القولون العصبي: اضطراب نفسي أم مرض عضوي؟ طب توداي يكشف الحقيقة الكاملة

كتبت - سلوى متولي

القولون العصبي، أو ما يُعرف علميًا بـ”متلازمة القولون المتهيج (IBS)”، من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا في العالم، ويُعاني منه الملايين من الناس بدرجات متفاوتة. لكن ما زال السؤال الذي يشغل الكثيرين: هل القولون العصبي مرض نفسي ناتج عن القلق والتوتر؟ أم هو مرض عضوي ناتج عن اضطراب فعلي في الجهاز الهضمي؟
في هذا التقرير، يستعرض لكم طب توداي أهم النصائح وأهم التفسيرات العلمية حول هذا الاضطراب، ليكشف هل هو فعلاً نفسي أم عضوي، وكيفية التعامل معه بفعالية لتقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة.


أولاً: ما هو القولون العصبي؟

القولون العصبي هو اضطراب وظيفي يصيب الأمعاء الغليظة، ويؤدي إلى مجموعة من الأعراض المزعجة مثل: الانتفاخ، الإسهال، الإمساك، تقلصات المعدة، الغازات، وأحيانًا شعور بعدم الراحة بعد تناول الطعام.
لكن الغريب في الأمر أن هذا المرض لا يُظهر أي علامات تلف أو التهابات عضوية واضحة عند فحص القولون بالأشعة أو المنظار، وهو ما جعل العلماء يعتبرونه اضطرابًا “وظيفيًا” أكثر منه عضويًا، أي أن المشكلة في كيفية عمل الأمعاء وليس في بنيتها.


ثانيًا: ما العلاقة بين القولون العصبي والحالة النفسية؟

أثبتت العديد من الدراسات أن الصحة النفسية لها تأثير كبير على اضطرابات الجهاز الهضمي، وخاصة القولون العصبي. ويُعتبر القلق، والتوتر، والاكتئاب من أبرز العوامل التي تساهم في ظهور أو تفاقم أعراض القولون.
يوجد ارتباط وثيق بين الدماغ والجهاز الهضمي، وهذا ما يُعرف باسم “محور الدماغ – الأمعاء”، حيث يؤثر أي اضطراب في الحالة النفسية على حركة القولون وإفراز الهرمونات والناقلات العصبية المسؤولة عن الهضم.
بعض الدراسات أثبتت أن 60 إلى 80% من المصابين بالقولون العصبي يعانون من مشكلات نفسية مثل القلق أو الاكتئاب.


ثالثًا: هل هو مرض نفسي فقط؟

الإجابة المختصرة: لا. القولون العصبي ليس مرضًا نفسيًا بالكامل، ولكنه مرض متعدد العوامل، أي أن له جوانب نفسية وجسدية وتغذوية.
لا يمكن اعتبار القولون العصبي مرضًا نفسيًا بحتًا، لأن هناك حالات ترتبط بمحفزات عضوية، مثل أنواع معينة من الأطعمة، أو التهابات سابقة في الأمعاء، أو تغيرات في التوازن البكتيري داخل الجهاز الهضمي.


رابعًا: الأعراض المشتركة بين النفسي والعضوي

الأعراض الجسدية:

  • انتفاخ دائم في البطن
  • إسهال أو إمساك أو التناوب بينهما
  • مغص أو ألم في أسفل البطن
  • زيادة الغازات
  • الشعور بالشبع بسرعة

الأعراض النفسية:

  • توتر دائم قبل أو بعد تناول الطعام
  • قلق اجتماعي عند الخروج من المنزل
  • اضطرابات النوم
  • انخفاض المزاج أو نوبات اكتئاب
  • وساوس صحية وخوف مفرط من الأمراض

خامسًا: كيف يتم التشخيص؟

يعتمد تشخيص القولون العصبي على ما يسمى بـ”معايير روما”، وهي مجموعة من الأعراض التي يجب أن تكون موجودة لمدة 3 أشهر على الأقل، منها:

  • ألم بطني مرتبط بعملية الإخراج
  • تغيير في عدد مرات التبرز أو شكل البراز
  • غياب أي سبب عضوي واضح عبر الفحوصات مثل الأشعة أو التحاليل

ويُجري الطبيب عادة فحوصات لاستبعاد الأمراض العضوية مثل: حساسية القمح، أو التهابات القولون التقرحية، أو سرطان القولون.


سادسًا: نصائح طب توداي للتعامل مع القولون العصبي

  1. التغذية السليمة:
    • تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية
    • قلل من منتجات الألبان إن كانت تسبب أعراضًا
    • امتنع عن المشروبات الغازية والكافيين
    • تناول الألياف بحذر وبتدريج
  2. إدارة التوتر:
    • مارس تمارين الاسترخاء مثل التنفس العميق أو اليوغا
    • لا تتردد في زيارة طبيب نفسي عند الشعور بالقلق أو الاكتئاب
    • احرص على النوم المنتظم
  3. النشاط البدني:
    • المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا يُساعد في تحسين حركة الأمعاء
  4. الأدوية:
    • مضادات التقلصات مثل (ميبيفيرين)
    • أدوية لعلاج الإمساك أو الإسهال حسب الحالة
    • مضادات الاكتئاب الخفيفة في بعض الحالات
  5. سجل غذائي شخصي:
    • اكتب يوميًا ما تأكله وما تشعر به لتحديد المحفزات

سابعًا: متى يجب زيارة الطبيب؟

يجب استشارة الطبيب فورًا إذا ظهرت هذه الأعراض:

  • فقدان غير مبرر في الوزن
  • نزيف مع البراز
  • الحمى أو القيء المستمر
  • ألم شديد لا يزول
  • وجود تاريخ عائلي لأمراض القولون المزمنة

ثامنًا: الفرق بين القولون العصبي وأمراض القولون الأخرى

من المهم التفريق بين القولون العصبي وأمراض أخرى مثل:

  • التهاب القولون التقرحي
  • داء كرون
  • سرطان القولون
    هذه الأمراض لها أعراض متقاربة لكن يتم تشخيصها عن طريق الفحوصات الدقيقة، وتحتاج إلى علاج خاص.

تاسعًا: هل يمكن الشفاء من القولون العصبي؟

القولون العصبي مرض مزمن لكنه غير خطير.
لا يوجد علاج نهائي له حتى الآن، لكن يمكن السيطرة على الأعراض بنسبة كبيرة من خلال:

  • تحسين نمط الحياة
  • التعامل مع القلق
  • اتباع نظام غذائي مناسب
  • الدعم النفسي والاجتماعي

عاشرًا: رأي الخبراء

يقول د. أحمد حسين، استشاري الجهاز الهضمي:
“القولون العصبي ليس مرضًا نفسيًا فقط، بل هو حالة معقدة تتطلب تكاملاً بين العلاج الدوائي، والنفسي، والسلوكي، والتغذوي. تجاهل الجانب النفسي يؤدي لفشل العلاج.”

كما توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بدمج خدمات الصحة النفسية في علاج الأمراض المزمنة مثل القولون العصبي، لتعزيز جودة حياة المرضى.


خلاصة التقرير:

القولون العصبي ليس مرضًا عضويًا بالمعنى التقليدي، لكنه أيضًا ليس مرضًا نفسيًا فقط، بل هو حالة معقدة ترتبط بالتوتر، التغذية، نشاط القولون، والهرمونات.
التعامل مع المرض يتطلب فهمًا شاملًا لأسبابه، وتغيير نمط الحياة، والاهتمام بالصحة النفسية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى