“طب توداي” تنشر روشتة حماية المعدة من مضاعفات تناول الأدوية اليومية 

كتبت - نسرين إمام

في زمن تزايدت فيه الأمراض المزمنة وتوسعت فيه قائمة العلاجات اليومية، باتت الأدوية جزءًا لا يتجزأ من حياة ملايين البشر حول العالم. كثيرون يستيقظون كل صباح على قرص من هذا، ونصف قرص من ذاك، وآخر قبل النوم، في روتين يومي لا يتغير. وبينما تحمل هذه الأدوية وعودًا بالشفاء والسيطرة على الأعراض، فإن لها في المقابل وجهاً خفياً قد يكون مؤلمًا، يطل من أعماق المعدة، في صورة حرقة، أو انتفاخ، أو حتى تقرحات داخلية.

بين الألم والعلاج

يشير العديد من الأطباء إلى أن الاستخدام الطويل لبعض الأدوية، خاصة تلك التي توصف يوميًا مثل أدوية الضغط، السكر، القلب، المسكنات، أو مضادات الالتهاب، يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية مزعجة، أكثرها شيوعًا ما يصيب الجهاز الهضمي. المعدة على وجه الخصوص تعد من أكثر الأعضاء حساسية لتأثير هذه المركبات الكيميائية.

د. منى العشماوي، استشارية الباطنة، تؤكد لـ”طب توداي” أن «هناك فئة كبيرة من المرضى يتناولون أدوية مثل الأسبرين أو مضادات الالتهاب لفترات طويلة دون حماية معدتهم، وهذا يعرضهم تدريجيًا لآلام مستمرة، وقد يؤدي إلى تقرحات أو نزيف داخلي إذا لم تتم المتابعة الطبية الدقيقة».

لماذا تؤذي الأدوية المعدة؟

تعتمد الآلية التي تؤثر بها الأدوية على المعدة على طبيعة المادة الفعالة وطريقة عملها. فبعض الأدوية تؤثر مباشرة على بطانة المعدة، مقللة من حمايتها ضد الأحماض الهضمية، فيما تؤدي أخرى إلى زيادة إفراز الحمض نفسه، ما يجعل جدار المعدة أكثر عرضة للتآكل. ومن أبرز الأدوية المرتبطة بهذه المشاكل:

  • مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): مثل الإيبوبروفين والنابروكسين، وهي من أكثر الأدوية تسببًا في التهابات المعدة.
  • الأسبرين: خصوصًا عند استخدامه بجرعات يومية للوقاية من الجلطات.
  • بعض المضادات الحيوية: قد تخلّ بالتوازن البكتيري في الجهاز الهضمي وتسبب غثيانًا أو إسهالًا.
  • أدوية هشاشة العظام: مثل البيسفوسفونات، والتي يُنصح بتناولها مع كميات كبيرة من الماء والجلوس بعدها مباشرة لتقليل الضرر على المريء والمعدة.

الفئات الأكثر عرضة للخطر

يؤكد الأطباء في “طب توداي” أن هناك فئات أكثر عرضة للتأثر بهذه الأعراض، وتشمل:

  • كبار السن الذين يتناولون أدوية متعددة في آن واحد.
  • المرضى المصابين بقرحة سابقة في المعدة أو الاثني عشر.
  • مرضى القلب والسكر الذين يحتاجون لأدوية مدى الحياة.
  • من يستخدمون المسكنات بشكل مزمن.

أعراض لا يجب تجاهلها

رغم أن البعض يظن أن شعوره بآلام خفيفة أو حرقان في المعدة أمر عادي، إلا أن هناك أعراضًا تستوجب زيارة الطبيب فورًا، لأنها قد تكون إشارة على تلف في جدار المعدة أو بداية قرحة. ومن أبرز هذه الأعراض:

  • شعور دائم بالحرقة في أعلى البطن.
  • آلام حادة بعد تناول الأدوية مباشرة.
  • غثيان أو قيء متكرر.
  • تغير لون البراز إلى الأسود.
  • فقدان غير مبرر للشهية أو الوزن.

كيف نقلل الضرر على المعدة؟

في “طب توداي”، ينصح الأطباء باتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تساعد على تقليل تأثير الأدوية اليومية على المعدة، منها:

  1. تناول الأدوية بعد الأكل: حيث يساعد الطعام على تشكيل طبقة واقية على جدار المعدة.
  2. استخدام أدوية حماية المعدة: مثل مثبطات مضخة البروتون (PPI) أو مضادات الحموضة.
  3. شرب كميات كافية من الماء مع الأقراص.
  4. تجنب النوم مباشرة بعد تناول الأدوية.
  5. تجنب الجمع بين أكثر من دواء مهيج للمعدة دون استشارة طبية.

دور الطبيب في إدارة الأدوية اليومية

من المهم أن تتم متابعة الحالة الدوائية مع الطبيب بشكل منتظم. فهناك حالات يكون فيها من الضروري تعديل الجرعة، أو استبدال دواء معين بآخر أقل ضررًا على المعدة. كما يمكن للطبيب أن يوصي بفحوصات دورية، مثل المنظار، لمتابعة سلامة الجهاز الهضمي.

ويشير د. سامي عبد الله، استشاري الجهاز الهضمي، إلى أن «تجاهل هذه المتابعة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل قرحة المعدة المزمنة أو حتى النزيف المعوي، خاصة في المرضى كبار السن أو من يتناولون أكثر من دواء يوميًا».

نحو نمط حياة دوائي آمن

تناول الأدوية بشكل يومي لا يجب أن يتحول إلى عبء صحي، بل يمكن إدارته بوعي واهتمام. وتوصي “طب توداي” بعدة خطوات تجعل الرحلة العلاجية أكثر أمانًا:

  • حمل سجل دوائي مفصل يشمل كل ما يتناوله المريض من أدوية، حتى الأعشاب والمكملات.
  • إبلاغ الطبيب بأي أعراض هضمية جديدة وعدم اعتبارها مجرد “عرض جانبي بسيط”.
  • الحرص على تغذية متوازنة تدعم صحة الجهاز الهضمي.
  • تقليل الاعتماد على المسكنات إلا عند الضرورة.

الخلاصة

قد تكون الأدوية اليومية ضرورية للحياة، لكنها ليست دون ثمن. ومن المهم أن نعرف أن المعدة –رغم صلابتها– ليست مصممة لتحمل التأثير المستمر لبعض المركبات الدوائية دون دعم أو وقاية. لذلك، فإن تبني نمط حياة علاجي آمن، والمتابعة المستمرة مع الأطباء، واستخدام أدوية حماية المعدة عند الحاجة، كلها عوامل تساهم في تقليل المخاطر، وضمان أن تبقى رحلة العلاج طريقًا نحو الشفاء، لا الألم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى