أطفال الطلاق.. كيف نرعاهم بعد الانفصال؟
كتبت رباب وهبة

بات الطلاق اليوم ظاهرة اجتماعية متنامية في كثير من المجتمعات العربية، ورغم أن الانفصال قد يكون الحل الأمثل في بعض الأحيان، إلا أن تأثيره العميق على الأطفال غالبًا ما يُغفل. فالطفل لا ينفصل عن أحد والديه فحسب، بل ينفصل أيضًا عن استقراره النفسي والعاطفي، ويتحمل نتائج لم يكن طرفًا في أسبابها.
🟨 أرقام وإحصائيات تدق ناقوس الخطر
تشير الإحصاءات الحديثة إلى ارتفاع معدلات الطلاق بشكل مقلق، حيث أظهرت تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن عدد حالات الطلاق وصل إلى أكثر من 200 ألف حالة سنويًا. وتُظهر الدراسات أن الأطفال الذين ينشأون في أسر مفككة معرضون أكثر للإصابة بمشاكل نفسية وسلوكية وتعليمية.
🟧 د. وليد حسن عبد العال يوضح: الطلاق يخلق فجوة نفسية لا تُسد بسهولة
يؤكد د. وليد حسن عبد العال، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين، أن الطلاق يترك آثارًا نفسية خطيرة على الأطفال، تبدأ من الشعور بالخوف وعدم الأمان، وصولًا إلى اضطرابات المزاج وضعف التقدير الذاتي. ويقول:
“الطفل في سن صغيرة يرى والديه بمثابة عالمه الكامل، وعندما يحدث الطلاق يشعر وكأن العالم قد انهار فجأة، وغالبًا ما يحمل نفسه مسؤولية ما حدث”.
🟦 العلامات النفسية والسلوكية التي قد تظهر على الطفل
🔻 تغيرات النوم
🔻 التبول الليلي اللاإرادي
🔻 الانعزال والانطواء
🔻 السلوك العدواني أو العنيف
🔻 تراجع الأداء الدراسي
🔻 نوبات الغضب المتكررة
🔻 مشاعر الحزن أو الكآبة
🔻 فقدان الشهية أو الإفراط في الأكل
🟥 كيف يفهم الطفل الطلاق حسب عمره؟
🔸 الأطفال تحت سن 5 سنوات:
لا يدركون المعنى الكامل للطلاق، لكنهم يشعرون بانفصال أحد الوالدين ويظنون أنهم السبب.
🔸 الأطفال من 6 إلى 12 سنة:
يفهمون فكرة الطلاق ويبدأون في البحث عن أسباب. يظهر لديهم الحزن والغضب، ويواجهون صعوبة في التكيف.
🔸 المراهقون من 13 إلى 18 سنة:
يميلون إلى الحكم على أحد الأبوين أو كليهما، وقد يتجهون إلى العزلة أو التمرد كرد فعل نفسي.
🟨 مشاكل مستقبلية: الطفل اليوم، والمراهق الغد، والبالغ المضطرب
الطلاق لا ينتهي عند حدود الطفولة. بل يمتد أثره إلى حياة الشاب المستقبلية، في نظرته للحب والزواج والعلاقات. فالأطفال الذين عاشوا تجربة الطلاق غالبًا ما يعانون من:
🔸 ضعف في تكوين علاقات طويلة الأمد
🔸 خوف من الالتزام
🔸 مشاكل في إدارة الغضب والخلافات
🔸 اضطرابات في الثقة بالنفس
🟧 الطلاق ليس حربًا: دور الوالدين في تقليل الأثر
من أهم النصائح التي يقدمها د. وليد حسن عبد العال لتقليل أثر الطلاق على الطفل:
✅ عدم إشراك الطفل في الخلافات
✅ الحرص على التواصل المستمر مع الطفل
✅ طمأنته بأنه لا يتحمل أي ذنب
✅ الحفاظ على روتينه اليومي
✅ الاتفاق على أسلوب تربية موحد بعد الطلاق
✅ عدم الحديث السلبي عن الطرف الآخر أمام الطفل
🟩 الحالات التي يستوجب فيها تدخل متخصص
يجب استشارة طبيب نفسي للأطفال أو معالج سلوكي إذا ظهرت على الطفل أعراض مستمرة مثل:
🔻 الاكتئاب لفترة طويلة
🔻 تكرار نوبات الغضب أو العنف
🔻 رفض الذهاب للمدرسة
🔻 التحدث عن أفكار انتحارية أو إيذاء النفس
🔻 الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية
🟦 الطلاق الصامت أخطر من الطلاق الرسمي
يحذر خبراء الصحة النفسية من ظاهرة “الطلاق الصامت” أو الحياة الزوجية الخالية من المشاعر، والتي يظل فيها الوالدان تحت سقف واحد لكن دون علاقة حقيقية. هذا النوع من العلاقات أكثر تدميرًا لنفسية الطفل لأنه يعلمه أن التعايش مع الألم أمر طبيعي، وقد يؤدي إلى تكوين شخصيات سلبية وعدوانية.
🟥 المجتمع أيضًا له دور
يجب على المدارس، والمجتمعات، والأقارب، المساهمة في دعم الطفل بعد الطلاق من خلال:
🔸 تشجيعه على ممارسة الأنشطة الاجتماعية
🔸 توفير بيئة آمنة وغير مشحونة بالمشاكل
🔸 تدريب المعلمين على التعامل مع الأطفال في الأسر المفككة
🔸 تسليط الضوء إعلاميًا على نماذج ناجحة لتربية أطفال بعد الطلاق
🟨 هل يمكن أن يمر الطفل بتجربة الطلاق دون أذى؟
نعم، يؤكد د. وليد حسن عبد العال أن الطفل يمكنه التكيف مع الطلاق إذا تمت العملية بمسؤولية، وحرص الوالدان على تجنب الصراع، وأظهرا حبًا مشتركًا له رغم الانفصال.
ويضيف:
“الطلاق لا يعني نهاية العالم، لكنه يتطلب وعيًا كبيرًا لحماية الأبناء من أن يتحولوا إلى ضحاياه الحقيقيين”.
🟦 خلاصة التقرير: رسائل هامة لكل والدين
🔹 الطلاق قد يكون حتميًا أحيانًا، لكن أثره ليس حتميًا إذا تم التعامل معه بحكمة.
🔹 الطفل ليس طرفًا في الانفصال، فلا يجب تحميله تبعاته.
🔹 الحوار والدعم النفسي والاحتواء هم أدواتك لتجاوز المرحلة بسلام.
🔹 الوقاية النفسية تبدأ منذ اللحظة الأولى للانفصال.