دكتور محمد مجدي بدر: “مرضى القدم السكري واللحوم في العيد… خطوط حمراء لا تُكسر”
كتبت شيماء عبد المنعم

بينما يستعد الناس لاستقبال عيد الأضحى بالأضاحي والولائم العامرة باللحوم، يواجه مرضى القدم السكري تحديًا مزدوجًا: الاستمتاع بأجواء العيد من ناحية، والحفاظ على حالتهم الصحية الدقيقة من ناحية أخرى.
هذا التوازن الصعب يتطلب وعيًا صحيًا عاليًا وإجراءات دقيقة لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى التقرحات أو البتر لا قدر الله.
في هذا السياق، أجرينا حوارًا شاملًا مع الدكتور محمد مجدي بدر، أستاذ واستشاري جراحات الأوعية الدموية والقدم السكري، لنفهم منه كيف تؤثر اللحوم على مرضى القدم السكري، وما هي النصائح الذهبية التي يجب اتباعها في عيد الأضحى تحديدًا.
س: في البداية دكتور محمد، ما هو تعريف القدم السكري ولماذا يُعد من أخطر مضاعفات مرض السكري؟
د. محمد مجدي بدر:
القدم السكري هي إحدى المضاعفات المتقدمة والخطيرة لمرض السكري، وتنتج عن ضعف التروية الدموية للأطراف السفلية، مع وجود تلف في الأعصاب الطرفية. هذا يؤدي إلى فقدان الإحساس بالقدم، ما يجعل المريض لا يشعر بالجروح أو القرح، ويستمر في استخدام قدمه بشكل طبيعي، مما يُفاقم المشكلة.
إذا لم يتم علاج هذه الجروح بسرعة وبشكل صحيح، يمكن أن تتطور إلى التهابات عميقة تصل إلى العظام، وفي أسوأ الأحوال قد تستدعي بتر جزئي أو كلي للقدم أو الساق.
س: كيف يؤثر تناول اللحوم، وخصوصًا خلال عيد الأضحى، على مريض القدم السكري؟
د. محمد مجدي بدر:
تناول اللحوم بشكل مفرط، خصوصًا اللحوم الحمراء والدهنية، يؤدي إلى عدد من التأثيرات السلبية على مريض السكري بوجه عام، ومريض القدم السكري بشكل خاص:
-
زيادة مستويات الكوليسترول في الدم، ما يؤدي إلى تضيق الشرايين وتفاقم مشاكل الدورة الدموية الطرفية.
-
اللحوم الدهنية ترفع مستويات السكر في الدم عند تحضيرها بطريقة غير صحية (مثل القلي أو الطهي بالزبدة والسمن).
-
تضعف قدرة الجسم على التئام الجروح بسبب تأثيرها على وظائف الكلى والكبد.
-
تؤدي إلى ارتفاع حمض اليوريك، ما يزيد من فرص الإصابة بالتهاب المفاصل والأنسجة المحيطة بالقدم.
عيد الأضحى تحديدًا يمثل خطرًا متزايدًا بسبب الولائم المتكررة، وقلة الحركة، وتكرار تناول الوجبات الغنية بالدهون والسكريات.
س: ما أبرز الأخطاء التي يقع فيها مرضى القدم السكري خلال العيد؟
د. محمد مجدي بدر:
الخطأ الأكبر هو اعتبار العيد استثناءً غذائيًا، فيظنون أن بضع أيام من الإفراط لن تؤذي، لكن في الواقع:
-
بعض المرضى يتوقفون عن أخذ أدويتهم في توقيتاتها معتقدين أن الطعام سيوازن السكر.
-
يتناولون كميات كبيرة من اللحوم بدون التفكير في تأثير ذلك على الكلى والأعصاب الطرفية.
-
يرتدون أحذية جديدة أو غير مريحة أثناء الخروج للزيارات، ما يُسبب جروحًا أو فقاعات يصعب التئامها.
-
إهمال فحص القدمين يوميًا، فيتأخرون في اكتشاف الجروح أو الالتهابات.
-
قلة شرب الماء، مما يزيد من لزوجة الدم ويؤثر على الدورة الدموية في الأطراف.
س: ما هي أهم النصائح الوقائية التي يجب أن يلتزم بها مريض القدم السكري قبل وأثناء وبعد العيد؟
د. محمد مجدي بدر:
هناك ثلاث مراحل من التدابير يجب أن يلتزم بها المريض:
1. قبل العيد:
-
مراجعة الطبيب المختص للتأكد من استقرار الحالة.
-
تجهيز الأحذية الطبية المناسبة.
-
تعليم أفراد الأسرة كيفية العناية بالقدم عند الضرورة.
2. أثناء العيد:
-
تناول كميات محدودة من اللحوم، ويفضل المسلوقة أو المشوية بدون دهون.
-
الابتعاد تمامًا عن الكبدة النيئة أو المقلية.
-
تناول الخضروات الورقية والألياف مع كل وجبة لتحسين الهضم وتنظيم السكر.
-
المحافظة على مواعيد الأدوية والإنسولين بدقة.
-
شرب ما لا يقل عن 2 لتر من الماء يوميًا.
-
فحص القدم مرتين يوميًا على الأقل.
3. بعد العيد:
-
مراقبة أي علامات غير طبيعية في القدم (احمرار، حرارة، تورم).
-
العودة للنظام الغذائي المعتاد.
-
التوجه للطبيب فورًا في حالة ظهور أي جرح ولو كان بسيطًا.
س: هل هناك نوع معين من اللحوم يُفضل تجنبه تمامًا لمرضى القدم السكري؟
د. محمد مجدي بدر:
نعم. أنصح بتجنب اللحوم التي تحتوي على دهون واضحة أو شحوم، مثل لحم الضأن الدهني أو الأجزاء التي تحتوي على غضاريف ودهن كثيف.
كذلك يُمنع تمامًا تناول اللحوم المصنعة مثل البسطرمة أو النقانق أو المرتديلا، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح والمواد الحافظة، والتي تُضر بالأوعية الدموية والكلى.
س: هل يوجد دور للأحذية أو الجوارب في الوقاية من مشاكل القدم السكري خلال التنقلات في العيد؟
د. محمد مجدي بدر:
بالتأكيد. الأحذية الطبية والجوارب القطنية هي خط الدفاع الأول لحماية القدم من الجروح والاحتكاك. على المريض:
-
ارتداء أحذية مريحة مغلقة وواسعة من الأمام.
-
عدم ارتداء أحذية جديدة لأول مرة في العيد.
-
تجنب المشي حافيًا على السيراميك أو الأرضيات الساخنة.
-
استخدام جوارب قطنية ناعمة بدون خياطة سميكة.
س: البعض يعتقد أن مريض القدم السكري لا يستطيع الاستمتاع بالعيد، ما رأيك؟
د. محمد مجدي بدر:
هذا غير صحيح إطلاقًا. مريض القدم السكري يمكنه الاستمتاع بالعيد مثل أي شخص آخر، ولكن بشروط بسيطة:
-
وعي صحي في اختيار الأكل.
-
التزام بالعلاج والمتابعة.
-
حرص على الحركة اليومية، حتى لو بالمشي الخفيف.
-
مشاركة الأهل والأصدقاء في الأجواء، دون التورط في العادات الخاطئة.
الحرمان ليس الحل، بل التوازن هو المفتاح.
خلاصة الحوار
من خلال هذا الحوار العميق مع الدكتور محمد مجدي بدر، نكتشف أن الوقاية من مضاعفات القدم السكري لا تتطلب سوى وعي مستمر والتزام بالتعليمات. فعيد الأضحى يمكن أن يكون مناسبة سعيدة وآمنة إذا اتبع مريض السكري نظامًا غذائيًا متزنًا، واهتم بفحص قدميه، وحرص على الحركة والراحة النفسية.
الصحة كنز لا يُعوّض، والقدم تبدأ من العقل.