د. محمد هيكل: العيان ممكن يدفع ربع مليون جنيه أدوية وأشعات في الأرض بسبب إن مفيش دكتور بيسمعه!| فيديو
كتبت/ مي السايح

حذّر الدكتور محمد هيكل، استشاري القسطرة التداخلية والموجات فوق الصوتية القلبية، من خطورة تجاهل اضطرابات «العصب الحائر» (العصب العاشر)، باعتباره أحد الأسباب الخفية وراء نوبات الدوخة والإغماء واضطرابات سرعة ضربات القلب، والتي يدور بسببها كثير من المرضى بين التخصصات الطبية المختلفة دون تشخيص دقيق أو علاج حقيقي.
جاء ذلك في فيديو طبي نشره د. هيكل، استعرض خلاله حالة مريض خضع لما يُعرف بـ«اختبار المنضدة المائلة» (Tilt Table Test)، بعد أن طرق أبواب عدة تخصصات، وأجرى فحوصًا باهظة التكاليف، قبل اكتشاف أن المشكلة الأساسية ترجع إلى اضطراب في العصب الحائر يمكن تشخيصه بفحص أقل تكلفة لو تم التفكير فيه منذ البداية.
لفّات طبية متكررة… وتشخيص غائب
في تحليله لمسار مريض العصب الحائر، قدّم د. هيكل نموذجًا تقريبيًا للتكاليف التي يتحملها كثير من المرضى قبل الوصول إلى التشخيص الصحيح، موضحًا أن الأعراض المتعددة — مثل الدوخة، الإغماء، ضيق النفس، ألم الصدر، هبوط الضغط، اضطرابات الهضم، والزغللة — تُربك مسار التشخيص وتدفع المريض للتنقل بين عدة تخصصات:
- طبيب المخ والأعصاب:
كشف، أشعة مقطعية على المخ، تحاليل، وربما رنين مغناطيسي على المخ والفقرات العنقية، ورنين بالصبغة على شرايين المخ والرقبة، مع تكرار وصف الأدوية…
التكلفة التقديرية: قد تصل إلى نحو 10 آلاف جنيه، مع نتيجة تشخيصية «سليمة» ظاهريًا. - طبيب الأنف والأذن والحنجرة:
بحثًا عن سبب للدوخة وطنين الأذن وتغيّر الصوت، يتم إجراء مقياس سمع، مقياس اتزان، ومنظار على الحنجرة والأحبال الصوتية، مع علاج دوائي متكرر.
التكلفة التقديرية: قرابة 6 آلاف جنيه، والنتيجة: لا سبب واضح. - طبيب الجهاز الهضمي:
بسبب الحموضة والانتفاخ والقولون وآلام المعدة، يخضع المريض لسونار على البطن، تحاليل متعددة، منظار معدة ومنظار قولون، وأشعة مقطعية على البطن، مع أدوية هضمية.
التكلفة التقديرية: قد تتجاوز 14 ألف جنيه، ومع ذلك تبقى النتائج في الإطار الطبيعي. - طبيب القلب:
مع تسارع ضربات القلب وألم الصدر وهبوط الضغط، يتم إجراء رسم قلب، موجات صوتية على القلب (إيكو)، تحاليل، ورسم قلب بالمجهود، وقد يُنصح المريض بالخضوع لقسطرة قلبية باهظة التكاليف، بالإضافة إلى أدوية لا تُجدي نفعًا إذا كان السبب عصبيًا بالأساس.
التكلفة التقديرية: قد تصل إلى 14 ألف جنيه أخرى، بدون تشخيص نهائي مقنع. - طبيب الصدر:
لضيق النفس وصعوبة بذل المجهود، يخضع المريض لأشعة مقطعية على الصدر، ومقياس وظائف تنفس، وعلاجات استنشاقية وبخاخات.
التكلفة التقديرية: نحو 6 آلاف جنيه، مع استمرار الأعراض. - طبيب العيون:
بسبب الزغللة والازدواجية والشبورة، يتم إجراء فحوصات للنظر، وفحص قاع العين والعصب البصري، مع علاج دوائي متكرر.
التكلفة التقديرية: حوالي 7 آلاف جنيه، بدون اكتشاف سبب عضوي واضح. - الطب النفسي:
بعد كل هذه “النتائج الطبيعية”، يُنسب ما يعانيه المريض للقلق أو الاضطراب النفسي، فيتجه إلى طبيب الأمراض النفسية، ويتحمل تكلفة جلسات وأدوية على مدار شهور.
التكلفة التقديرية: قد تصل إلى 10 آلاف جنيه إضافية.
وبذلك، يوضح د. محمد هيكل أن التكلفة الإجمالية لهذه الرحلة قد تقترب من 70 ألف جنيه في المتوسط، دون الوصول إلى التشخيص الحقيقي، مع ما يترتب على ذلك من معاناة بدنية ونفسية للمريض، وإهدار مالي كبير على الأسرة والمنظومة الصحية.
العصب الحائر… سبب واحد لأعراض متفرقة
يؤكد د. هيكل أن جوهر المشكلة في كثير من هذه الحالات هو اضطراب في «العصب الحائر»، المسؤول عن تنظيم عدد من الوظائف الحيوية، منها:
- تنظيم ضربات القلب
- ضبط ضغط الدم
- التحكم في حركة الجهاز الهضمي
- التأثير على التنفس وبعض استجابات الجسم للضغط العصبي
عندما يختل عمل هذا العصب، تظهر مجموعة من الأعراض المتداخلة تشمل:
دوخة، إغماء، هبوط في الضغط، تسارع أو بطء في ضربات القلب، اضطرابات في الهضم، ضيق في النفس، وشعور عام بعدم الاتزان. وهذه المجموعة من الشكاوى تدفع المريض — ومعه الأطباء — للبحث في اتجاهات متفرقة، بينما يكون السبب واحدًا.
اختبار بسيط… كان يمكن أن يختصر الرحلة
يشير د. محمد هيكل إلى أن اختبار المنضدة المائلة (Tilt Table Test) يُعد من الفحوص الأساسية لتقييم اضطرابات الإغماء الناتجة عن خلل في العصب الحائر أو في تنظيم ضغط الدم وضربات القلب.
تكلفة هذا الفحص — كما يوضح — لا تتجاوز في المتوسط بضعة آلاف من الجنيهات، أي أقل كثيرًا من مجمل التكلفة التي يتحملها المريض في سلسلة الفحوص المتناثرة.
ويضيف أن النتيجة الإيجابية لهذا الاختبار تساعد على توجيه العلاج بشكل أدق، والذي غالبًا ما يعتمد على:
- تعديل نمط الحياة
- زيادة شرب السوائل والأملاح تحت إشراف طبي
- بعض الأدوية المنظمة لضغط الدم أو ضربات القلب
- تجنب بعض المثيرات التي قد تؤدي إلى هبوط مفاجئ في الضغط أو الإغماء
وهي تدخلات علاجية بسيطة نسبيًا، مقارنة بحجم المخاوف التي يعيشها المريض قبل التشخيص، وما يتصوره من “أمراض خطيرة” في المخ أو القلب أو الصدر.
رسالة إلى الأطباء: الإصغاء للمريض يوفر المال والوقت
اختتم د. محمد هيكل رسالته بالتأكيد على أن الإنصات لشكاوى المريض وربط الأعراض ببعضها يشكّل نحو 80% من التشخيص الصحيح، مشيرًا إلى أن الطفرة في وسائل التصوير والأشعة لا يجب أن تأتي على حساب أهمية التاريخ المرضي والفحص الإكلينيكي.
ودعا الأطباء إلى:
- منح المريض وقتًا كافيًا لشرح ما يشعر به
- عدم التعامل مع كل عرض على حدة بمعزل عن باقي الأعراض
- التفكير في الأسباب الوظيفية والعصبية — مثل اضطراب العصب الحائر — قبل تحميل المريض أعباء فحوص متكررة ومكلفة
- استخدام الاختبارات المتخصصة، مثل اختبار المنضدة المائلة، في الوقت المناسب لتأكيد التشخيص




