د. عمرو فوزي يوضح: لماذا أصبح جفاف العين مرض العصر؟ هل الشاشات هي السبب ؟
كتبت - هالة درغام

في عالم باتت فيه الشاشات جزءًا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، أصبح جفاف العين المزمن من أكثر الشكاوى شيوعًا في عيادات العيون. ومع تزايد التعرض للهواء الجاف، والمكيفات، والتلوث البيئي، بات من الضروري تسليط الضوء على هذا الاضطراب الذي يعاني منه الملايين حول العالم دون تشخيص دقيق.
وبحسب ما أكده الدكتور عمرو فوزي، استشاري طب وجراحة العيون، لمنصة طب توداي، فإن جفاف العين المزمن لم يعد مجرد حالة عرضية عابرة، بل تحول إلى مرض مزمن يتطلب علاجًا ومتابعة مستمرة، خاصة لدى العاملين في بيئات مغلقة أو أمام الشاشات لساعات طويلة.
ما هو جفاف العين المزمن؟
جفاف العين المزمن هو حالة تحدث عندما لا تُفرز العين ما يكفي من الدموع، أو عندما تكون نوعية الدموع رديئة، ما يؤدي إلى تهيّج سطح العين، واحمرارها، والشعور بالحرقان المستمر أو وجود جسم غريب داخل العين. وهو يختلف عن الجفاف العرضي الذي قد يحدث نتيجة قلة النوم أو تعرض مؤقت لمهيجات خارجية.
الشاشات الرقمية… عدو الرطوبة الأول
تشير دراسات حديثة إلى أن الاستخدام المطول للشاشات الإلكترونية – سواء في الهواتف أو الحواسيب أو أجهزة التابلت – يخفّض معدل الرمش الطبيعي للعين بنسبة تصل إلى 60%، ما يقلل من توزيع الطبقة الدمعية على سطح العين. هذا الانخفاض يؤدي إلى تبخر الدموع بسرعة، وبالتالي الإصابة بالجفاف المزمن.
يعلّق الدكتور عمرو فوزي على ذلك قائلاً: “الرمش ليس فقط حركة تلقائية، بل هو آلية طبيعية تحمي سطح العين. وعند التركيز في الشاشة لفترة طويلة، يقل معدل الرمش، ما يؤدي إلى تعرية سطح العين من الترطيب اللازم”.
التكييف والهواء الجاف… العدو الخفي
الهواء الجاف الناتج عن أنظمة التكييف أو التدفئة المركزية يزيد من تبخر الدموع، وخصوصًا في الأماكن المغلقة ضعيفة التهوية. كذلك الأمر في البيئات الصحراوية أو التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الأتربة والغبار. فكل هذه العوامل تساهم في إضعاف الفيلم الدمعي الذي يغلف سطح العين.
ينصح الدكتور فوزي بترطيب الأماكن المغلقة باستخدام أجهزة ترطيب الهواء، والابتعاد قدر الإمكان عن التهوية المباشرة، مثل الجلوس أمام المروحة أو التكييف.
أعراض لا يجب تجاهلها
يؤكد أطباء العيون أن تجاهل أعراض جفاف العين المزمن قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى البعيد. وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا:
- الشعور بوخز أو حرقان داخل العين
- الإحساس بوجود رمل أو جسم غريب
- احمرار مستمر
- عدم وضوح الرؤية خاصة عند القراءة أو القيادة
- حساسية مفرطة للضوء
- زيادة إفراز الدموع بشكل غير طبيعي (رد فعل للجفاف)
متى تزور طبيب العيون؟
يعتقد البعض أن جفاف العين مجرد أمر مزعج لا يستحق زيارة الطبيب، لكن الحقيقة أن الإهمال في علاجه قد يؤدي إلى تآكل سطح القرنية، وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، وحتى فقدان البصر في بعض الحالات النادرة. لذلك، ينصح د. عمرو فوزي بمراجعة طبيب العيون إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين، أو كانت مصحوبة بألم، تغير في الرؤية، أو إفرازات غير طبيعية.
العلاجات المتوفرة… من القطرات إلى التقنيات الحديثة
يعتمد علاج جفاف العين المزمن على شدة الحالة وسببها الأساسي. ومن أبرز الوسائل العلاجية:
- الدموع الصناعية: وهي أكثر العلاجات شيوعًا، وتُستخدم لترطيب سطح العين
- القطرات المضادة للالتهاب: لتقليل التهيّج وتحسين نوعية الدموع
- سدادات قنوات الدمع: تُستخدم في الحالات الشديدة لمنع تصريف الدموع
- نظارات حماية خاصة: تحافظ على رطوبة العين وتقلل من التبخر
- العلاج بالوميض الضوئي IPL: وهي تقنية حديثة لتحفيز الغدد الدهنية في الجفون
- استخدام أوميجا-3: في النظام الغذائي للمساعدة على تحسين نوعية الدموع
نصائح طبية من د. عمرو فوزي للوقاية اليومية
- اتبع قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة، انظر لمسافة 20 قدمًا لمدة 20 ثانية
- ارمش بوعي عند استخدام الأجهزة
- استخدم قطرة مرطبة بدون وصفة عند الضرورة
- قلل من التعرض للمكيفات والمراوح المباشرة
- نظف الجفون بانتظام باستخدام مناديل خاصة أو ماء دافئ
- اشرب كميات كافية من المياه يوميًا
من الأكثر عرضة للإصابة بجفاف العين المزمن؟
بجانب مستخدمي الشاشات والمقيمين في بيئات جافة، هناك فئات معرضة أكثر من غيرها لجفاف العين:
- النساء بعد سن اليأس بسبب التغيرات الهرمونية
- مرضى السكري والغدة الدرقية
- مستخدمو العدسات اللاصقة بشكل يومي
- من يتناولون أدوية مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات الهيستامين
- الأشخاص الخاضعون لجراحات تصحيح النظر مثل الليزك
هل يمكن الوقاية بالكامل من جفاف العين؟
رغم صعوبة تجنّب كل العوامل المسببة لجفاف العين، فإن الوقاية ممكنة بنسبة كبيرة من خلال تعديل نمط الحياة والعناية اليومية بالعين. يؤكد الدكتور فوزي أن “الوعي هو السلاح الأقوى. كل شخص يستخدم الأجهزة يوميًا يجب أن يعتبر نفسه معرضًا ويبدأ بالوقاية مبكرًا، بدلًا من الانتظار حتى تتدهور الحالة”.
الخلاصة: العيون تستحق العناية
جفاف العين المزمن لم يعد مجرد حالة بسيطة بل مشكلة صحية متزايدة في ظل نمط الحياة الرقمي. ومع أن العلاجات متوفرة، فإن الوقاية والتشخيص المبكر هما السبيل الأفضل لحماية نعمة الإبصار.
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي.
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط.