“متلازمة المحتال: لماذا يشعر الناجحون بأنهم لا يستحقون النجاح؟”

كتبت هدى حمدي

بحسب تصنيف علماء النفس، فإن متلازمة المحتال هي نمط نفسي يجعل الإنسان يشكك في إنجازاته، ويعيش في خوف داخلي من أن يُكتشف بأنه ليس بالكفاءة التي يراها الآخرون فيه.

رغم النجاح الظاهري، يعيش المصابون بهذه المتلازمة في قلق دائم من الفشل، ويفسرون أي إنجاز لهم بأنه مجرد “حظ” أو “ظروف مناسبة” أو “تضليل للآخرين”.


متلازمة لا يعترف بها المصابون

تشير الأبحاث إلى أن متلازمة المحتال ليست اضطرابًا نفسيًا مدرجًا رسميًا في كتيبات التشخيص مثل DSM-5، لكنها متلازمة شائعة جدًا، وتؤثر بشكل سلبي على الحياة المهنية والاجتماعية والنفسية.


من الأكثر عرضة للإصابة بها؟

وفقًا لعدة دراسات، فإن الفئات التالية أكثر عُرضة للإصابة:

  • النساء العاملات في بيئات تنافسية.
  • الطلاب المتفوقون أكاديميًا.
  • العاملون الجدد في المناصب القيادية.
  • الأشخاص الذين نشأوا في بيئة صارمة من الكمال والإنجاز.

تقول د. سامية العوضي، استشارية الطب النفسي، في تصريح خاص لمنصة طب توداي:

“متلازمة المحتال ليست نادرة، بل متغلغلة في أعماق الكثيرين، خصوصًا من اعتادوا النجاح؛ لأنهم اعتادوا أن يشعروا بأنهم دائمًا بحاجة لإثبات أنفسهم من جديد.”


متى تظهر الأعراض؟

عادة ما تظهر الأعراض في لحظات الإنجاز أو الترقّي الوظيفي أو النجاح الدراسي، وتتمثل في:

  • التشكيك في الذات رغم التقدير الخارجي.
  • الإحساس بأن النجاح “خدعة أو مصادفة”.
  • تجنب قبول التحديات الجديدة خوفًا من الفشل.
  • العمل المفرط لتعويض ما يشعر به الفرد كـ “نقص داخلي”.
  • المقارنة الدائمة بالآخرين.

الجذور النفسية لمتلازمة المحتال

تشير د. سامية العوضي إلى أن الأسباب النفسية تعود غالبًا إلى:

  • التربية القاسية التي تربط الحب والتقدير بالإنجاز فقط.
  • الخوف من الرفض أو النقد بسبب تجارب سابقة مؤلمة.
  • المثالية الزائدة، حيث لا يقبل الشخص أي إنجاز أقل من الكمال.
  • التمييز النوعي أو العرقي أو الطبقي الذي يجعل الشخص يشعر بأنه غريب عن البيئة المحيطة.

المتلازمة في بيئة العمل

تزداد حدة متلازمة المحتال في البيئات التنافسية مثل الشركات الكبرى أو المهن الإبداعية أو الأكاديمية.
ويواجه المدراء التنفيذيون، خاصة النساء، صعوبة في تقبل الثناء أو تفويض المهام، ويشعرون بأنهم لا يستحقون المكانة التي وصلوا إليها.


متى تتحول المتلازمة إلى خطر؟

رغم أنها لا تُصنف كمرض نفسي بحد ذاته، إلا أن استمرارها بدون دعم نفسي يؤدي إلى:

  • قلق مزمن
  • احتراق وظيفي
  • عزلة اجتماعية
  • أعراض اكتئاب
  • فقدان فرص الترقية أو النجاح بسبب الخوف من الفشل

كيف أتعامل مع متلازمة المحتال؟

تقترح د. سامية خطة متعددة للتعامل معها:

1. الاعتراف بالمشكلة

أول خطوة للعلاج هي الاعتراف بأنك تعاني من نمط تفكير سلبي، وأن نجاحك حقيقي وليس خدعة.

2. إعادة تأطير النجاح

غيّر طريقة تفسير إنجازاتك: الإنجاز لم يكن مجرد حظ، بل ثمرة جهد وتعب وذكاء.

3. تسجيل الإنجازات بوعي

اكتب قائمة بإنجازاتك، شهاداتك، ثناء الآخرين عليك، وقارنها بالشكوك التي تراودك.

4. التحدث مع الآخرين

قد تكتشف أن زملاءك في نفس الموقف يشعرون بالمثل، وأنك لست وحدك.

5. طلب المساعدة المهنية

العلاج المعرفي السلوكي (CBT) أثبت فعاليته العالية في تعديل الأفكار السلبية المصاحبة لمتلازمة المحتال.


ماذا يقول العلم؟

وجدت دراسة نُشرت في Journal of Behavioral Science أن حوالي 70% من الناس يشعرون بمشاعر “المحتال” مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وخاصة عند الانتقال لمراحل جديدة.


مشاهير عانوا من المتلازمة

عدد من أكثر الأشخاص نجاحًا في العالم تحدثوا عن معاناتهم من هذه المتلازمة، منهم:

  • ميشيل أوباما
  • مايا أنجيلو
  • هوارد شولتز (مؤسس ستاربكس)

هل يمكن التغلب عليها نهائيًا؟

نعم، تؤكد د. سامية أن متلازمة المحتال ليست قدرًا دائمًا، بل نمط تفكير يمكن تغييره بالتدريب النفسي، والوعي الذاتي، والانفتاح على الدعم الاجتماعي والمهني.


منصة طب توداي: معك في كل خطوة من نموك النفسي

نؤمن في “طب توداي” أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، وأن النجاح لا يجب أن يُقابل بالشك، بل بالاحتفال والتقدير. نحن هنا لنكشف لك خفايا النفس، ونرافقك في كل مراحل الوعي والتطور.


حقوق النشر محفوظة لمنصة طب توداي

جميع الحقوق محفوظة © لمنصة طب توداي – المنصة الأهم والأكبر والأولى في مصر والمنطقة العربية في تقديم المعلومة الطبية الموثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى