أحدث صور للأمير النائم قبل وفاته..السعودية تودّع الأمير الوليد بن خالد بن طلال بعد 20 عامًا من الغيبوبة.. القصة التي أبكت الملايين.. تشعل مشاعر الحزن والدعاء في الخليج
كتبت رجاء مهدي

في لحظة مؤثرة حملت بين طياتها مزيجًا من الحزن والدعاء والحنين، ودّعت المملكة العربية السعودية فجر اليوم الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود، المعروف إعلاميًا بـ”الأمير النائم”، بعد صراع دام أكثر من 20 عامًا مع غيبوبة طويلة أثارت تعاطف الملايين داخل المملكة وخارجها.
وأعلن والده الأمير خالد بن طلال عبر حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي نبأ الوفاة، قائلًا:
“إنا لله وإنا إليه راجعون. لله ما أعطى ولله ما أخذ. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها.. الحمد لله على كل حال.. انتقل إلى رحمة الله حبيبنا الغالي الوليد بن خالد بن طلال، بعد أكثر من 20 سنة من الغيبوبة.”
الخبر الذي لم يكن مفاجئًا للكثيرين، لكنه أحيا مشاعر غزيرة من الحزن في قلوب السعوديين والعرب، أعاد تسليط الضوء على قصة الأمير الشاب التي تحولت إلى رمز للصبر والإيمان والأمل طوال عقدين من الزمن.
🔹 البداية.. حادث مأساوي أنهى اليقظة
ولد الأمير الوليد بن خالد بن طلال في بيت من بيوت الملكية السعودية، وسط حياة مترفة ومستقبل واعد. لكن الحظ لم يُمهله طويلًا؛ ففي عام 2005، وأثناء دراسته في الكلية العسكرية، تعرض لحادث سير مروّع أثناء قيادته السيارة، ما أسفر عن إصابته بنزيف حاد في الدماغ، ودخوله في غيبوبة شبه كاملة.
ومنذ ذلك اليوم، دخل الوليد في حالة “غيبوبة دائمة” أو “غيبوبة غير تامة”، حيث وُصف طبيًا بأنه في “حالة إنباتية”، أي أن جسمه حي ولكن من دون وعي أو إدراك للمحيط.
🔹 الأمير النائم.. أيقونة الأمل والصبر
لم تكن غيبوبة الأمير الوليد مجرد حالة طبية، بل تحولت إلى قصة إنسانية استثنائية، ارتبطت لدى السعوديين والخليجيين بـ”الأمل”، حيث رفضت العائلة التخلي عنه رغم تشخيصات الأطباء التي لم تكن تبشر بالتحسن.
على مدار سنوات طويلة، تكفل والده الأمير خالد بن طلال بعلاجه، وأصر على بقائه في المملكة وعدم نقله إلى الخارج، حيث رأى أن “الإرادة الإلهية” قد تتدخل في أي لحظة.
وكانت الأسرة، وخاصة الأم والأب، يتناوبان البقاء بجانبه، ونقل حالته باستمرار للناس عبر وسائل التواصل، حيث ظهر في عدة مناسبات وهو يُحرك يده أو يُغمض عينه، ما أعطى لمتابعيه بصيصًا من الأمل.
وقد تفاعل الملايين مع حالته، ولقّبوه بـ”الأمير النائم”، واعتبره البعض من رموز الصبر والتسليم بقضاء الله، فيما تحوّلت صفحاته إلى منصات دعاء وتضامن روحي.
🔹 موقف الأطباء.. بين الطب والرحمة
في تصريحات سابقة، أوضح مختصون في الأعصاب أن حالة الأمير الوليد كانت تُصنَّف طبيًا ضمن “الحالات شبه الوعي”، وهي مرحلة نادرة ومعقدة، حيث تكون وظائف الدماغ الأساسية موجودة، لكن بدون وعي تام.
د. هاني السبيعي، استشاري جراحة المخ والأعصاب، أوضح في تصريح لمنصة “طب توداي” أن:
“الحالات الطويلة من الغيبوبة عادة ما تؤدي إلى ضمور تدريجي في الدماغ، ويعتمد استمرار الحياة على الرعاية المكثفة والتغذية الطبية. لكن استمرار الوظائف الحيوية لأكثر من 20 عامًا كما حدث مع الأمير الوليد، يُعد حالة نادرة واستثنائية بكل المقاييس.”
وأضاف:
“القرار بعدم رفع أجهزة الإنعاش أو التغذية لم يكن طبيًا فقط، بل أخلاقيًا ودينيًا كذلك. فقد فضّلت العائلة الإبقاء على الأمل، وهو خيار محترم في ثقافات كثيرة.”
🔹 لحظة الوداع.. مشاعر تختلط بالدموع والدعاء
بمجرد إعلان الوفاة، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعازي والدعوات، وشارك الآلاف من السعوديين والمغردين العرب في نعيه، مُعربين عن حزنهم العميق.
وقال الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد:
“لقد رحل الأمير النائم.. لكنه استيقظ في قلوبنا منذ سنوات طويلة كرمز نادر للإيمان بقضاء الله.”
كما كتب أحد المغردين:
“رحمك الله يا من تعلّمنا من صبر أهلك كيف نُسلّم ونرضى، وكيف ننتظر الأمل حتى لو طال.”
🔹 جنازة مهيبة.. وصلاة الغائب في القلوب
بحسب ما أعلنه الأمير خالد بن طلال، فإن صلاة الجنازة أُقيمت في مسجد الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، وحضرها عدد من أفراد الأسرة المالكة، وأصدقاء العائلة، وعدد كبير من المواطنين الذين أحبوا الأمير رغم أنهم لم يعرفوه إلا من صوره في الغيبوبة.
🔹 رسالة إنسانية.. وإرث غير عادي
رحل الأمير الوليد بن خالد بن طلال، لكنه ترك إرثًا إنسانيًا كبيرًا، يتجسد في رسائل الصبر والأمل والإيمان، ووفاء أسرة لم تتخلّ عن ابنها أبدًا، وأبٍ رفض أن يسمح لليأس بأن يسكن قلبه.
تحوّل الأمير الشاب من مجرد “حالة طبية” إلى رمز في الثقافة الشعبية الخليجية، وأصبحت قصته تُروى كدرس في الرحمة، وقيمة الإنسان، والصلة بالقدر الإلهي.