطفل
  • استمع بصبر دون تعليق على تلعثمه
  • امنح طفلك وقتًا كافيًا للتحدث دون استعجال
  • قلل من الأسئلة الكثيرة التي تتطلب إجابات طويلة
  • استخدم جملًا قصيرة وبسيطة عند الحديث معه
  • أوجد بيئة هادئة خالية من التوتر أو التنافس في الحديث
  • امدح المحاولات الناجحة دون التركيز على الأخطاء

نصائح طب توداي تؤكد أن دعم الطفل نفسيًا أهم من تصحيح طريقته في الكلام.


هل جلسات التخاطب ضرورية دائمًا؟

ليست كل حالة لجلجة تحتاج إلى جلسات علاج نطقي، لكن إذا ظهرت المؤشرات السابقة، فإن جلسات التخاطب تُعد أداة فعالة جدًا لتحسين النطق وتعزيز الثقة بالنفس.

يتم خلال هذه الجلسات:

  • تقييم شامل للحالة النطقية واللغوية
  • تعليم الطفل تقنيات التنفس والتحدث السلس
  • تدريب الطفل على التحكم في الحروف الصعبة
  • دعم نفسي للطفل والأسرة للتعامل مع التوتر

ويُنصح دائمًا بالبدء المبكر كلما كان التلعثم في بدايته.


دور المدرسة والمعلمين

غالبًا ما تتفاقم مشكلة التلعثم في البيئة المدرسية إذا لم يكن هناك وعي كافٍ. لذا على المعلمين:

  • عدم إحراج الطفل أمام زملائه
  • منحه وقتًا إضافيًا للإجابة
  • التعاون مع الأهل وأخصائي التخاطب

وجود دعم من البيئة التعليمية يساعد الطفل على اكتساب الثقة وتحقيق تطور سريع في النطق.


هل يمكن أن يختفي التلعثم تمامًا؟

نعم، في كثير من الحالات تختفي اللجلجة تلقائيًا. أما التلعثم المزمن، فيمكن تحسينه بدرجة كبيرة، بل والتغلب عليه تمامًا، إذا تم التدخل المبكر وتوفير الدعم الأسري والمعرفي.

بحسب مؤسسة طب توداي، فإن نسبة الشفاء التام في حال اكتشاف التلعثم مبكرًا قد تصل إلى 80%، وهو ما يؤكد أهمية عدم تجاهل علامات التلعثم الأولى.


خاتمة: لا تقلق، بل راقب وادعم

إن اللجلجة عند الأطفال ليست بالضرورة مؤشر خطر، بل قد تكون جزءًا طبيعيًا من مراحل تعلم الكلام. المهم هو الملاحظة الواعية والدعم الإيجابي من الأسرة، ومعرفة متى يجب التدخل من مختص.

تابعوا دائمًا أحدث النصائح العلمية من موقع طب توداي، وشاركونا استفساراتكم حول التخاطب والنطق وطرق دعم نمو الطفل بطريقة صحية وسليمة.


 

#طب_توداي
تابعوا دائمًا تقارير #طب_توداي الحصرية لمزيد من النصائح العلمية والصحية لأطفالكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى