تأخر الكلام عند الأطفال.. هل السبب في اللسان أم المخ؟
كتبت ريناد عماد

يتخوف كثير من الآباء عندما يتأخر طفلهم في الكلام، ويلجؤون سريعًا إلى الجلسات السلوكية أو جلسات التخاطب دون التأكد أولًا من وجود أسباب عضوية قد تكون هي السبب الحقيقي وراء المشكلة.
في هذا التقرير، التقت منصة “طب توداي” بـ د. عمرو عبد الوهاب بدير، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة، الذي شرح بتفصيل الأسباب العضوية التي قد تعيق تطور الكلام عند الطفل، بداية من مشاكل الفم واللثة، وصولًا إلى الدماغ والجهاز العصبي.
🦷 أول العقبات: مشكلات اللسان واللثة والأسنان
يبدأ تطور النطق من الفم، وتحديدًا من العضلات التي تساعد الطفل على إصدار الأصوات. ومن أبرز المشكلات العضوية في هذا السياق:
- اللسان المربوط (Tongue-tie): وهو التصاق الجزء السفلي من اللسان بأرضية الفم مما يحد من حركته.
- عيوب سقف الحلق مثل الشق الحلقي
- تسوس الأسنان أو فقدانها مبكرًا مما يعرقل النطق السليم لبعض الحروف
- التهابات متكررة في اللثة أو الفم
يؤكد د. عمرو عبد الوهاب أن “مشاكل الفم البسيطة قد تؤدي إلى تأخر واضح في الكلام، ومعالجتها في الوقت المناسب تحدث فرقًا كبيرًا.”
👂 ضعف السمع: السبب الصامت لتأخر الكلام
أحد أكثر الأسباب العضوية تجاهلًا هو ضعف السمع، خصوصًا إذا كان الطفل يتفاعل بصريًا ويبدو طبيعيًا. ومن المشكلات الشائعة:
- تراكم الشمع داخل الأذن
- التهابات الأذن الوسطى المزمنة
- فقدان سمع جزئي أو كامل
يشدد د. عمرو على أهمية اختبار السمع عند أي طفل يتأخر في الكلام، قائلًا:
“لا يمكن الحكم على تأخر الكلام دون التأكد من أن الطفل يسمع الأصوات بشكل سليم.“
🧠 خلل في النمو العصبي أو إصابة في المخ
في بعض الحالات، يكون السبب في الجهاز العصبي المركزي، خاصة عند وجود أحد هذه العوامل:
- الولادة المبكرة أو نقص الأوكسجين أثناء الولادة
- إصابات في الدماغ بسبب السقوط أو الصدمات
- تأخر في تكوين بعض المناطق المسؤولة عن اللغة في المخ
- اضطرابات عصبية مثل الشلل الدماغي
ويضيف د. عمرو أن “أي تأخر في المهارات الحركية أو التفاعل الاجتماعي قد يشير إلى خلل أكبر يشمل أيضًا مراكز النطق في الدماغ.”
🧬 أسباب وراثية وخلقية لا يجب إغفالها
بعض الأطفال يُولدون بمتلازمات أو حالات جينية تؤثر على تطور اللغة لديهم، مثل:
- متلازمة داون
- متلازمة ريت
- اضطرابات كروموسومية تؤثر على الدماغ أو الحنجرة
يشير د. عمرو إلى أهمية فحص الكروموسومات في الحالات التي يتأخر فيها الكلام بشكل واضح مع وجود صفات جسمانية مميزة.
🔁 التشنجات والصرع الصامت وتأثيرهما على النطق
قد يُصاب بعض الأطفال بنوبات تشنجات غير واضحة تسمى “الصرع الصامت”، والتي قد تؤثر على مناطق النطق في الدماغ دون أن يُلاحظ الأهل أي أعراض تقليدية.
ويضيف د. عمرو:
“تخطيط الدماغ ضروري أحيانًا في الحالات المعقدة، لأن الطفل قد يبدو طبيعيًا في سلوكه لكنه يعاني من خلل كهربائي داخلي يؤثر على قدرته على تعلم الكلام.“
💊 هل للأدوية دور في تأخر النطق؟
نعم، بعض الأدوية التي تُعطى للأطفال لأمراض مزمنة أو عصبية قد تؤثر على:
- النشاط الذهني
- التركيز
- عضلات النطق
ومن أمثلة هذه الأدوية: مضادات الصرع، المهدئات، وأدوية الحساسية ذات التأثير المركزي.
🧪 ما هي التحاليل والفحوص الضرورية؟
وفقًا لـ د. عمرو عبد الوهاب بدير، فإن تقييم الطفل لا يكتمل دون المرور بعدة خطوات:
- فحص الأذن والسمع
- منظار الفم والحنجرة
- تخطيط كهربائي للمخ إذا لزم الأمر
- تحاليل دم للكشف عن فقر الدم أو اضطرابات التمثيل الغذائي
- تحاليل جينية في بعض الحالات
📈 هل جلسات التخاطب كافية وحدها؟
يشير د. عمرو إلى أن جلسات التخاطب لن تحقق نتائج فعالة إذا لم يُعالج السبب العضوي أولًا، قائلًا:
“الجلسات مفيدة جدًا، لكنها تأتي في مرحلة لاحقة بعد تشخيص السبب العضوي بدقة والتعامل معه.“
🧭 روشتة طبية للآباء: خطوات لاكتشاف السبب مبكرًا
ينصح د. عمرو عبد الوهاب الآباء باتباع الآتي:
- لا تنتظر حتى يبلغ الطفل 3 سنوات دون نطق كلمات واضحة
- راقب استجابته للأصوات والكلمات
- لا تتجاهل المشاكل الظاهرة في الفم أو اللسان
- التوجه لطبيب أطفال أو أخصائي تخاطب عند ملاحظة أي خلل
- لا تُرجع السبب دائمًا إلى “الولد بيتأخر شوية بس هيتكلم”
💬 الخلاصة: التشخيص هو البداية الصحيحة للعلاج
تأخر الكلام قد يكون عارضًا بسيطًا، أو عرضًا لمشكلة عضوية أعمق. لذلك فإن التشخيص المبكر هو الخطوة الأهم نحو العلاج الصحيح، ومن ثم تحسين فرص الطفل في التطور اللغوي والاجتماعي.
لا تُهمِل أي علامة، ولا تكتفِ بالنصائح الشفهية أو الانتظار. فاللغة أداة الطفل لفهم العالم، وتأخرها يحرمه من أبسط حقوقه في التواصل.
🛡️ حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
📌 منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط