بعد تزايد حالات سرطان عنق الرحم المتأخرة.. أطباء يطالبون الدولة بإدراج تطعيم الورم الحليمي ضمن البرنامج القومي
كتبت/ مي السايح

رغم أن عدد الحالات الجديدة المصابة بسرطان عنق الرحم في مصر يُقدّر بنحو 1300 حالة سنويًا، إلا أن هذا الرقم لا يعكس حجم المعاناة الحقيقية التي يسببها المرض، خاصة في ظل تشخيص أغلب الحالات في مراحل متقدمة، حيث تصبح فرص الشفاء محدودة والمعاناة الإنسانية بالغة.
في الوقت الذي نجحت فيه العديد من الدول في تقليص معدلات الإصابة بفضل تطعيم فيروس الورم الحليمي البشري (HPV Vaccine) وبرامج الكشف المبكر، لا يزال الوعي المجتمعي والتطبيق العملي لهذه الإجراءات في مصر دون المستوى المطلوب.
مرض يمكن الوقاية منه
سرطان عنق الرحم من أنواع السرطان القليلة التي يمكن الوقاية منها بشكل شبه كامل.
السبب الرئيسي للإصابة به هو فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو فيروس واسع الانتشار ينتقل في الغالب عبر الاتصال الجنسي.
ويعد التطعيم ضد هذا الفيروس الوسيلة الأهم لمنع العدوى، وبالتالي الوقاية من السرطان قبل حدوثه.
الدراسات العالمية أثبتت أن التطعيم يقلل خطر الإصابة بأورام عنق الرحم بنسبة تتجاوز 90%، خاصة عندما يُعطى للفتيات في سن مبكرة قبل بدء النشاط الجنسي.
تشخيص متأخر ومعاناة إنسانية
يقول أحد الاستشاريين في طب الأورام إن بعض الحالات في مصر تُكتشف في المرحلة الرابعة، بعد أن يكون الورم قد انتشر، مسببًا مضاعفات قاسية مثل الناسور السرطاني بين الأمعاء والمهبل، وهي من أكثر الحالات ألمًا ومعاناة.
ويضيف الطبيب أن “رؤية مريضة واحدة في هذه الحالة كافية لتدرك أن أي تكلفة للتطعيم لا تُقارن بثمن الألم والعلاج والمعاناة التي يمكن تجنبها”.
فالمرض في مراحله المتأخرة لا يهدد الحياة فقط، بل يؤثر بشدة على كرامة المريضة وجودة حياتها.
شاهد: د. سامح فوزي يكشف أعراض أورام الجهاز اللمفاوي وطرق التشخيص الحديثة
تكلفة التطعيم أم تكلفة الإهمال؟
في الوقت الذي قد يرى فيه البعض أن توفير لقاح HPV عبء مالي على الدولة، يرى الأطباء أن تكلفة العلاج في المراحل المتقدمة من المرض — سواء من حيث الأدوية أو الإقامة بالمستشفى أو الدعم النفسي والاجتماعي — تفوق أضعاف تكلفة التطعيم.
بل إن تطبيق برنامج وطني للتطعيم والفحص المبكر سيعود بالنفع الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل، من خلال تقليل عدد الحالات الحرجة وتخفيف الضغط على المنظومة الصحية.
شاهد: خطوة بخطوة.. كيف دخلت مصر موسوعة جينيس بإنجاز طبي في الكشف المبكر عن الأورام السرطانية
غياب الوعي وضعف المبادرات
رغم أن منظمة الصحة العالمية أوصت منذ سنوات بإدراج التطعيم ضد فيروس HPV ضمن برامج التحصين الوطني، لا يزال اللقاح غير متاح بشكل واسع في مصر، وتقتصر معرفته على بعض الأطباء أو الأسر الواعية طبيًا.
ويرجع ذلك إلى نقص التوعية، والخوف من المفاهيم الخاطئة حول اللقاح، وغياب المبادرات الإعلامية المنظمة لتثقيف المجتمع.
الطريق إلى الحماية
الوقاية من سرطان عنق الرحم تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية:
1.التطعيم ضد فيروس HPV للفتيات من سن 9 إلى 14 عامًا.
2.الفحص الدوري باستخدام مسحة عنق الرحم أو اختبار HPV DNA.
3.نشر الوعي حول المرض وأعراضه وأهمية الكشف المبكر.
الخبراء يؤكدون أن نجاح مصر في مواجهة هذا النوع من السرطان يتطلب إرادة صحية حقيقية، وتعاونًا بين الدولة والمجتمع المدني والأطباء، لتصحيح المفاهيم وتشجيع الوقاية المبكرة.




