أعراض تأخر الكلام المرتبط بالشاشات؟

كتبت – يمنى الشرقاوي

في عصر التكنولوجيا والرقمنة، أصبح من المألوف رؤية الأطفال الصغار ممسكين بالأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية لساعات طويلة، وسط حالة من الانبهار والهدوء الظاهري. لكن خلف هذا الهدوء، تبرز العديد من المخاوف الطبية حول تأثير الشاشات على نمو الأطفال، خاصة ما يتعلق بتأخر تطورهم اللغوي والكلامي.

د. نجلاء عبد الحميد، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، توضح في حديث خاص مع منصة “طب توداي” أن العلاقة بين الجلوس الطويل أمام الشاشات وتأخر الكلام لم تعد مجرد افتراض، بل حقيقة أثبتتها الدراسات العلمية الحديثة.

بعد قدوم الطفل.. هل تتغير مشاعر الحب؟


العبرة ليست بالشاشة بل بالمدة

تشير د. نجلاء إلى أن هناك فارقًا كبيرًا بين “التفاعل النشط” و”المشاهدة السلبية”، موضحة أن الطفل الذي يتفاعل مع الأهل أو يشارك في أنشطة تواصلية ينمّي مهاراته اللغوية. أما الطفل الذي يقضي ساعات يشاهد برامج أو مقاطع مصورة دون تفاعل، يكون أكثر عرضة لتأخر الكلام.


إقرأ أيضا: من الإرهاق إلى ضيق التنفس: إشارات تحذيرية من جسمك

إقرأ أيضا: التدخين يسرّع تلف الأوعية الدموية وقد يؤدي لبتر الأطراف

إقرأ أيضا: هل فعلاً أدوية الضغط تُسبب تساقط الشعر؟

ماذا تقول الأبحاث الحديثة؟

وفقًا لدراسة نشرت في مجلة JAMA Pediatrics، وجد الباحثون أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعة يوميًا أمام الشاشات في عمر السنتين يكون لديهم خطر مضاعف للإصابة بتأخر في النطق، مقارنة بأقرانهم الذين يتعرضون لشاشات أقل.


العمر الحرج للتطور اللغوي

من سن عام إلى ثلاث سنوات، يُعتبر هذا العمر حرجًا في اكتساب الطفل لمهارات اللغة. تؤكد د. نجلاء أن هذه المرحلة تتطلب تواصلًا بشريًا حقيقيًا، وتعابير وجه، ونغمة صوت، وهو ما لا توفره الشاشات، بل قد تشتت انتباه الطفل وتضعف تركيزه.


أعراض تأخر الكلام المرتبط بالشاشات

  • تأخر في نطق الكلمات الأولى (بعد 18 شهرًا).
  • قلة استخدام الإيماءات للتعبير.
  • ضعف في التواصل البصري أو الاستجابة للنداء.
  • الاعتماد الكامل على الأجهزة للترفيه.

جسمك بينبهك..تعرف على أسباب الإرهاق المستمر


هل كل الشاشات ضارة؟

تشير د. نجلاء إلى أن الخطورة لا تكمن فقط في نوع المحتوى، بل في غياب التفاعل. حتى البرامج التعليمية المصممة للأطفال قد لا تفيد إذا لم يصاحبها تفاعل من أحد الوالدين أو مقدمي الرعاية.


التوصيات العالمية من منظمة الصحة العالمية

  • لا يُنصح بتعريض الأطفال دون سن عامين للشاشات.
  • للأطفال من عمر سنتين إلى خمس سنوات، يجب ألا تتجاوز مدة استخدام الشاشات ساعة واحدة يوميًا، ويُفضّل أن تكون برفقة أحد الوالدين.
  • ضرورة تعويض وقت الشاشات بأنشطة تفاعلية مثل القراءة واللعب الجماعي والحوار اليومي.

نصائح لتقليل استخدام الشاشات

  • تخصيص وقت يومي للعب مع الطفل دون أي أجهزة.
  • جعل وقت الشاشة “وقتًا عائليًا” لتقليل المشاهدة الفردية.
  • استخدام تطبيقات ذات جودة عالية وتناسب الفئة العمرية.
  • إنشاء “مناطق خالية من الشاشات” في المنزل، خاصة أثناء الوجبات والنوم.

دور الأسرة في تنمية مهارات الطفل

تقول د. نجلاء: “الأبوان هما المعلم الأول للطفل. الحكايات قبل النوم، الرد على تساؤلاته، وحتى التحدث العفوي معه أثناء الأنشطة اليومية، كلها أدوات ذهبية لتنمية لغته وثقته بنفسه”.


متى تحتاج الأم لاستشارة الطبيب؟

  • إذا بلغ الطفل عمر عامين ولا يستخدم كلمات مفهومة.
  • إذا لم يُظهر أي محاولة للتواصل، سواء بالإشارة أو التقليد.
  • إذا كان يتكلم ثم تراجع عن استخدام الكلمات التي كان يعرفها.

الخلاصة

الجلوس أمام الشاشات لفترات طويلة ليس فقط خطرًا على عين الطفل أو تركيزه، بل له تأثيرات مباشرة على نموه اللغوي والاجتماعي. وتبقى الوقاية دائمًا في الوعي الأسري والتوازن بين التكنولوجيا والتفاعل الإنساني.

حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي.
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى