“سيوة.. سر الرمال الساخنة التي تُداوي الأجساد وتجذب أنظار العالم!”

كتبت مي علوش

في قلب الصحراء الغربية، وتحديدًا في واحة سيوة التابعة لمحافظة مطروح، تتشكل ملامح نقلة نوعية في ملف السياحة العلاجية بمصر.

هذه الواحة، المعروفة بجمالها الطبيعي وهدوئها الساحر، تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة جديدة للراغبين في العلاج الطبيعي من داخل مصر وخارجها، بفضل ما تقدمه من خدمات فريدة تجمع بين الطبيعة، الطب البديل، والضيافة البدوية الأصيلة.

الرمال الساخنة والمياه الكبريتية.. وصفة علاجية متكاملة

يعتمد العلاج في سيوة على مزيج من العناصر الطبيعية، أبرزها الدفن في الرمال الساخنة، التي تحتوي على نسب عالية من المعادن، والاستحمام في العيون الكبريتية، والتي ثبت علميًا تأثيرها الإيجابي على أمراض المفاصل والجلد والجهاز التنفسي. كما توفر بعض المراكز العلاجية جلسات تدليك بزيوت طبيعية مستخرجة من نباتات صحراوية نادرة.

يقول “علي السيوي”، أحد مقدمي الخدمة في مركز علاجي بالواحة:”نحن نستخدم تقنيات موروثة من أجدادنا، ونعتمد على تقويم الجسم بالرمال والتدليك والعسل الطبيعي، وهي طرق أثبتت فاعليتها، وأصبحت تجذب الزوار من أوروبا ودول الخليج.”

إقبال متزايد من الأجانب والعرب

تشير بيانات من وزارة السياحة إلى أن سيوة تشهد سنويًا زيادة مطردة في أعداد السائحين الباحثين عن السياحة العلاجية، خاصة من إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا، بجانب مواطنين من السعودية والإمارات والكويت. ويبدأ موسم العلاج بالرمال عادة في شهور الصيف، حيث تكون درجات الحرارة مرتفعة وتصلح لبرامج العلاج.

وتوضح “ماريا”، سائحة إيطالية زارت سيوة للعلاج من آلام الظهر، أنها شعرت بتحسن كبير بعد 5 جلسات من الدفن في الرمال، وتقول:

“كانت تجربة مدهشة، بين دفء الرمال ونقاء الهواء وشعور السلام الداخلي، لم أتخيل أن العلاج يمكن أن يكون بهذه الروحانية.”

 

جهود التطوير والرقابة الحكومية

في السنوات الأخيرة، بدأت الدولة المصرية تولي اهتمامًا متزايدًا بهذه النوعية من السياحة، ووضعت السياحة العلاجية كأحد محاور خطتها لتنويع مصادر الدخل السياحي. وقد أُطلقت مبادرات بالتعاون بين وزارة السياحة ووزارة الصحة لتقنين أوضاع المراكز العلاجية، وتوفير تدريبات للكوادر المحلية، وتطوير البنية التحتية في سيوة، بما يشمل الطرق، والإسعاف، وخدمات الإقامة.

يؤكد الدكتور “حسام محمد”، من وزارة الصحة، أن هناك خطة لتسجيل المراكز المرخصة ومنع أي ممارسات عشوائية قد تضر بسمعة الواحة، مضيفًا:

“نسعى لتقديم نموذج متكامل يجمع بين الأمان الطبي والتجربة التراثية الفريدة، وسيوة مؤهلة لتكون علامة دولية في هذا المجال.”

مزيج بين العلاج والثقافة

ما يميز تجربة العلاج في سيوة ليس فقط الجانب الطبي، بل أيضًا السياحي والثقافي؛ فالزوار يستمتعون بالإقامة في بيوت طينية تقليدية، وتذوق الطعام المحلي مثل الكسكس والزيتون والعسل، فضلًا عن زيارة المعالم الأثرية مثل معبد الوحي وجبل الموتى.

يرى كثير من الخبراء أن التكامل بين العلاج والسياحة والثقافة هو ما يمنح سيوة تفردها، ويجعل منها مركزًا قابلًا للتوسع والنمو عالميًا، خاصة إذا تم تعزيز الربط الجوي والبنية السياحية.

ختامًا:

فرصة ذهبية لمصر على خريطة الطب الطبيعي

تحمل سيوة وعدًا حقيقيًا بمستقبل واعد في مجال السياحة العلاجية، وسط طلب عالمي متزايد على الطب الطبيعي والبديل.

وبينما تسعى دول مثل الأردن وتونس لتقديم تجارب مماثلة، فإن سيوة تمتلك مفاتيح التميز: الطبيعة، والتراث، والإنسان.

التحدي الآن هو التنظيم، والدعاية الدولية، وضمان معايير الجودة، حتى تبقى سيوة ليست فقط واحة للشفاء، بل منارة للعلاج الطبيعي في الشرق الأوسط.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى