“نورزاد” تُفارق الحياة بعد منظار مرارة.. التحقيقات تكشف مفاجآت صادمة وإجراءات طبية مشكوك فيها.. و”الصحة” تُوفد لجنة طارئة.. وخبراء القلب والمخ يحذرون: توقف القلب 45 دقيقة يعني دمار دماغي كامل (صور)
كتبت - فاطمة الزهراء السيد

في واحدة من أبشع ما يُوصف بـ”ضحايا الإهمال الطبي” الذي يُكلف أرواح الشباب دون سابق إنذار، لقيت فتاة عشرينية تدعى نورزاد محمد هاشم (23 عامًا) مصرعها بعد عملية منظار بسيطة على المرارة بأحد المستشفيات الخاصة الشهيرة بالقاهرة، في واقعة هزّت الشارع المصري وأثارت موجة واسعة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي.
الحكاية بدأت بإجراء جراحي عادي، وانتهت بـ”موت سريري” استمر لأسابيع، حتى لفظت نورزاد أنفاسها الأخيرة في 27 يوليو 2025، داخل غرفة العناية المركزة، وسط اتهامات مباشرة من أسرتها للأطباء بـ”التسبب في وفاتها نتيجة تقصير جسيم وسلسلة من الأخطاء الطبية”.
🏥 بداية القصة.. عملية بسيطة انتهت بكارثة
دخلت نورزاد إحدى المستشفيات الخاصة بحالة صحية جيدة، وكانت تعاني فقط من آلام متكررة في البطن نتيجة حصوات بالمرارة، وتم اتخاذ قرار بإجراء عملية منظار مرارة لإزالة الحصوات وتوسيع القناة الصفراوية، وهي جراحة تُعد روتينية في عالم الطب الحديث.
لكن ما جرى داخل غرفة العمليات حوّل “العملية البسيطة” إلى “فاجعة مأساوية”.
فبحسب أسرتها، تعرضت نورزاد لنزيف داخلي حاد وتوقف في عضلة القلب دام أكثر من 45 دقيقة، ما أدى إلى دخولها في غيبوبة دماغية كاملة، قبل أن تعلن وفاتها رسميًا بعد مرور أسابيع.
⚖️ تحقيقات النيابة تكشف: “خطأ جسيم وسوء تصرف طبي”
بمجرد تقدم الأسرة ببلاغ رسمي، بدأت النيابة العامة التحقيق في الواقعة، وأمرت بتشريح الجثمان بمعرفة مصلحة الطب الشرعي، مع استدعاء الأطباء المعالجين، والإطلاع على السجلات الطبية، وتصوير كاميرات العمليات، وتفريغ ما دار من محادثات بين الطاقم الطبي في أثناء التدخل الجراحي.
تشير المعلومات الأولية أن المريضة دخلت في هبوط حاد في الدورة الدموية داخل غرفة العمليات، وتوقف القلب دون تدخل سريع فعّال، ما أدى إلى توقف التروية الدماغية بشكل تام.
📢 وزارة الصحة ترد رسميًا وتُوفد لجنة تقصي حقائق
ردًا على تصاعد الغضب المجتمعي، أصدرت وزارة الصحة والسكان بيانًا عاجلًا، قالت فيه:
“في إطار متابعة الوزارة للشكوى المتعلقة بوفاة الشابة “نورزاد محمد هاشم” 23 عامًا، بأحد المستشفيات الخاصة، أوفدت الوزارة على الفور لجنة متخصصة من الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص إلى المستشفى، للوقوف على جميع التفاصيل المتعلقة بالحالة، من خلال فحص دقيق للتقارير الطبية والإجراءات المتخذة قبل التدخل الجراحي وأثناءه وبعده”.
وأكدت الوزارة أن مهام اللجنة تشمل:
- التحقق من مدى الالتزام بمعايير الجودة والسلامة الطبية.
- مراجعة سجلات العملية الجراحية.
- تقييم استجابة الفريق الطبي للمضاعفات التي أدت إلى الوفاة.
وشدد البيان على أن وزارة الصحة ستتعاون بشكل كامل مع النيابة العامة ومصلحة الطب الشرعي، لضمان تحقيق شفاف، وستتخذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة في حال ثبوت أي تقصير، داعية المواطنين للإبلاغ عن الشكاوى الطبية عبر الخط الساخن 105.
❤️ استشاري قلب: “توقف القلب 45 دقيقة؟! لا يُعقل أن تعود الحياة بعدها”
من جانبه، أوضح الدكتور عادل سليمان، استشاري القلب والقسطرة وجراحة القلب، في تصريح خاص لـ”طب توداي”، أن توقف عضلة القلب لمدة 45 دقيقة هو حالة قاتلة إلا في حالات نادرة جدًا.
وأضاف:
“حين يتوقف القلب لأكثر من 10 دقائق دون تدخل سريع، تبدأ أعضاء الجسم الحيوية في التوقف، وعلى رأسها الدماغ. توقف القلب لمدة 45 دقيقة، دون تدفق دم كافٍ، يُحدث تلفًا لا يمكن إصلاحه في معظم الأجهزة، ويُعد في حد ذاته دلالة على قصور فادح في البروتوكول العلاجي”.
وأشار إلى أن غياب خطة لإنعاش فوري، أو تأخر استدعاء فريق الإنعاش المتخصص داخل المستشفى، يطرح علامات استفهام كثيرة حول الاستعدادات الطبية في المنشأة المعنية.
🧠 استشاري مخ وأعصاب: “نورزاد دخلت في غيبوبة لأن المخ مات فعليًا”
في السياق نفسه، صرّح الدكتور محمود يسري، استشاري جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري، قائلاً:
“المخ البشري لا يتحمل انقطاع الأكسجين لأكثر من 4 إلى 6 دقائق قبل أن تبدأ خلاياه في الموت. عندما يتوقف القلب لفترة طويلة كهذه، دون إعادة ضخ الدم، فإن خلايا المخ تموت واحدة تلو الأخرى، وتدخل المريضة في ما يُعرف بـ”الموت الدماغي”.
وأضاف:
“الغيبوبة التي دخلت فيها نورزاد لم تكن غيبوبة علاجية كما يروج البعض، بل كانت نتيجة نقص التروية الدماغية الكامل بعد توقف القلب، وهي حالة لا يعود منها المريض إلى الوعي غالبًا“.
🕯️ وداع موجع وغضب شعبي واسع
ودّعت أسرة نورزاد ابنتهم في جنازة مهيبة وسط حالة من الحزن، بينما عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات النعي والدعاء والمطالبات بالعدالة.
#حق_نورزاد تصدر التريند على تويتر وفيسبوك، مطالبين بسرعة محاسبة المسؤولين، ومراجعة أوضاع المستشفيات الخاصة، لا سيما تلك التي تتعامل مع الحالات الحرجة دون تجهيزات كافية.
📌 مطالبات بمراجعة “الرقابة الطبية” على القطاع الخاص
طالبت منظمات المجتمع المدني، وعدد من نواب البرلمان، بفتح ملف الرقابة على المستشفيات الخاصة، والتأكد من وجود أطقم إنعاش متخصصة على مدار الساعة، وتفعيل الدور الرقابي لوزارة الصحة بشكل صارم، لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.