د. خالد الشرقاوي: متى تكون المشاكل الجلدية سببها نفسي
كتبت - هدى عبد الجليل

يُعد الجلد أكبر عضو في جسم الإنسان، وأكثرها تعرضًا للعوامل البيئية الخارجية. من التقلبات الجوية إلى التلوث، ومن التوتر النفسي إلى التغيرات الهرمونية، تؤثر عشرات العوامل يوميًا على صحة الجلد. لكن للأسف، كثيرون يتعاملون مع أمراض الجلد على أنها أمر بسيط أو تجميلي فقط، في حين أن بعض الأعراض الجلدية تكون جرس إنذار لمشكلات صحية أعمق.
في هذا التقرير، نستعرض أهم الأمراض الجلدية الشائعة، ونوضح كيف يمكن التفرقة بين الأمراض السطحية العابرة وتلك التي تحتاج تدخلًا طبيًا عاجلًا. كما نستعرض آراء أحد كبار المتخصصين في هذا المجال، الدكتور خالد الشرقاوي، استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية.
أمراض جلدية شائعة لكنها مزعجة
يبدأ الدكتور خالد الشرقاوي حديثه معنا قائلًا:
“90% من الحالات التي تأتينا في العيادات الجلدية تكون مرتبطة بالروتين اليومي، سواء من حيث النظافة أو التعرض للشمس أو استخدام مستحضرات غير مناسبة للبشرة. لكن هناك 10% من الحالات تكون أعراضًا لاضطرابات داخلية خطيرة مثل أمراض الكبد أو المناعة أو حتى السرطان.”
من أبرز الأمراض الجلدية الشائعة:
- الأكزيما (التهاب الجلد التأتبي): تسبب احمرارًا وحكة وتقشرًا وقد تؤثر على جودة الحياة بشكل كبير.
- الصدفية: مرض مناعي مزمن يصيب الجلد بمناطق متقشرة وسميكة، وغالبًا ما يصاحبه ألم نفسي.
- حب الشباب: لا يقتصر على المراهقين فقط، بل قد يمتد إلى مراحل عمرية مختلفة.
- النخالية البيضاء: تظهر كبقع بيضاء خفيفة، خاصة في الأطفال، نتيجة جفاف الجلد أو نقص بعض الفيتامينات.
- الحساسية التلامسية: تحدث بسبب التفاعل مع مواد مثل النيكل، أو مستحضرات التجميل، أو بعض الأدوية.
الجلد مرآة الصحة الداخلية
يشير د. الشرقاوي إلى نقطة غاية في الأهمية، قائلاً:
“الجلد في كثير من الأحيان يكون انعكاسًا دقيقًا لحالة الجسم الصحية. فبقع الجلد الداكنة قد تشير إلى اضطرابات هرمونية مثل تكيس المبايض، والحكة المزمنة قد تكون علامة على مشاكل الكبد، وتساقط الشعر المفرط قد يكون ناتجًا عن فقر دم أو مشاكل في الغدة الدرقية.”
ولهذا السبب، لا ينبغي أبدًا التعامل مع الطفح الجلدي أو البقع أو تغير لون الجلد باستهانة، بل يجب مراجعة الطبيب المختص فورًا عند ملاحظة أعراض غير مألوفة.
الصيف وعدوى الجلد.. الخطر الكامن في الحر والرطوبة
مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، تزداد فرص الإصابة بالعديد من الأمراض الجلدية مثل:
- الفطريات بين الأصابع ومناطق الثنيات
- حبوب العرق (الحرارة)
- التهاب بصيلات الشعر بسبب التعرق الزائد
- الطفح الحراري
يؤكد د. خالد الشرقاوي:
“أغلب العدوى الجلدية التي نراها في الصيف ناتجة عن ارتداء الملابس الضيقة، أو استخدام أحذية غير مناسبة، أو الإهمال في تجفيف الجلد بعد الوضوء أو الاستحمام.”
علاجات متطورة.. لكن لا تنسَ الوقاية
شهد مجال الأمراض الجلدية تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، سواء من حيث العلاجات الدوائية أو التجميلية. فقد أصبحت كريمات الستيرويد الموضعية أكثر أمانًا، وظهرت أدوية بيولوجية فعالة لعلاج الصدفية والاكزيما. كما ساهم الليزر والتقنيات الحديثة في علاج مشاكل الجلد مثل التصبغات وآثار حب الشباب بشكل مذهل.
ومع ذلك، يشدد الدكتور الشرقاوي على أن الوقاية خير من العلاج، ويقدم النصائح التالية:
- استخدام واقي الشمس يوميًا حتى في فصل الشتاء.
- تجنب استخدام منتجات تجميل مجهولة المصدر.
- ترطيب الجلد يوميًا، خاصة بعد الاستحمام.
- ارتداء ملابس قطنية مريحة في الصيف.
- مراجعة الطبيب فور ظهور طفح جلدي مستمر أو حكة غير مبررة.
الجانب النفسي للأمراض الجلدية
من الجوانب المهملة غالبًا هو التأثير النفسي الكبير للأمراض الجلدية، خاصة لدى المراهقين والنساء. فحب الشباب أو الصدفية أو الثعلبة يمكن أن تسبب عزلة اجتماعية وفقدان الثقة بالنفس. لذلك، ينصح الأطباء دائمًا بعلاج المريض ككل، جسدًا ونفسًا.
خلاصة التقرير:
الصحة الجلدية لا تعني فقط جمال البشرة، بل هي مرآة لصحة الجسد العامة. وتجاهل الأعراض الجلدية البسيطة قد يؤدي إلى إهمال مشكلات صحية أكثر تعقيدًا. لذلك فإن زيارة طبيب الجلدية عند ظهور أي تغيّرات في الجلد لم تعد رفاهية، بل ضرورة.