كم ساعة نوم يحتاجها مريض القلب؟

كتبت ـ مريم عبد الحميد

النوم ليس فقط وقتًا للراحة، بل هو مرحلة علاجية بالغة الأهمية، خصوصًا لمرضى القلب. فالقلب لا يتوقف عن العمل حتى في أكثر لحظات السكون، لكن ما لا يعلمه البعض أن نوعية وعدد ساعات النوم يمكن أن تكون سببًا في تفاقم أمراض القلب أو تحسنها بشكل لافت. فكم ساعة يجب أن ينامها مريض القلب؟ وهل النوم الكثير يضر كما يضر القليل؟ وما العلاقة بين توقيت النوم وصحة القلب؟

في هذا التقرير، نغوص في تفاصيل العلاقة المعقدة بين القلب والنوم، مستعرضين أحدث الأبحاث العلمية، والنصائح الطبية، وتجارب الحياة اليومية لمرضى القلب.


النوم والقلب: علاقة حيوية ومباشرة

القلب عضو حساس للتغيرات الجسدية والنفسية، ويُعد النوم أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على وظائفه. خلال النوم، ينخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يمنح القلب استراحة ضرورية. لكن اضطرابات النوم مثل الأرق، وتوقف التنفس أثناء النوم، والنوم المتقطع قد تؤدي إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية.

أثبتت دراسات حديثة أن:

  • النوم أقل من 6 ساعات يوميًا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة تصل إلى 20%.
  • النوم لأكثر من 9 ساعات أيضًا يرتبط بزيادة معدل الوفاة بسبب مشاكل قلبية.

كم ساعة نوم يحتاجها مريض القلب فعلًا؟

وفقًا لتوصيات جمعية القلب الأمريكية، فإن:

  • مريض القلب يجب أن ينام بين 7 إلى 8 ساعات يوميًا.
  • لا يُنصح بالنوم أقل من 6 ساعات أو أكثر من 9 ساعات بشكل منتظم.

وهذا النطاق لا يشمل فقط عدد الساعات، بل يشترط أيضًا أن يكون النوم “عميقًا ومريحًا” وخاليًا من الانقطاعات أو التوترات النفسية.


توقيت النوم مهم… وليس عدد الساعات فقط!

دراسات الساعة البيولوجية أظهرت أن توقيت النوم يؤثر بشكل مباشر على صحة القلب. فالأشخاص الذين ينامون بعد منتصف الليل بانتظام معرضون بنسبة أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم ومشاكل الشرايين.
بينما النوم مبكرًا (بين الساعة 10 مساءً و11 مساءً) يساعد على ضبط الإيقاع الحيوي للجسم وتحسين وظيفة القلب.


لماذا يشعر مريض القلب بالأرق؟

الكثير من مرضى القلب يعانون من مشاكل في النوم، وتتنوع الأسباب بين:

  • القلق والتوتر الناتج عن المرض نفسه.
  • تأثير بعض أدوية القلب على الجهاز العصبي.
  • التبول الليلي المتكرر بسبب مدرات البول.
  • ألم الصدر أو ضيق التنفس في وضعية الاستلقاء.

وهذه العوامل تستدعي رعاية نفسية وطبية مزدوجة لتحسين جودة النوم دون الإضرار بالقلب.


هل القيلولة مفيدة لمريض القلب؟

تُعد القيلولة القصيرة (من 20 إلى 30 دقيقة) مفيدة لمرضى القلب، خصوصًا في حال عدم الحصول على نوم كافٍ خلال الليل.
لكن القيلولة الطويلة (أكثر من ساعة) أو المتكررة يوميًا قد تُشير إلى وجود مشاكل صحية مثل اضطرابات النوم الليلية، وقد تؤثر سلبًا على انتظام الساعة البيولوجية.


علامات تدل على أن نومك يؤذي قلبك

احذر إذا لاحظت هذه الأعراض:

  • الاستيقاظ المتكرر ليلًا بسبب ضيق التنفس.
  • الشخير بصوت مرتفع أو التوقف عن التنفس أثناء النوم.
  • الخمول والنعاس الشديد في النهار.
  • ارتفاع ضغط الدم في الصباح.

كل هذه المؤشرات تستدعي مراجعة الطبيب وإجراء تقييم لجودة النوم.


نصائح لتحسين النوم لمرضى القلب

من نصائح “طب توداي” للعناية بنوم مريض القلب:

  1. النوم في توقيت ثابت يوميًا حتى في العطلات.
  2. تجنب الكافيين والتدخين قبل النوم بساعات.
  3. تقليل الإضاءة والابتعاد عن الشاشات قبل ساعة من النوم.
  4. تناول العشاء قبل النوم بـ3 ساعات على الأقل.
  5. استخدام وسادة مناسبة وداعمة للرقبة.
  6. إذا كنت تأخذ مدرات البول، فحاول أخذها في وقت مبكر من اليوم.
  7. استشر طبيبك إذا شعرت بصعوبة في التنفس أو استيقظت وأنت تلهث.

العلاقة العاطفية والنوم عند مريض القلب

بعض مرضى القلب يشعرون بالخوف من النوم، خشية حدوث أزمة قلبية أثناءه، مما يؤثر على الراحة النفسية ويزيد من التوتر. الدعم العائلي، والتواصل مع الطبيب، والاهتمام بالجوانب النفسية والعاطفية، تلعب دورًا كبيرًا في تحسين جودة النوم.


متى يجب استشارة الطبيب فورًا؟

إذا كان مريض القلب يعاني من أي من الأعراض التالية أثناء النوم:

  • ألم حاد في الصدر أو الذراع أو الفك.
  • استيقاظ مفاجئ مع شعور بالاختناق.
  • اضطراب في ضربات القلب أو خفقان مفاجئ.
  • تعرق شديد بدون سبب واضح.

فلا يجب الانتظار… بل يجب التوجه للطبيب فورًا.


خلاصة: النوم دواء مجاني… إذا استُخدم بطريقة صحيحة

النوم ليس رفاهية ولا مضيعة للوقت، بل هو وسيلة فعّالة لتحسين صحة القلب. ومن المهم أن يفهم مريض القلب أن النوم الجيد لا يعني فقط عدد ساعات معينة، بل يشمل أيضًا الهدوء النفسي، وجودة الهواء، وانتظام الساعة البيولوجية.

الوعي بهذه العلاقة الدقيقة بين النوم والقلب، والالتزام بعادات نوم صحية، يمكن أن يساهم في تخفيف الأعراض، ومنع المضاعفات، وتحسين جودة الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى