د. محمد الشافعي يروي كواليس طرده من “دار الفؤاد”

كتبت/ مي السايح

في محاضرة علنية سرد الدكتور محمد الشافعي، طبيب مقيم سابقاً بعناية مركزة، حدثًا احتدّت فيه موازين المهنية والإدارة داخل أحد المستشفيات الخاصة، بعد موقف سريري ارتبط بتشخيص مبكر لحالة مهددة للحياة.

الحكاية توضح صدامًا بين القرار الطبي المؤسس على الشاهد الإكلينيكي، وبين توجيهات أستاذيَّة وإدارية أدت — بحسب روايته — إلى فصلٍ وظيفي.

وفقًا لسرد د. الشافعي، وصلت مريضة كبيرة السن إلى قسم الطوارئ بحالة تسمم كيتوني سكري (DKA) — وهي حالة طبية طارئة — كانت مرافقة من أشخاص ذوي وضع اجتماعي مرموق.

أشار استشاري الباطنة المشرف على الحالة إلى أن الإجراءات المطلوبة لا تشمل إجراء أشعة مقطعية على جمجمة المريضة، وطلب عدم عمله. لكن د. الشافعي أصرّ على طلب فحص CT skull للاشتباه في إصابة فطرية قاتلة معروفة بـmucormycosis أو «الفطر الأسود» في سياق مرضى DKA المصابين بالتهاب بالجيوب الأنفية أو ألم وتورم في عين واحدة.

المصدر نفسه قال أن الفحص بالأشعة أظهر وجود «فورم فطري» في العظم (maxilla) وأكد صحة اشتباهه السريري. ورغم ذلك، تطور الموقف بينه وبين قيادة المستشفى وأستاذ الباطنة إلى مستوى إداري أنهى عمله في المستشفى، قبل أن يُطالَب لاحقًا بالجلوس مع مدير الإدارة الذي قال إنه «أخذ حقه» بطريقة وصفها الشاب بالمغازلة، ثم تم تسوية الموقف بصورة أدت إلى استمراره مع ذكر دروس احترافية.

لماذا كان طلب الـCT مهمًا؟

يوضح سرد د. الشافعي نقطة طبية دقيقة ومهمة: المريض المصاب بـDKA معرض لخطر انتشار الفطر المُعَنَدِم (mucormycosis)، الذي يبدأ عادة في الجيوب الأنفية ويمكن أن ينتشر بسرعة إلى العين والجمجمة والدماغ. إحدى العلامات المميزة التي ذُكرت في الحالة كانت احتقان الملتحمة وتورم عين واحدة (unilateral orbital cellulitis/edema) — إشارة تحذيرية تستلزم تصويرًا مقطعيًا لتقييم امتداد العدوى ووجود خراج فطري أو توسع عظمي.

وفقًا للأدلة السريرية، التأخير في التشخيص والعلاج الجراحي للميوكورمِيكوزيس قد يؤدي إلى الحاجة لإجراءات استئصالية كبرى (مثل استئصال العين أو أجزاء من الجمجمة) وترافقه نسبة وفاة مرتفعة إن لم تُعالج مبكرًا. لذلك فإن قرار إجراء الـCT كان منطقيًا وذا طابع إنقاذي.

شاهد أيضًا: رصاصة عمرها 50 سنة في رجله ومكنش عارف.. د. رانيا النبراوي تكشف قصة رصاصة استقرت في قدم مريض نصف قرن

بُعد أخلاقي ومهني: متى يخالف الشاب توجيه الأستاذ؟

القصة تثير سؤالًا أخلاقيًا بديهيًا في الممارسات الصحية: ماذا لو تعارضت الخبرة الشبابية القائمة على ملاحظة سريرية مُبرَّرة مع توجيه إداري أو استشاري؟ القواعد الأخلاقية والطبية عمومًا تضع سلامة المريض في المقام الأول، وتجيز للطبيب أن يطلب فحصًا أو استشارة حينما يرى أن ذلك في صالح المريض، خصوصًا في الحالات الطارئة.

في الرواية التي سردها د. الشافعي، بدا الموقف خليطًا من إجهاد التراتبية الأكاديمية، وضغط الاعتبارات المرتبطة بوضع المريض الاجتماعي (VIP)، ومخاطر المساس بسمعة المستشفى، مقابل مبدأ أساسي في الطب: التشخيص المبكر وتطبيق ما يلزم من فحوصات إنقاذية.

اختتم المتحدث محاضرته بتأكيدات عدة يمكن اعتبارها قواعد عملية للممارسين الشباب:

  • افهم التاريخ المرضي والخلفية المناعية للمريض: مريض DKA يحتاج يقظة خاصة لعلامات العدوى الفطرية.
  • لا تتخلى عن ملاحظتك الإكلينيكية لمجرد أنها تصطدم بتوجيهات؛ اطلب توضيحًا أو استشارة كتابية إن لزم.
  • التعلم من المعلم الكبير مهم جدًا، لكن يجب أن يقترن ذلك بالقدرة على اتخاذ القرار عندما يكون المريض في خطر.
  • التوثيق والاتصال الإداري ضروريان لتفادي سوء تفاهم وتحميل الأفراد تبعات القرارات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى