متى نلجأ إلى عملية القلب المفتوح؟
كتبت – مريم فؤاد

عملية القلب المفتوح تُعد من أخطر وأدق العمليات الجراحية، لكنها أيضًا من أكثرها نجاحًا حين تُجرى بأيدي الخبراء. هي تدخل جراحي يُفتح فيه الصدر ويُجرى تعديل مباشر على عضلة القلب أو صماماته أو شرايينه، بهدف إنقاذ الحياة أو تحسين جودة الحياة. ومنصة “طب توداي” تواصلت مع د. أحمد سامي، استشاري جراحة القلب، ليشرح لنا المراحل التفصيلية للعملية، المخاطر، وكيفية الاستعداد والتعافي بعدها.
متى نلجأ إلى عملية القلب المفتوح؟
يؤكد د. أحمد سامي أن جراحة القلب المفتوح لا تُجرى بشكل روتيني، بل هي الحل الأخير بعد استنفاد الخيارات غير الجراحية، وغالبًا ما تُستخدم لعلاج الحالات التالية:
- انسداد الشرايين التاجية وعدم الاستجابة للعلاج الدوائي أو القسطرة.
- أمراض صمامات القلب كالتضيق أو القصور.
- تشوهات خلقية في القلب.
- تمدد الشريان الأورطي الصدري.
- فشل عمليات القلب السابقة.
الفحوصات قبل الجراحة.. تجهيز علمي دقيق
يشدد د. أحمد سامي على أن أي قرار بإجراء جراحة القلب المفتوح يسبقه تقييم شامل يشمل:
- تحاليل دم شاملة.
- أشعة مقطعية للقلب.
- تخطيط القلب بالمجهود.
- قسطرة استكشافية.
- تقييم وظائف الرئة والكُلى.
ويقول إن التحضير لا يتوقف عند الفحوص، بل يشمل تجهيز الفريق الجراحي، وتحديد خطة التخدير والعناية المركزة.
إقرأ أيضا : عشان تكوني أم شاطرة..علامات تعرفي بيها إن طفلك جعان
إقرأ أيضا : احمي نفسك من الإصابة بالبروستاتا .. أهم الأسباب والعلاج
التخدير وفتح الصدر.. أولى خطوات العملية
تبدأ العملية بتخدير كلي للمريض، ثم يقوم الجراح بفتح الصدر بمنشار طبي خاص عبر عظمة القص، ما يتيح رؤية القلب بشكل مباشر. ويتم بعد ذلك توصيل المريض بجهاز “القلب والرئة الصناعي”، الذي يتولى ضخ الدم والأوكسجين مؤقتًا أثناء توقف القلب عن العمل.
ماذا يحدث أثناء توقف القلب؟
يتم تبريد الجسم جزئيًا، وإعطاء عقاقير توقف القلب مؤقتًا، ليقوم الجراح بإجراء ما يلزم بدقة شديدة، سواء كان تركيب شرايين جديدة (مثل جراحة الشريان التاجي)، أو استبدال صمام، أو تصليح عضلة متضررة. وتستمر هذه المرحلة عادة من 3 إلى 6 ساعات حسب نوع الجراحة وتعقيدها.
إعادة تشغيل القلب وإغلاق الجرح
بعد الانتهاء، يُعاد تشغيل القلب غالبًا بصدمات كهربائية خفيفة، ثم يُفصل المريض عن الجهاز الصناعي تدريجيًا، مع التأكد من انتظام النبض والدورة الدموية. ثم يُغلق الصدر باستخدام أسلاك معدنية خاصة تثبت عظمة القص، وتُغلق العضلات والجلد بخيوط جراحية.
إقرأ أيضا : بالفيديو.. دكتور أسامة أرميا يحذر من استخدام أعواد القطن لتنظيف الأذن
أقرأ أيضا: دكتور سيد صالح.. من كام سنة نقدر نعمل عمليات زراعة الأسنان ..”فيديو”
ما بعد الجراحة.. مرحلة دقيقة من المتابعة
يُوضع المريض في العناية المركزة لمدة 24 إلى 72 ساعة، مع مراقبة دقيقة للتنفس، ضربات القلب، ضغط الدم، وظائف الكُلى والكبد، والتأكد من عدم حدوث نزيف داخلي. يبدأ بعدها برنامج التعافي، ويشمل:
- تدريج المشي والحركة.
- علاج طبيعي للتنفس وتحسين الكفاءة القلبية.
- تغذية صحية غنية بالبروتين ومضادات الأكسدة.
- دعم نفسي، لأن الاكتئاب شائع بعد الجراحات الكبرى.
ما هي المخاطر المحتملة؟
يوضح د. أحمد سامي أن عملية القلب المفتوح آمنة نسبيًا عند إجرائها في مراكز متخصصة، لكن لا تخلو من مخاطر، منها:
- النزيف أو العدوى.
- الجلطات أو السكتات الدماغية.
- مشاكل في التنفس أو الكلى.
- اضطرابات نظم القلب.
- مضاعفات نفسية كالقلق أو الاكتئاب.
وتنخفض احتمالات الخطر كلما تم التحضير الجيد وتعاون الفريق الطبي مع المريض.
ما بعد الخروج من المستشفى
عادةً ما يغادر المريض المستشفى بعد 5 إلى 10 أيام، لكنه يخضع للمتابعة المستمرة لفترة طويلة، تشمل:
- فحوص دورية للقلب والصدر.
- متابعة الجروح ومكان الفتح.
- تقييم القدرة على العودة للعمل أو النشاط البدني.
- تغيير نمط الحياة بالكامل (الإقلاع عن التدخين، ممارسة الرياضة، ضبط السكر والضغط والكولسترول).
إقرأ أيضا : خاصة للسيدات: شرب اللبن يعمل على زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب
هل يستطيع المريض العودة لحياته الطبيعية؟
نعم، يؤكد د. أحمد سامي أن أغلب المرضى يستطيعون العودة لحياتهم الطبيعية تمامًا خلال 3 إلى 6 أشهر، بل إن البعض يتحسن أداؤه الحركي والنفسي مقارنةً بما قبل العملية. لكن النجاح مرهون بالالتزام الكامل بتعليمات الطبيب ونمط الحياة الصحي.
التطورات الحديثة في الجراحة القلبية
يشير د. أحمد سامي إلى أن التطورات الحالية قلّلت من الاعتماد الكامل على الجراحات المفتوحة، حيث ظهرت بدائل مثل:
- الجراحات المحدودة باستخدام المناظير.
- القسطرة التداخلية لاستبدال الصمامات.
- الطباعة ثلاثية الأبعاد لتخطيط الجراحات.
- برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل الفحوصات واتخاذ القرارات.
لكن يظل القلب المفتوح هو الخيار الأفضل في بعض الحالات التي لا يصلح معها التدخل المحدود.
كلمة ختامية من د. أحمد سامي
“الخوف من جراحة القلب طبيعي، لكن الأهم هو التعامل مع مرض القلب بجدية، وعدم التأخر في اتخاذ القرار. كلما كان التدخل مبكرًا، زادت فرص النجاح وقلّت المضاعفات”، هكذا يختتم د. أحمد سامي حديثه لمنصة طب توداي، مؤكدًا أن نجاح العملية لا يعتمد فقط على الجراح، بل على التزام المريض أيضًا.
حقوق النشر
جميع الحقوق محفوظة لمنصة طب توداي ©
منصة طب توداي
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط.