د. ياسر عبد اللطيف: القولون العصبي: مرض العصر الخفي.. وهذه أفضل طرق علاجه
كتبت - ندى عوض

تعد مشاكل الجهاز الهضمي من أكثر الشكاوى الطبية شيوعًا حول العالم. فكل يوم، نسمع عن حالات من آلام المعدة، الانتفاخ، الإسهال أو الإمساك، والارتجاع الحمضي. ويُرجع البعض ذلك إلى التوتر، وآخرون يتحدثون عن الطعام غير الصحي، فيما يلجأ الكثيرون إلى حلول سريعة دون تشخيص دقيق. فهل نحن أمام وباء صامت يصيب الجهاز الهضمي؟ وما الفرق بين القولون العصبي والتهاب القولون؟ وما أسباب انتشار التهابات المعدة والمريء بين الكبار وحتى الأطفال؟
في هذا التقرير الصحفي نتحاور مع الدكتور ياسر عبد اللطيف، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والمناظير، الذي يشرح أسباب المشاكل الشائعة، ومتى يجب التوجه للطبيب، وما الأساليب الحديثة في التشخيص والعلاج.
بين المعدة والعقل.. علاقة لا تنتهي
يقول د. ياسر عبد اللطيف إن الجهاز الهضمي يتأثر بشدة بالحالة النفسية للفرد، وهذا ما يفسر انتشار القولون العصبي. “هناك ما يُعرف بـ محور الأمعاء – الدماغ (Gut-Brain Axis)، وهو خط تواصل مباشر يجعل التوتر والقلق عوامل محفّزة جدًا لأعراض الجهاز الهضمي مثل التقلصات، الإسهال أو حتى الإمساك المزمن”، يوضح الطبيب.
شكاوى متكررة.. وأعراض مربكة
يشير الدكتور إلى أن أبرز الشكاوى التي يتعامل معها يوميًا في عيادته تتضمن:
- ألم في أعلى أو أسفل البطن
- ارتجاع في المريء وحموضة مزمنة
- شعور بالامتلاء السريع
- غازات وانتفاخ مستمر
- نوبات من الإمساك أو الإسهال
- فقدان الشهية أو الوزن
ويضيف: “تكمن خطورة هذه الأعراض في أنها قد تبدو بسيطة، لكنها قد تُخفي وراءها مشاكل خطيرة إذا لم يتم فحصها وتشخيصها بدقة”.
القولون العصبي.. مرض العصر
يوضح د. ياسر أن القولون العصبي هو اضطراب وظيفي وليس مرضًا عضويًا، لكنه يؤثر بشدة على نوعية حياة المصاب. وغالبًا ما يكون مصحوبًا بأعراض تتفاقم مع الضغط النفسي، مثل:
- تقلصات متكررة في البطن
- تغير في نمط الإخراج
- شعور بعدم الراحة حتى بعد التبرز
- غازات مزعجة وتخوف دائم من الأكل
ويؤكد أن العلاج يعتمد على تحسين النمط الغذائي، وتخفيف التوتر، واستخدام بعض الأدوية المنظّمة لحركة الأمعاء أو المهدئة للأعصاب حسب الحالة.
التهابات المعدة والمريء.. هل كل ألم سببه “الحموضة”؟
يشير الدكتور إلى أن كثيرًا من الحالات التي تأتي بشكوى الحموضة أو ألم في فُم المعدة تكون مصابة بالتهاب في جدار المعدة أو قرحة ناتجة عن عدوى بجرثومة المعدة (Helicobacter pylori). ويقول: “الخطأ الشائع هو تناول مضادات الحموضة فقط دون فحص الجرثومة، مما يُؤخر العلاج ويُعرض المريض للمضاعفات”.
كما يوضح أن ارتجاع المريء من الأمراض الشائعة جدًا، ويحتاج لتغيير نمط الحياة، مثل:
- تناول وجبات صغيرة متكررة
- تجنب النوم بعد الأكل مباشرة
- رفع الرأس أثناء النوم
- تقليل الكافيين والأطعمة الحريفة
متى نلجأ للمنظار؟
يوضح د. ياسر عبد اللطيف أن المنظار الهضمي العلوي أو السفلي يُستخدم في حالات محددة فقط، منها:
- استمرار الأعراض رغم العلاج
- وجود دم في القيء أو البراز
- فقدان الوزن غير المبرر
- أنيميا مزمنة
- اشتباه في قرحة أو سرطان
ويطمئن المرضى بأن المنظار تطور كثيرًا وأصبح سريعًا وغير مؤلم، كما أنه الأداة الأدق لتشخيص أمراض المعدة والأمعاء الدقيقة والقولون.
أخطاء غذائية شائعة:
يؤكد د. ياسر أن 70% من مشاكل الجهاز الهضمي تعود إلى العادات الغذائية السيئة، مثل:
- الإفراط في الأكل قبل النوم
- تناول أطعمة مليئة بالدهون والسكريات
- شرب المياه الغازية بكثرة
- قلة تناول الألياف والخضروات
- الاعتماد على الوجبات الجاهزة
وينصح باتباع نظام غذائي متوازن، والاهتمام بالبروبيوتيك (البكتيريا النافعة) سواء من الزبادي أو المكملات الغذائية.
نصائح الطبيب الذهبية:
- لا تهمل ألم المعدة المزمن أو الحموضة المتكررة
- ابتعد عن الأكل الحريف والدسم ليلاً
- راقب وزنك وسلوكك الغذائي
- مارس الرياضة بانتظام لتحسين الهضم
- لا تستخدم أدوية المعدة دون استشارة طبية
- لا تؤجل المنظار إذا طلبه الطبيب
الخاتمة:
إن أمراض الجهاز الهضمي ليست أمرًا بسيطًا كما يعتقد البعض، بل هي مرآة لصحة الإنسان النفسية والغذائية. والوقاية منها تبدأ من المائدة ومن طريقة تعاملك مع الضغوط اليومية. ولا تنسَ أن جهازك الهضمي يستحق منك راحة كما يستحق الطعام.