“ضحكك ممكن يقتل!”.. الوجه المظلم لبرامج المقالب على السوشيال ميديا وتحذيرات أطباء القلب
كتبت - رباب وهبة

في زمن تصدّرت فيه منصات التواصل الاجتماعي حياة الناس، لم تعد مقاطع الفيديو مجرد وسيلة للترفيه، بل تحوّلت في بعض الأحيان إلى سلاح قاتل. برامج المقالب التي يتباهى بها البعض لجذب ملايين المشاهدات والإعجابات، قد تكون سببًا مباشرًا في إصابة شخص بأزمة قلبية، أو حتى فقدان حياته. فما هو الأثر النفسي والجسدي لهذه المقالب؟ ولماذا يحذّر الأطباء من تداولها؟ يستعرض لكم #طب_توداي في هذا التقرير الوجه الخفي لبرامج المقالب وأخطارها الصحية والنفسية على الضحايا.
✅ المقالب.. من فن الكوميديا إلى تهديد الحياة!
كان الهدف من المقالب في السابق هو إضفاء أجواء من المرح والفكاهة بين الأصدقاء، أو ضمن البرامج التلفزيونية المحترفة التي تراعي الجوانب الأخلاقية والصحية. لكن مؤخرًا، تحوّلت المقالب على مواقع مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام إلى أفعال خطيرة تتسم بالعنف النفسي أو الرعب الشديد، دون أي اعتبار لتأثير ذلك على الشخص المتلقي أو الجمهور.
✅ وسائل التواصل الاجتماعي.. تشجع على “المقالب المرعبة”
بفضل الخوارزميات التي تكافئ المحتوى الصادم، أصبح صانعو المحتوى يسعون لصناعة “مقالب أقوى وأخطر” من أجل تحقيق الانتشار. ومن هذه المقالب:
- التنكر في زي مخيف ومباغتة الناس في الشارع.
- الادعاء بوجود حريق أو حادث وهمي.
- إيهام الضحية أن هناك خطرًا على حياته أو حياة أسرته.
- إطلاق أصوات فجائية مرعبة أو إطفاء الأنوار.
كل هذه الأفعال، وإن بدت ساخرة للبعض، إلا أن آثارها قد تكون كارثية خاصة لمن يعانون من أمراض القلب أو الاضطرابات النفسية.
✅ رد فعل الجسم على المقالب المرعبة: لماذا قد تسبب أزمة قلبية؟
عندما يتعرّض الشخص لموقف مفاجئ ومخيف، يفرز الجسم هرمونات التوتر مثل الأدرينالين بشكل مفاجئ. هذه المواد ترفع ضغط الدم، وتسرّع ضربات القلب، وتجهد عضلة القلب بشكل كبير. ومع هذه الضغوط، قد تحدث:
- ذبحة صدرية: نتيجة تضييق الشرايين التاجية.
- جلطة قلبية: بسبب انفجار شريان أو تكون جلطة مفاجئة.
- توقف مفاجئ للقلب: في حالات الرعب الحاد لدى مرضى القلب أو من لديهم مشاكل في الكهرباء القلبية.
وهو ما تؤكده دراسات منشورة في المجلات الطبية العالمية والتي ربطت بين الانفعالات القوية مثل الحزن أو الفرح أو الخوف وبين ارتفاع احتمالية الإصابة بالأزمات القلبية.
✅ قصص واقعية.. الضحك تحوّل إلى مأساة
- في مصر، توفيت سيدة ستينية بعد مقلب “مرعب” من حفيدها الذي أراد أن يمازحها بقناع مرعب، مما أدى لإصابتها بأزمة قلبية حادة.
- في الجزائر، أصيب شاب بجلطة دماغية إثر مقلب تلفزيوني تم تصويره دون علمه.
- في السعودية، تعرض مسن لأزمة قلبية بعد أن تم إخافته بسيارة تسير نحوه مسرعة كجزء من تحدي سوشيال ميديا.
هذه القصص وغيرها تطرح سؤالًا أخلاقيًا خطيرًا: هل المتعة تستحق حياة إنسان؟
✅ الجانب القانوني.. هل يمكن معاقبة أصحاب المقالب المميتة؟
في العديد من الدول، بدأت الحكومات تتدخل لضبط هذا النوع من المحتوى. بعض القوانين تعاقب بالسجن أو الغرامة من يتسبب في أذى نفسي أو جسدي لشخص آخر، خاصة إذا تم ذلك بهدف التربح أو الشهرة.
- في مصر: يمكن اعتبار هذا الفعل نوعًا من التعدي أو الترهيب أو حتى القتل الخطأ في بعض الحالات.
- في دول الخليج: تمت محاكمة بعض صناع المحتوى بتهمة انتهاك الخصوصية وبث الرعب.
المشكلة الأكبر أن الضحايا أنفسهم في كثير من الأحيان لا يعرفون حقوقهم القانونية، أو يترددون في الإبلاغ عن الأذى الذي تعرضوا له.
✅ رأي الأطباء.. مقالب السوشيال ميديا خطر على الصحة العامة
صرّح الدكتور عادل مصطفى، أستاذ أمراض القلب بكلية الطب، لموقع #طب_توداي قائلًا:
“الإجهاد النفسي المفاجئ الذي يصيب الإنسان نتيجة موقف صادم، قد يساوي في تأثيره جلطة قلبية أو أزمة دماغية. خاصة عند كبار السن، أو من لديهم تاريخ مرضي في القلب أو السكر أو ارتفاع الضغط. لذا فإن هذه المقالب ليست بريئة أبدًا.”
وأضاف:
“أكثر ما يقلقنا كأطباء هو أن الضحية لا يشعر بعرض واضح فوري، ثم يفاجأ بانهيار في القلب بعد ساعة أو ساعتين من المقلب، مما يعيق التشخيص السريع.”
✅ تأثير المقالب على الصحة النفسية
حتى لو لم تحدث أزمة صحية فورية، فإن التعرض لمقلب صادم قد يسبب آثارًا نفسية مثل:
- نوبات فزع متكررة.
- أرق واضطراب في النوم.
- خوف مرضي من الأماكن أو الأشخاص.
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) في حالات معينة.
وقد يحتاج الشخص لعلاج نفسي لفترة طويلة، فقط ليتعافى من لحظات تم تصويرها ونشرها لأجل الضحك.
✅ كيف تحمي نفسك وأحباءك من هذه المقالب؟
نصائح #طب_توداي للوقاية من خطر المقالب:
- توعية الأطفال والمراهقين بعدم مشاركة أو تنفيذ أي مقلب يتضمن خوفًا أو تهديدًا.
- تنبيه كبار السن بعدم مشاهدة محتوى المقالب إن كان يؤثر على أعصابهم.
- الإبلاغ عن الفيديوهات المؤذية على منصات التواصل لحذفها سريعًا.
- التحدث بصراحة مع من يقومون بهذه المقالب عن خطورتها.
- مراقبة سلوك الأطفال إذا كانوا يتأثرون سلبيًا بعد مشاهدة مقاطع رعب أو مزاح قاسٍ.
✅ الختام.. لأن الحياة مش لعبة
قد تكون المقالب وسيلة للضحك، لكنها إذا خرجت عن حدود السلامة والاحترام، تصبح جريمة متكاملة الأركان. الحياة ليست لعبة، وصحة الإنسان ليست مجالًا للتجربة أو المزاح الثقيل.
فكر قبل أن تصور، وتذكر دائمًا أن فيديو قد ينتهي بدقيقة ضحك، يمكن أن يترك أثرًا لا يُمحى مدى الحياة.