جالك كورونا قبل كده..إتعلم تتنفس صح إزاي؟

كتبت - نهاد عثمان

بعد المرور بتجربة الإصابة بفيروس كورونا، يواجه العديد من المرضى صعوبات في التنفس تستمر لفترة طويلة، حتى بعد زوال العدوى. هذه الحالة، المعروفة بمتلازمة ما بعد كوفيد أو Long COVID، تؤثر على نوعية حياة المريض وقدرته على ممارسة أنشطته اليومية. ووفقًا لما أكده الدكتور أحمد رجب، استشاري الأمراض الصدرية، لمنصة طب توداي، فإن تمارين التنفس العميق تعتبر حجر الزاوية في خطة التعافي من الأعراض التنفسية المستمرة، وتساعد بشكل فعّال على استعادة وظائف الرئة تدريجيًا.

لماذا تستمر مشكلات التنفس بعد الشفاء؟

يشرح د. أحمد رجب أن فيروس كورونا لا يؤثر فقط على الرئتين أثناء الإصابة، بل يترك آثارًا طويلة الأمد على الحويصلات الهوائية والأنسجة المحيطة، مما يقلل من مرونة الرئة وقدرتها على التمدد والانقباض. كما أن فترات الراحة الطويلة وقلة الحركة خلال فترة العزل تؤدي إلى ضعف عضلات التنفس، وهو ما يجعل المريض يشعر بالإرهاق وضيق النفس مع أقل مجهود.

تمارين التنفس: وسيلة بسيطة لنتائج قوية

تمارين التنفس ما بعد كورونا لا تتطلب أجهزة متقدمة أو تدخلات معقدة، بل يمكن القيام بها في المنزل بسهولة. وتكمن فائدتها في أنها تنشط الحجاب الحاجز، وتقوي عضلات الصدر، وتزيد من كفاءة دخول الأكسجين إلى الجسم. ومن أبرز هذه التمارين:

  • تمرين الشهيق البطيء: استنشاق الهواء ببطء من الأنف حتى الامتلاء، ثم الزفير من الفم على مهل.
  • تمرين التنفس البطني: وضع اليد على البطن وملاحظة تمدده أثناء الشهيق، مما يساعد على تفعيل الحجاب الحاجز.
  • الزفير عبر الشفتين: وهو تمرين مهم لطرد ثاني أكسيد الكربون الزائد.
  • التنفس المتدرج: وفيه يتم زيادة عدد ثواني الشهيق والزفير تدريجيًا.

مدة التمارين وعدد الجلسات

ينصح د. أحمد رجب بممارسة تمارين التنفس من 3 إلى 5 مرات يوميًا، بمدة تتراوح بين 5 إلى 10 دقائق في الجلسة، وذلك وفقًا لحالة المريض وقدرته. ويُفضّل أن تُمارَس التمارين في مكان جيد التهوية، وبعيدًا عن الضوضاء والمشتتات، حتى يحصل المريض على أفضل نتيجة ممكنة.

هل تكفي التمارين وحدها؟

رغم الدور الكبير الذي تلعبه تمارين التنفس، يشير د. أحمد رجب إلى أنها لا تغني عن المتابعة الطبية، خاصة إذا كان المريض يعاني من مشكلات في مستوى الأكسجين أو لديه أمراض مزمنة أخرى مثل الربو أو الانسداد الرئوي المزمن. كما قد يُنصح في بعض الحالات باستخدام أجهزة التنفس الإيجابي أو إعادة التأهيل الرئوي المتخصص في المستشفيات.

تمارين التنفس ودعم الصحة النفسية

جانب آخر مهم هو تأثير تمارين التنفس على الحالة النفسية. فممارسة هذه التمارين يوميًا يساعد في تقليل القلق والتوتر الذي يصاحب فترة ما بعد التعافي، ويُحسِّن من النوم ويزيد الشعور بالهدوء والطمأنينة. ويضيف د. أحمد أن الدمج بين تمارين التنفس وبعض تقنيات التأمل أو اليوجا يمكن أن يكون له أثر إيجابي شامل على الصحة الجسدية والعقلية معًا.

متى تُظهر التمارين نتائجها؟

تختلف فترة التحسن من شخص لآخر، لكن د. أحمد رجب يوضح أن معظم المرضى يبدأون في الشعور بتحسن واضح بعد أسبوعين من الالتزام بالتمارين بانتظام. أما النتائج الكبرى، مثل استعادة القدرة على بذل المجهود دون ضيق تنفس، فقد تظهر بعد شهر إلى ثلاثة أشهر من بدء التمارين.

أخطاء شائعة ينبغي تجنبها

يشدد د. أحمد على أهمية تجنب بعض السلوكيات الخاطئة، مثل:

  • التوقف عن التمارين بعد يومين فقط لعدم ظهور نتيجة فورية
  • ممارسة التمارين في وضعية خاطئة كالتقوس أو الاستلقاء الكلي
  • عدم الالتزام ببطء الشهيق والزفير، مما يؤدي إلى إجهاد الرئة
  • ممارسة التمارين في أوقات الإرهاق أو بعد وجبة دسمة

دور الأهل ومقدمي الرعاية

يُعتبر الدعم النفسي والتشجيع المستمر من الأهل أحد العوامل الأساسية في التزام المريض بالتمارين. يوصي د. أحمد رجب بأن يكون أحد أفراد الأسرة مطلعًا على نوعية التمارين، ويشارك المريض في المتابعة اليومية والتحفيز، خاصة في الحالات التي يعاني فيها المريض من أعراض اكتئاب ما بعد كورونا.

متى يجب زيارة الطبيب؟

في بعض الحالات، قد تظهر أعراض تحتاج إلى تدخل طبي، مثل:

  • استمرار ضيق التنفس رغم التمارين
  • انخفاض نسبة الأكسجين في الدم
  • الشعور بألم في الصدر أو دوخة متكررة
  • السعال المستمر أو ارتفاع درجة الحرارة

في هذه الحالات، يُنصح بالرجوع للطبيب فورًا لتحديد السبب وتعديل خطة التعافي.


الخلاصة: تنفّس بوعي.. تنفّس بشفاء

تمارين التنفس بعد التعافي من كورونا ليست رفاهية، بل ضرورة صحية واستراتيجية علاجية فعالة. ومع الالتزام اليومي والمثابرة، يمكن للمريض استعادة نشاطه وتوازنه البدني والنفسي تدريجيًا.

كما توضح منصة طب توداي – المرجعية الطبية الأولى للعرب في مصر والشرق الأوسط – أن الدمج بين التمارين والتنظيم العام لنمط الحياة، من تغذية ونوم ونشاط بدني، يصنع الفارق الكبير في رحلة التعافي.


حقوق النشر والطبع محفوظة لمنصة طب توداي
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى