الصداع النصفي المتكرر: تعرف على أسبابه ومتى يستدعي القلق
كتبت رقية جمال

الصداع النصفي المزمن: لماذا يتكرر رغم الأدوية؟
تقرير خاص من منصة طب توداي – المرجعية الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط
ما هو الصداع النصفي المزمن؟
الصداع النصفي المزمن هو أكثر من مجرد صداع عابر؛ إنه حالة صحية معقدة تتكرر فيها نوبات الصداع النصفي أكثر من 15 يومًا في الشهر، منها على الأقل 8 أيام تتوافق مع معايير الصداع النصفي المتعارف عليها. هذا النوع من الصداع يؤثر على جودة الحياة، ويصيب النساء أكثر من الرجال، ويمكن أن يستمر لسنوات، مما يفرض عبئًا نفسيًا وجسديًا كبيرًا على المصاب.
لماذا يتكرر الصداع رغم الأدوية؟
توضح د. هالة أبو العلا، أستاذة طب المخ والأعصاب بجامعة القاهرة، أن أحد أبرز أسباب تكرار الصداع النصفي رغم تناول الأدوية هو سوء الاستخدام أو الإفراط في الأدوية المسكنة، خاصة تلك التي تحتوي على الكافيين أو المواد الأفيونية. “يظن المريض أنه يساعد نفسه بالمسكنات، لكنه في الحقيقة يدخل في دائرة مغلقة من الاعتماد الدوائي والارتداد المؤلم”، تقول د. هالة.
محفزات الصداع النصفي: ما الذي يغذي الألم؟
العديد من العوامل المحفّزة قد تساهم في تكرار النوبات، من أبرزها:
- التوتر النفسي والقلق: تؤكد د. منى البحيري، استشارية الطب النفسي، أن الصداع النصفي يرتبط بشدة بالحالة النفسية، ويُعد القلق المزمن والاكتئاب محفزين رئيسيين.
- النظام الغذائي: أطعمة مثل الجبن المعتق، الشوكولاتة، الكافيين، والكحول قد تكون سببًا خفيًا وراء التكرار.
- قلة النوم أو اضطراب مواعيده.
- تغيرات الطقس والضوء الساطع أو الأصوات المرتفعة.
- التغيرات الهرمونية، خاصة عند النساء قبل الدورة الشهرية.
هل هناك خلل في التشخيص؟
يحدث كثيرًا أن يتم تشخيص الصداع النصفي خطأ على أنه صداع توتري أو صداع عنقودي، مما يؤدي إلى وصف علاج غير مناسب. كما أن إهمال تقييم الحالة العصبية بشكل دقيق يؤدي إلى تجاهل عوامل أخرى مثل التهاب الجيوب أو مشاكل الفقرات العنقية أو حتى أورام المخ النادرة.
يؤكد د. طارق منصور، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، أن الفحوصات الدقيقة مثل الرنين المغناطيسي قد تكون ضرورية في بعض الحالات لاستبعاد الأسباب العضوية.
خيارات العلاج الحديثة: الأمل في الحقن الوقائية
منذ سنوات قليلة، ظهرت أنواع جديدة من العلاجات تعتمد على الحقن الوقائية الشهرية بمضادات CGRP (البروتين المرتبط بجين الكالسيتونين)، والتي أثبتت فاعلية كبيرة في تقليل تكرار النوبات.
توضح د. رحاب عبد الخالق، استشارية المخ والأعصاب، أن هذه الحقن “تُعطى شهريًا تحت الجلد، وتستهدف مستقبلات معينة في الدماغ تمنع انطلاق سلسلة الألم العصبي”. وهي مناسبة للحالات المزمنة التي لم تستجب للأدوية التقليدية.
العلاجات السلوكية: لأن الدماغ ليس مجرد كيمياء
العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أصبح أحد الأعمدة الأساسية في خطة علاج الصداع النصفي المزمن. حيث يساعد المرضى على التعامل مع التوتر وتنظيم نمط حياتهم لتقليل المحفزات.
تشير الدراسات إلى أن الدمج بين الأدوية والعلاج السلوكي يؤدي إلى نتائج أفضل من العلاج الدوائي فقط. تقول د. منى البحيري: “الدماغ يتفاعل مع البيئة النفسية، وكثير من حالات الصداع تتحسن مع تعديل نمط التفكير والمشاعر”.
ماذا عن البدائل الطبيعية؟
العلاج بالإبر الصينية، المكملات الغذائية مثل الماغنيسيوم، فيتامين B2، ومستخلص نبات الأقحوان (Feverfew)، أثبتت بعض الفاعلية في تقليل تكرار النوبات عند بعض المرضى.
لكن يجب الحذر من الاعتماد على العلاجات البديلة دون استشارة الطبيب، خاصة في حالة الصداع المزمن، لأن ذلك قد يؤدي إلى تأخر التشخيص الصحيح.
نصائح طب توداي للوقاية من الصداع النصفي المزمن
- حافظ على مواعيد نوم منتظمة.
- تجنب المنبهات والوجبات السريعة التي قد تثير الصداع.
- مارس الرياضة بانتظام، خاصة اليوغا أو المشي.
- تعلم تقنيات الاسترخاء والتنفس العميق.
- سجل نوبات الصداع في دفتر يومي لمعرفة المحفزات المحتملة.
- لا تستخدم المسكنات لأكثر من مرتين أسبوعيًا دون إشراف طبي.
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
- إذا أصبح الصداع أقوى أو مختلفًا عن المعتاد.
- إذا صاحبه أعراض مثل تصلب الرقبة، ازدواج الرؤية، صعوبة الكلام أو التنميل.
- إذا استمر الصداع لأكثر من ثلاثة أيام متتالية.
- إذا كان الدواء يفقد فاعليته تدريجيًا.
كلمة أخيرة من طب توداي
الصداع النصفي المزمن ليس مجرد ألم عابر، بل مرض حقيقي يستحق الفهم والعلاج الجاد. الاعتماد على المسكنات فقط لن يحل المشكلة، بل قد يزيدها تعقيدًا. ومن خلال التوعية، والمتابعة الطبية الدقيقة، وتبنّي نمط حياة صحي، يمكن تقليل تكرار النوبات والعيش بجودة أفضل.
🔹 حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
🔹 طب توداي.. المرجعية الطبية الأولى للعرب في مصر والشرق الأوسط