أسباب رفض “رفض الطعام” عند الأطفال؟

تبدأ القصة غالبًا بجملة من الأم: “ابني مش بيرضى ياكل خالص!”
تمر الأيام وتتحول وجبات الطعام إلى ساحات معارك، ما بين إلحاح الأهل ورفض الطفل. في بعض الحالات يكون الرفض طبيعيًا، عابرًا، مرتبطًا بتغيرات في النمو أو المزاج.
لكن في حالات أخرى، قد يكون رفض الطعام المستمر علامة على اضطراب تغذية يحتاج لتدخل مبكر.
في هذا التقرير نستعرض الفارق بين السلوك الطبيعي والاضطرابي، أسباب الظاهرة، وكيفية التعامل الذكي والطبي معها.


ما هو “رفض الطعام” عند الأطفال؟

هو حالة يمتنع فيها الطفل عن تناول أنواع معينة أو معظم الأطعمة، أو يقلل من الكميات بشكل كبير، ما ينعكس على صحته الجسدية والنفسية.
ويأخذ صورًا متعددة:

  • رفض نوع محدد (كالخضار أو البروتين)
  • الاكتفاء بطعام واحد فقط (مثلاً يأكل بطاطس فقط)
  • البصق أو التقيؤ عند تقديم أطعمة جديدة
  • امتناع تام عن الأكل لفترات طويلة

هل هذا طبيعي؟

في مراحل النمو المختلفة، يمر الأطفال بما يُعرف بـ**”الفترة الانتقائية”**، خاصة بين عمر 2 إلى 5 سنوات، حيث:

  • تقل شهيتهم طبيعيًا مع بطء معدل النمو
  • يميلون للاستقلال والسيطرة على اختياراتهم
  • يرفضون الأطعمة الجديدة بسبب “الخوف الغذائي” أو القوام المختلف

لكن هذه الحالة يجب ألا تستمر أكثر من عدة أشهر، وألا تؤثر على وزن الطفل أو نشاطه أو تطوره العقلي.


متى يصبح رفض الطعام مقلقًا؟

  • إذا استمر الرفض لأكثر من 3 شهور
  • إذا كان الطفل يرفض مجموعات غذائية كاملة (مثلاً لا يأكل بروتين أبدًا)
  • إذا صاحبه نقص وزن ملحوظ أو ثباته لفترة طويلة
  • إذا كان الطفل عصبيًا أو قلقًا أثناء الأكل
  • إذا حدث تقيؤ متكرر أو رفض قهري
  • إذا انعزل الطفل اجتماعيًا أثناء الوجبات أو أصيب بنوبات بكاء وغضب وقت الأكل

الفرق بين “الانتقائية الطبيعية” و”اضطراب الأكل الانتقائي” (ARFID):

النقطة الانتقائية الطبيعية اضطراب ARFID
المدة مؤقتة، عادة شهور مزمنة وتتفاقم مع الوقت
التأثير لا يؤثر على النمو يؤثر على الوزن والطول والتركيز
الاستجابة يتحسن الطفل مع التشجيع يرفض الطعام رغم كل المحفزات
الخلفية النفسية لا يوجد توتر ملحوظ توتر، قلق، أو أسباب حسية قوية

الأسباب المحتملة لرفض الطعام:

  1. أسباب نفسية وسلوكية:
    • الرغبة في السيطرة
    • الخوف من القوام أو الروائح
    • التجارب السلبية مع الطعام (اختناق، إجبار، تقيؤ سابق)
  2. أسباب عضوية:
    • حساسية أو عدم تحمّل بعض الأطعمة
    • ارتجاع المريء أو مشاكل في البلع
    • الإمساك المزمن
    • نقص الحديد أو الزنك
  3. أسباب عصبية أو تطورية:
    • اضطراب طيف التوحد
    • اضطرابات التكامل الحسي
    • تأخر في التطور العصبي

التأثيرات طويلة المدى لاضطراب التغذية:

  • سوء تغذية وفقر دم
  • تأخر النمو الجسدي والعقلي
  • مشكلات في التركيز والتحصيل الدراسي
  • اضطرابات في العلاقة بالأهل
  • اضطرابات نفسية لاحقة (مثل اضطرابات الأكل عند المراهقة)

كيف نتعامل مع الطفل الرافض للطعام؟

أولًا: الفهم وليس الصراع

  • لا تجبر الطفل على الأكل
  • لا تستخدم العقاب أو التهديد أو الرشوة
  • اعتمد على التعويد، لا المواجهة
  • حافظ على جو هادئ وقت الأكل

ثانيًا: القواعد الذهبية

  • قدّم الطعام كل 3-4 ساعات دون ضغط
  • قدّم نوعًا مألوفًا مع آخر جديد
  • اسمح للطفل بلمس الطعام بدون إجبار على أكله
  • اجعل وقت الطعام عائليًا وليس مناسبة للعقاب أو المحاسبة

متى نلجأ للطبيب أو أخصائي تغذية أو تخاطب؟

  • عند استمرار المشكلة أكثر من 3 شهور
  • إذا كان الطفل ضعيف الوزن أو غير نشط
  • إذا كان لا يُظهر اهتمامًا بالطعام على الإطلاق
  • إذا صاحبت الحالة مؤشرات اضطرابات نمائية (تأخر في الكلام، الانعزال الاجتماعي)
  • إذا استمرت نوبات التقيؤ أو البصق المبالغ فيه

تجارب حقيقية:

  • “كان ابني بيأكل نوع واحد بس، ومع الوقت بدأ يخاف حتى من شكل الطبق. اتضح عنده توتر حسي محتاج جلسات تكامل.”
  • “ابني عنيد جدًا في الأكل. لما بدأت أقدّم الأكل كأنه لعبة، الأمور اختلفت!”
  • “دخلنا جلسات تغذية سلوكية، والحمد لله، بقى يجرّب كل أسبوع أكلة جديدة.”

خلاصة:

رفض الطعام عند الأطفال ليس دائمًا سلوكًا طبيعيًا ناتجًا عن “عناد”.
في كثير من الحالات، قد يكون عرضًا لمشكلة نفسية أو حسية أو عصبية تتطلب تقييمًا وتدخلاً متخصصًا.
الوعي، الصبر، وتجنّب الصراع، هم مفاتيح العبور الآمن من هذه المرحلة.


🔴 حقوق النشر محفوظة لمنصة طب توداي
“طب توداي” هي المرجعية الطبية الأولى في مصر والمنطقة العربية، وتقدم محتوى صحي موثوق ومبني على الأدلة العلمية، بإشراف نخبة من الأطباء والاستشاريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى