احذر .. الإفراط في اللحوم خلال عيد الأضحى يسبب حصوات الكلى؟
كتبت نهاد رشوان

يأتي عيد الأضحى المبارك حاملًا معه البهجة والروحانيات واللقاءات العائلية، إلا أنه يرتبط أيضًا بعادة غذائية مميزة وهي الإكثار من تناول اللحوم، وخصوصًا لحم الأضحية. وبينما يرى كثيرون في هذه المناسبة فرصة للاستمتاع بأشهى الأطباق، يُحذّر الأطباء من آثار صحية قد تكون خطيرة، وعلى رأسها زيادة احتمال تكوّن حصوات الكلى والمسالك البولية نتيجة الإفراط في تناول البروتين الحيواني.
في هذا التقرير الخاص من موقع طب توداي، نلقي الضوء على العلاقة بين اللحوم الحمراء وتكون الحصوات الكلوية، ونسلط الضوء على الفئات المعرضة للخطر، إلى جانب تقديم مجموعة من النصائح الوقائية للحفاظ على صحة الكلى خلال موسم العيد.
ما هي حصوات الكلى؟ وكيف تتكون؟
حصوات الكلى هي كتل صلبة تتشكل من تراكم مواد معدنية وأملاح حمضية في البول، وتكون عادة صغيرة الحجم في البداية، لكنها قد تنمو إذا لم تُطرد من الجسم. وتتكون الحصوات نتيجة خلل في توازن مكونات البول، وخصوصًا عند ارتفاع مستويات حمض اليوريك أو الكالسيوم أو الأوكسالات.
أحد أبرز المحفزات لتكوين هذه الحصوات هو الاستهلاك المفرط للبروتينات الحيوانية، ما يجعل عيد الأضحى بيئة خصبة لزيادة الإصابة أو عودة الحصوات لدى من لديهم تاريخ مرضي.
كيف تؤثر اللحوم على الكلى والمسالك البولية؟
اللحوم الحمراء، وخاصةً الكبد والكلاوي والمخ، غنية بالبروتين الحيواني والبيورينات، وهي مركبات تؤدي إلى إنتاج حمض اليوريك في الجسم. وعند ارتفاع مستواه في الدم والبول، يترسب هذا الحمض على هيئة بلورات صغيرة قد تتحول إلى حصوات مع مرور الوقت.
تأثير اللحوم لا يقتصر على حمض اليوريك فقط، بل إن البروتين الحيواني يُزيد من إفراز الكالسيوم في البول، ويُقلل من إفراز السيترات، وهو مركب طبيعي يساعد في منع تشكل الحصوات.
ماذا يحدث في عيد الأضحى؟
خلال أيام عيد الأضحى، يتغير النمط الغذائي لدى كثير من الناس بشكل حاد، حيث:
- يُستهلك اللحم بكميات كبيرة في أكثر من وجبة يوميًا
- تقل نسبة تناول الخضروات والفواكه والألياف
- ينخفض معدل شرب الماء، خاصة في ظل الانشغال بالزيارات والطقوس
- تزداد نسبة الأطعمة الدهنية والتوابل الحارة، مما يزيد من عبء الجهاز البولي
هذا التغيير المفاجئ في النظام الغذائي يُحمّل الكلى عبئًا زائدًا، ويجعل تكوّن الحصوات أكثر احتمالًا، خصوصًا إذا ترافق مع إهمال شرب السوائل.
من هم الأكثر عرضة للإصابة؟
بعض الأشخاص معرضون بشكل أكبر لتكوّن الحصوات عند الإفراط في أكل اللحوم، ومنهم:
- من لديهم تاريخ سابق مع حصى الكلى أو الحالب
- مرضى النقرس، بسبب ارتفاع حمض اليوريك
- المصابون بمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم
- أصحاب النظام الغذائي الغني بالبروتين وقليل السوائل
- من لا يتناولون كميات كافية من الماء يوميًا
هؤلاء يجب أن يكونوا أكثر وعيًا وحذرًا في التعامل مع موائد العيد.
أعراض قد تشير إلى وجود حصى
في كثير من الحالات، لا تظهر أعراض الحصوات إلا عند تحركها داخل الكلية أو الحالب، وقد تشمل:
- ألم شديد مفاجئ في أحد جانبي البطن أو أسفل الظهر
- ألم عند التبول أو وجود دم في البول
- غثيان أو قيء مفاجئ
- زيادة الحاجة إلى التبول مع قلة الكمية
- بول داكن أو ذو رائحة كريهة
وفي حال ظهور هذه الأعراض، يجب التوجه فورًا إلى الطبيب المختص، حيث يمكن إجراء فحوصات مثل تحليل البول أو الأشعة للكشف عن وجود الحصوات.
نصائح “طب توداي” للوقاية خلال عيد الأضحى
حتى لا تتحول فرحة العيد إلى معاناة صحية، ننصح باتباع الخطوات التالية للوقاية من تكون الحصوات:
1. الاعتدال في تناول اللحوم
لا مانع من الاستمتاع بلحم الأضحية، لكن يجب ألا تزيد الحصة اليومية عن 100-150 جرامًا. ويُفضل التنويع بين مصادر البروتين وعدم الاعتماد فقط على اللحوم الحمراء.
2. الإكثار من شرب الماء
ينصح بشرب ما لا يقل عن 2 إلى 3 لترات من الماء يوميًا، خاصة في أيام الحر والطقوس الخارجية. الماء يُساعد على تخفيف تركيز الأملاح في البول ويُقلل من فرصة ترسبها.
3. تجنب الأعضاء الغنية بالبيورينات
الكبدة والمخ والكلاوي تحتوي على نسب عالية من البيورينات التي تُنتج حمض اليوريك. يُستحسن تقليل استهلاك هذه الأطعمة، خاصة لمن لديهم قابلية لتكوّن الحصوات.
4. تناول الخضروات والفواكه
الخضروات الغنية بالألياف والفواكه المحتوية على فيتامين سي مثل البرتقال والليمون تُساعد في تقليل فرص تشكل الحصوات. ويمكن إدخال السلطة أو الخضار المطهو مع كل وجبة لحم.
5. الحد من المشروبات الغازية
المشروبات الغازية، وخاصة تلك المحتوية على حمض الفوسفوريك، قد تساهم في تكوّن بعض أنواع الحصوات. استبدلها بالماء أو العصائر الطبيعية غير المحلاة.
6. الحركة والنشاط
الخمول بعد تناول الطعام يُبطئ عملية الهضم ويزيد من فرص تراكم الأملاح في الجسم. لذا يُفضل ممارسة المشي بعد الأكل لتحفيز الجهاز البولي والهضمي على العمل بكفاءة.
متى يجب استشارة الطبيب؟
إذا كنت تعاني من تاريخ مرضي مع الحصوات، أو بدأت تشعر بأعراض غير مريحة خلال أيام العيد، لا تنتظر حتى تتفاقم الحالة. زيارة مبكرة للطبيب المختص يمكن أن تُجنبك المضاعفات وتُساعد في الكشف المبكر عن أي خطر.
كلمة من “طب توداي”
عيد الأضحى مناسبة عظيمة لتبادل الزيارات وصلة الرحم والاحتفاء بالبركة، ولكن لا يجب أن نغفل عن صحتنا في خضم هذه الأجواء. فكما نحرص على ذبح الأضحية والتقرب بها، يجب أن نحرص على صحة أبداننا ونقي أنفسنا شر الأمراض التي قد تنجم عن الإفراط في الطعام، خاصة إذا كان غنيًا بالدهون والبروتينات.
الكلى من أكثر الأعضاء تأثرًا بنمطنا الغذائي، ولا يظهر ضعفها إلا بعد فترة. لذا فإن الحفاظ على توازن الغذاء وشرب الماء ومراقبة الأعراض مبكرًا هو الخطوة الأهم لصحة دائمة.