الطلاق أونلاين؟ كيف تساهم السوشيال ميديا في هدم البيوت وتفكيك الأسرة!
كتبت - رقية جمال

في عصر أصبحت فيه الخصوصية عملة نادرة، تلعب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا متزايدًا في تشكيل العلاقات الأسرية، بل وتفكيكها أحيانًا. أصبح من الشائع أن تبدأ بعض المشاكل الزوجية على “الواتساب” أو “فيسبوك”، وتُعلن على “تيك توك”، وتنتهي بطلاق رسمي تُنشر تفاصيله أحيانًا في بث مباشر!
فهل أصبحت التكنولوجيا طرفًا ثالثًا في الزواج؟ وهل ساهمت السوشيال ميديا في تكريس فكرة الطلاق وضياع الأبناء؟
وسائل التواصل: المرآة أم السكين؟
قد يرى البعض أن مواقع التواصل مجرد مرآة تعكس واقعًا هشًا لعلاقات زوجية مضطربة أصلًا، بينما يرى آخرون أنها كانت سببًا مباشرًا في زرع الشك، وتضخيم الخلافات، وخلق فجوة بين الزوجين.
اقرأ أيضا: الرضاعة الطبيعية في الأماكن العامة: تعرفي على حقوقك القانونية وأهم النصائح للنجاح
أبرز الطرق التي تتسلل بها السوشيال ميديا إلى الحياة الزوجية:
- التجسس والغيرة المفرطة:
كثرة الدخول على حسابات الشريك وقراءة تعليقات ومحادثات قد تؤدي إلى سوء ظن واتهامات غير مبنية على حقائق. - المقارنة القاتلة:
رؤية حياة الآخرين على إنستغرام وتيك توك تزرع شعورًا بالنقص، خاصة عند المقارنة بين “الواقع الزوجي” و”الزيف المصور”. - الخصوصية المفقودة:
نشر صور أو تفاصيل حياتية دون موافقة الطرف الآخر يؤدي أحيانًا إلى فقدان الثقة وخلق مشاكل لا تنتهي.
الطلاق الرقمي: عندما يكون الزر أقوى من العقد
مصطلح “الطلاق الرقمي” يُستخدم اليوم لوصف حالات الطلاق التي تبدأ على الإنترنت، سواء بسبب محادثة مشبوهة، أو اكتشاف خيانة إلكترونية، أو بسبب إدمان أحد الطرفين على السوشيال ميديا حتى بات لا يلتفت للبيت والأسرة.
اقرأ أيضا: الكآبة الشتوية: 3 نصائح للتغلب على الاكتئاب الموسمي في فصل الشتاء
من أشهر مظاهر الطلاق الرقمي:
- استخدام مواقع المواعدة رغم الزواج.
- العلاقات الافتراضية التي تنتهي بعلاقات حقيقية.
- إخفاء الأسرار المالية أو العاطفية خلف الشاشات.
- اللجوء إلى النصائح غير المتخصصة على الإنترنت.
ضياع الأبناء في دوامة الانفصال الإلكتروني
الطفل هو الضحية الأولى لأي طلاق، لكن في ظل وجود وسائل التواصل، لم يعد الطفل مجرد متلقي سلبي، بل أصبح أحيانًا مشاركًا في المأساة.
كيف تؤثر السوشيال ميديا على الأبناء بعد الطلاق؟
- النشر العلني للخلافات:
كثير من الأزواج ينشرون أسرار حياتهم الخاصة، بل وصور أطفالهم وسط الخلافات، ما يُعرض الطفل للتنمر الإلكتروني. - استغلال الأبناء للتشهير:
يستخدم أحد الطرفين الأطفال كوسيلة ضغط أو “ترند” للحصول على تعاطف الجمهور. - غياب القدوة:
حين يرى الطفل والديه يتراشقان بالكلمات على الإنترنت، تضيع صورة الأسرة النموذجية من عقله.
هل كل الاتهام للسوشيال ميديا؟!
من الإنصاف أن نذكر أن الإنترنت ليست دائمًا طرفًا سلبيًا، بل يمكن أن تكون وسيلة لحل المشكلات وتقوية الروابط إذا أُحسن استخدامها.
بعض الاستخدامات الإيجابية:
- الاستفادة من نصائح تربوية أو أسرية من مصادر موثوقة مثل “طب توداي”.
- العلاج الزوجي عبر الإنترنت أو الاستشارات النفسية.
- التواصل بين الزوجين عند السفر أو البعد الجغرافي.
- المتابعة اليومية لحياة الأبناء إذا كان أحد الوالدين بعيدًا.
لكن الخط الفاصل بين الاستخدام الإيجابي والمدمر، رفيع جدًا، ويحتاج إلى وعي ومهارات رقمية صحية.
اقرا أيضا: احذر من غسلها..أطعمة لا يجب عليك غسلها حتى لا تنتشر البكتيريا بالمطبخ
نصائح “طب توداي” للحفاظ على الأسرة في زمن الإنترنت:
- ضعوا قواعد واضحة لاستخدام الهاتف داخل البيت.
- امنعوا نشر أي شيء يخص الأسرة أو الأطفال دون موافقة الطرفين.
- تابعوا حسابات متخصصة وموثوقة في التربية والعلاقات الزوجية.
- لا تحلوا خلافاتكم على الملأ.. الخصوصية احترام.
- لا تجعلوا من المقارنة عادة، فلكل بيت ظروفه.
- علموا أبناءكم كيف يستخدمون الإنترنت بأمان.
- اقضوا وقتًا حقيقيًا معًا، بدون شاشات.
رأي الخبراء: الطلاق ليس دائمًا بسبب الإنترنت.. لكنه صار أسهل بسببه!
الدكتور محمد ثروت عمارة، استشاري العلاقات الأسرية، يقول لـ”طب توداي”:
“السوشيال ميديا ليست المذنب الوحيد في تزايد نسب الطلاق، لكنها أصبحت أداة تضخم المشاكل بدلًا من حلها، والكارثة أنها باتت تُستخدم كمنصة لتصفية الحسابات الزوجية أمام الجمهور!”
ويُضيف:
“بعض الأزواج يجدون في الإنترنت بديلًا عن التواصل الحقيقي، فيلجؤون لناس غرباء بدلًا من مواجهة مشاكلهم. هنا تبدأ الأزمة، وليس عند أول تعليق أو رسالة مشبوهة.”
ختامًا: الأسر تُبنى بالحب والثقة، لا باللايكات والفلتر
الأسرة ليست منشورًا جميلًا على إنستغرام ولا فيديو ساخرًا على تيك توك، بل هي مؤسسة تحتاج إلى الصبر، والتفاهم، والعمل اليومي على تطوير العلاقة.
وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون سلاحًا ذا حدين، والوعي هو الدرع الوحيد للحفاظ على كيان الأسرة من الانهيار.
إذا أردنا مستقبلًا أفضل لأطفالنا، فعلينا أن نُربّيهم في بيئة مستقرة، ونعالج مشاكلنا بعيدًا عن الأضواء. فالحب الحقيقي لا يحتاج جمهورًا، بل يحتاج إلى حضور واحتواء.
هل شاركت مشكلتك على فيسبوك؟ أم شاركت وقتًا جميلًا مع أسرتك؟
الفرق بين السؤالين هو الفرق بين بناء أسرة وهدمها.
اقرأ أيضا: متشربش في الكوبايات الورق والتيك أواي.. دستة أمراض بتجيبها على رأسها السرطان