كيف تكتشف أمراض الشرايين والأوردة؟

كتبت - هبة رحماني

في عالم الطب، هناك مفاهيم أساسية يجب على كل شخص فهمها، ليس فقط المتخصصين، بل المرضى أيضًا. ومن أهم هذه المفاهيم: الفرق بين الشرايين والأوردة. ورغم أن كلاهما يشكلان جزءًا من جهاز الدوران، إلا أن لكل منهما وظيفة حيوية تختلف جذريًا عن الآخر، كما يؤكد د. هاني عبد اللطيف، استشاري جراحة الأوعية الدموية، في حديثه لـ”منصة طب توداي”، موضحًا أن إدراك هذا الفرق لا يساعد فقط في الفهم، بل قد ينقذ حياة إنسان في مواقف طارئة أو أمراض مزمنة.


الشرايين: طريق الدم المؤكسج من القلب إلى الأعضاء

تلعب الشرايين دورًا أساسيًا في نقل الدم المحمّل بالأوكسجين من القلب إلى جميع أنحاء الجسم. الشريان الرئيسي هو الشريان الأورطي، الذي يتفرع ليغذي كل عضو وخلية.
وتتميز الشرايين بجدرانها السميكة والمرنة، القادرة على تحمل ضغط الدم العالي الخارج من القلب مباشرة. وتحتوي على عضلات ملساء تساعدها في الانقباض والانبساط بما يتناسب مع الحاجة الدموية لكل عضو.


الأوردة: مسار العودة بالدم إلى القلب

على الجانب الآخر، تقوم الأوردة بنقل الدم الفقير بالأوكسجين من أنحاء الجسم إلى القلب، ليدخل مجددًا في الدورة الدموية، ثم يُعاد ضخه إلى الرئتين لأخذ الأوكسجين.
وتتميز الأوردة بجدران أرق من الشرايين، وتحتوي على صمامات أحادية الاتجاه تمنع رجوع الدم إلى الخلف، وهو ما يجعلها عرضة للإصابة بـ”الدوالي” عند ضعف هذه الصمامات، كما يشرح الدكتور هاني عبد اللطيف.


لماذا يجب على المريض معرفة هذا الفرق؟

قد يتساءل البعض: ما أهمية هذه المعلومات بالنسبة لي كمريض؟
الحقيقة أن هذا الفهم ينعكس مباشرة على قراراتك الصحية. مثلًا:

  • عند الإصابة بجلطة، فإن موقعها (شرياني أو وريدي) يحدد نوع العلاج.
  • الألم الناتج عن انسداد شريان يختلف تمامًا عن ألم ناتج عن جلطة وريدية.
  • الجراحات، مثل الدعامات أو القسطرة، تختلف في التقنية حسب نوع الوعاء الدموي المصاب.

الفرق في شكل النزيف: مؤشر فوري

يقول الدكتور هاني عبد اللطيف: “معرفة الفرق بين الشرايين والأوردة يساعد حتى في إسعافات أولية”.
مثلًا:

  • النزيف الشرياني يكون سريعًا، نبضيًا، ولونه أحمر فاتح بسبب غناه بالأوكسجين.
  • النزيف الوريدي أكثر بطئًا ولونه أغمق، لأنه يحمل دما فقيرًا بالأوكسجين.

أقرأ أيضا: “فيديو” .. دكتور حسام أبو العطا للجراحين: بلاش تتجرؤا وتعملوا عمليات شد الوش

أقرأ أيضا: مش في كل الحلات لازم تبطله.. هل السكر في حياتك؟

كيف تُكتشف أمراض الشرايين والأوردة؟

  • أمراض الشرايين تشمل: تصلب الشرايين، انسداد الشرايين الطرفية، الذبحة الصدرية، والسكتات الدماغية.
  • أمراض الأوردة تشمل: الدوالي، الجلطات الوريدية العميقة (DVT)، والانسداد الرئوي.

يتم تشخيص كل منها عبر وسائل مختلفة:

  • الشرايين: بالموجات الصوتية (دوبلر)، القسطرة التشخيصية، أشعة مقطعية بالصبغة.
  • الأوردة: بالفحص السريري، دوبلر وريدي، D-dimer.

الجلطات: فروق بين الشرايين والأوردة

من أبرز الفروقات في الأمراض، نوع الجلطة:

  • الجلطات الشريانية تؤدي إلى انقطاع الدم عن العضو (مثل الذبحة أو الجلطة الدماغية).
  • الجلطات الوريدية تؤدي إلى احتقان وتورم وارتفاع حرارة الطرف المصاب.

وكل نوع يتطلب علاجًا مختلفًا، إما أدوية مذيبة، أو مضادات تخثر، أو تدخل جراحي.


الصمامات الوريدية: حراس العودة

من مميزات الأوردة وجود صمامات تمنع الدم من الرجوع للخلف، لا توجد في الشرايين.
وعندما تضعف هذه الصمامات، تظهر الدوالي، خاصة في الساقين، وهو ما يسبب شعورًا بالثقل والتورم وتغير لون الجلد.


أقرأ أيضا: أسباب العقم عند الرجال.. أبرز العوامل الخفية وراء عدم القدرة على الإنجاب

أقرأ أيضا: كيف يقتل تلوُّث الهواء ملايين البشر في صمت؟ وكيف نتجنبه.د؟

الشرايين أكثر عرضة للتصلب.. لماذا؟

بسبب الضغط العالي داخلها، تكون الشرايين أكثر عرضة لتراكم الدهون على جدرانها، ما يعرف بـ”تصلب الشرايين”، الذي قد يؤدي إلى أمراض قلبية خطيرة أو سكتات دماغية.
أما الأوردة، فنادرًا ما تُصاب بهذه الحالة.


كيف نحافظ على صحة الشرايين والأوردة؟

بحسب نصائح الدكتور هاني عبد اللطيف، فإن الحفاظ على صحة الأوعية الدموية يتطلب:

  • الامتناع عن التدخين
  • ممارسة الرياضة بانتظام
  • التحكم في ضغط الدم والسكري
  • تقليل الدهون المشبعة والسكريات
  • شرب الماء بكميات كافية
  • ارتداء الجوارب الضاغطة عند الحاجة (خصوصًا لمن يقف كثيرًا)

متى تستشير طبيب الأوعية الدموية؟

إذا لاحظت أحد الأعراض التالية، فزيارة استشاري الأوعية الدموية أمر ضروري:

  • ألم أو خدر مفاجئ في الأطراف
  • تغير لون الجلد في القدم أو الساق
  • تورم أو ثقل في الساقين
  • نزيف لا يتوقف بسهولة
  • برودة شديدة في أحد الأطراف دون سبب واضح

هل يمكن للإنسان أن يعيش دون أحد الشرايين أو الأوردة؟

يؤكد الدكتور هاني عبد اللطيف أن الجسم يمتلك قدرة تعويضية مذهلة، فبعض الأوردة مثل الوريد الصافن يمكن استئصالها عند الحاجة (كما في جراحات القلب)، ويعوض الجسم بطرق دوران بديلة.
أما الشرايين، فاستئصالها الكامل قد يكون خطيرًا ما لم توجد بدائل جراحية مثل الدعامات أو التحويلات.


في الختام

فهم الفرق بين الشرايين والأوردة ليس رفاهية طبية، بل ضرورة حياتية. سواء كنت مريضًا يعاني من دوالي أو من تصلب شرايين، أو إنسانًا عاديًا يريد الحفاظ على صحته، فإن إدراك هذا الفرق يمكن أن يمنحك أدوات أفضل للعناية بجسمك، واستشارة الطبيب في الوقت المناسب.


حقوق النشر والطبع محفوظة لمنصة طب توداي
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى