د. سامي مراد: الزكام لا يدوم أسبوعين! متى يجب القلق من التهاب الجيوب الأنفية؟
كتبت - مي عبد الله
في بداية الخريف أو خلال أيام الشتاء الباردة، يعاني كثير من الناس من رشح مستمر، صداع مزعج، احتقان في الأنف، وصعوبة في التنفس. وغالبًا ما يتساءلون: هل هذا زكام؟ أم التهاب في الجيوب الأنفية؟ هذا السؤال ليس بسيطًا كما يبدو، فالتشخيص الخاطئ يؤدي إلى إهمال العلاج أو استخدام مضادات حيوية دون داعٍ، مما يفاقم المشكلة.
في هذا التقرير، نستعرض مع د. سامي مراد، استشاري الأنف والأذن والحنجرة، الفرق بين الحالتين، ومتى يجب زيارة الطبيب، وما العلاجات الممكنة، وذلك ضمن سلسلة التوعية الصحية على منصة طب توداي، المرجعية العربية الأولى في الصحة.
الزكام: فيروس عابر بأعراض واضحة
الزكام، أو “الرشح”، هو عدوى فيروسية تصيب الجهاز التنفسي العلوي، ويتسبب فيها أكثر من 200 نوع مختلف من الفيروسات، على رأسها الفيروس الأنفي (Rhinovirus). تظهر أعراضه فجأة وتشمل:
- عطس متكرر
- سيلان أو انسداد الأنف
- ألم خفيف بالحلق
- سعال خفيف
- أحيانًا ارتفاع طفيف في درجة الحرارة
وتدوم الأعراض من 3 إلى 7 أيام، وتختفي تدريجيًا دون الحاجة إلى مضادات حيوية.
الجيوب الأنفية: عدوى بكتيرية أم التهاب مزمن؟
أما التهاب الجيوب الأنفية، فهو حالة مختلفة، إذ يحدث غالبًا بعد نزلة برد لم تُعالج جيدًا أو نتيجة تحسس مزمن. الجيوب الأنفية هي تجاويف مملوءة بالهواء خلف الجبهة والعينين والخدين، ويؤدي انسدادها أو التهابها إلى:
- صداع شديد (خاصة في مقدمة الوجه)
- ضغط حول العينين أو الجبهة
- إفرازات أنفية صفراء أو خضراء كثيفة
- فقدان حاسة الشم جزئيًا أو كليًا
- أحيانًا ألم في الأسنان العلوية
وقد يستمر الالتهاب لأكثر من 10 أيام، وغالبًا ما يحتاج إلى تدخل دوائي.
متى يصبح القلق ضروريًا؟ علامات الخطر
يشير د. سامي مراد إلى أن هناك أعراضًا إذا ظهرت، فيجب عدم تجاهلها واللجوء للطبيب فورًا:
- استمرار الأعراض أكثر من 10 أيام دون تحسن
- عودة الأعراض بعد أن تكون قد تحسنت
- ارتفاع شديد في الحرارة لأكثر من 3 أيام
- تورم حول العينين أو ألم عند تحريك العين
- صداع شديد لا يستجيب للمسكنات
في هذه الحالات، قد نكون أمام التهاب بكتيري في الجيوب، ويجب البدء بمضادات حيوية بوصفة طبية.
الفرق الجوهري: المدة وشدة الأعراض
يكمن الفرق الرئيسي بين الزكام والتهاب الجيوب في مدة استمرار الأعراض وشدتها، فبينما الزكام يبدأ خفيفًا ويتحسن خلال أيام، فإن التهاب الجيوب يبدأ إما شديدًا منذ البداية أو يتحسن ثم يزداد سوءًا.
إضافة لذلك، فإن الإفرازات الأنفية في الزكام تكون شفافة ومائية، بينما تكون في التهاب الجيوب كثيفة وملونة. كذلك فإن الصداع في الزكام يكون نادرًا وخفيفًا، بينما في الجيوب يكون حادًا ومتمركزًا.
التشخيص الدقيق: هل نحتاج أشعة؟
يعتمد التشخيص على الفحص السريري، ولكن في الحالات المزمنة أو المعقدة قد يطلب الطبيب عمل أشعة مقطعية على الجيوب الأنفية لتحديد مدى الانسداد أو وجود سوائل متجمعة، خاصة إن كان المريض يعاني من التهابات متكررة دون سبب واضح.
العلاج: لا مضادات حيوية للزكام!
يحذر د. سامي مراد من اللجوء العشوائي إلى المضادات الحيوية، موضحًا أن:
“الزكام لا يُعالج بمضاد حيوي لأنه سببه فيروسي، بينما الجيوب الأنفية قد تحتاج مضادًا إذا كانت العدوى بكتيرية.”
العلاج المناسب يشمل:
- للزكام: الراحة، شرب السوائل، خافضات الحرارة، بخاخات ملحية
- للجيوب: مضادات احتقان، بخاخات كورتيزون، مضادات حيوية في بعض الحالات
الوقاية أولى من العلاج
للوقاية من التهاب الجيوب أو تفاقم الزكام، ينصح الخبراء بما يلي:
- تجنب الأماكن المغلقة المزدحمة
- غسل اليدين بانتظام
- استخدام المحارم لمرة واحدة فقط
- معالجة حساسية الأنف عند وجودها
- تجنب التعرض المباشر للبرد أو الهواء الملوث
متى نلجأ للجراحة؟
في حالات نادرة، عندما يتحول التهاب الجيوب إلى مزمن ويؤثر على جودة الحياة، أو عند وجود لحميات أو تشوهات في الحاجز الأنفي، قد يُنصح المريض بإجراء جراحة بالمنظار لتنظيف الجيوب الأنفية وفتح مسارات التهوية.
لكن الجراحة تبقى خيارًا أخيرًا بعد فشل العلاجات الدوائية.
الخلاصة: لا تستهِن بالرشح المتكرر
الزكام عرضي يزول، أما التهاب الجيوب فقد يتحول إلى حالة مزمنة تؤثر على التنفس والتركيز والنوم. التمييز بين الحالتين ضروري لتحديد نوع العلاج وتفادي المضاعفات. لذلك، لا تعتمد على التشخيص الذاتي، واستشر الطبيب عند استمرار الأعراض أو تدهورها.
حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
منصة طب توداي هي المرجعية الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط، ووجهتك الأهم للحصول على المعلومة الموثوقة من كبار الأطباء.
