“قلبك تحت الضغط: كيف يدمر التوتر صحة قلبك دون أن تشعر؟”
كتبت مريم أحمد عبد الكريم

في عصر يمضي بسرعة الضوء، صار التوتر جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. ضغوط العمل، المسؤوليات العائلية، القلق الاقتصادي، والتحديات الصحية والاجتماعية… كلها تفرض على أجسامنا نمط حياة مليء بالضغط النفسي. ورغم أن التوتر يُعتبر استجابة طبيعية للضغوط، فإن استمراره وتحوله إلى حالة مزمنة قد يكون له أثر مدمر على الصحة القلبية.
في هذا السياق، يستعرض لكم “طب توداي” في هذا التقرير أهم النصائح والمعلومات المرتبطة بعلاقة التوتر بأمراض القلب، وكيف يمكن لهذا “القاتل الصامت” أن يعجّل بإصابتنا بالجلطات، الذبحات الصدرية، وارتفاع الضغط، بل ويؤثر على عضلة القلب نفسها.
ما هو التوتر النفسي؟ ولماذا هو خطير؟
التوتر هو استجابة الجسم الفيزيولوجية لأي تهديد أو ضغط، سواء كان جسديًا أو نفسيًا. عندما يشعر الإنسان بالخطر، يُفرز الجسم هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي ترفع من معدل ضربات القلب، وتزيد من تدفق الدم، وترفع ضغط الدم.
هذه الاستجابة مفيدة مؤقتًا، لكنها تصبح ضارة جدًا إذا استمرت لفترات طويلة، فتؤدي إلى استنزاف الجسم، وخاصة القلب والأوعية الدموية.
كيف يؤثر التوتر على القلب؟
🔹 1. زيادة ضربات القلب وضغط الدم
عند التوتر، يرتفع مستوى الأدرينالين، مما يرفع معدل ضربات القلب، ويزيد من ضغط الدم، ويؤدي إلى إرهاق القلب والأوعية الدموية.
🔹 2. تضيق الشرايين
التوتر المزمن يسبب انقباضًا في الأوعية الدموية، ويؤثر سلبًا على مرونتها، مما يرفع من احتمالية حدوث الذبحة الصدرية أو النوبة القلبية.
🔹 3. زيادة الالتهابات
الدراسات الحديثة تؤكد أن التوتر المزمن يرفع من مؤشرات الالتهاب في الجسم، والتي تُعتبر عاملاً مشتركًا في أمراض القلب، وخصوصًا تصلب الشرايين.
🔹 4. ارتفاع الكولسترول والدهون الثلاثية
التوتر يؤثر على العادات الغذائية والنوم، ما يؤدي لزيادة الكولسترول الضار، وتراكم الدهون حول القلب.
🔹 5. ضعف عضلة القلب المؤقت (متلازمة القلب المنكسر)
حالة حقيقية تُعرف بـ Takotsubo Cardiomyopathy تحدث نتيجة صدمة نفسية حادة، وتؤدي إلى ضعف مفاجئ في عضلة القلب، تشبه أعراضها الجلطة، رغم غياب انسداد الشرايين.
من الأكثر عرضة لتأثير التوتر على القلب؟
- الأشخاص الذين يعانون من توتر مزمن أو قلق دائم
- من لديهم تاريخ عائلي لأمراض القلب
- مرضى السكري أو ارتفاع ضغط الدم
- المدخنين والذين يعانون من قلة النوم
- من يتعرضون لصدمات عاطفية أو اجتماعية متكررة
أمثلة حقيقية: هل التوتر يؤدي إلى الجلطات فعلًا؟
✅ نعم. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة The Lancet أن الأشخاص الذين يعانون من نشاط مفرط في جزء معين من الدماغ مسؤول عن القلق (اللوزة الدماغية) أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية.
كما أظهرت أبحاث أخرى أن الأشخاص الذين فقدوا أحد أفراد أسرتهم أو تعرضوا لضغط نفسي حاد، تضاعف لديهم خطر الإصابة بجلطة في الأسابيع التالية للحدث.
هل هناك فرق بين التوتر المؤقت والمزمن؟
بالتأكيد.
- التوتر المؤقت مثل توتر الامتحانات أو أزمة قصيرة المدى، له تأثير محدود وقد لا يسبب ضررًا دائمًا.
- التوتر المزمن هو الأخطر، لأنه يؤدي إلى ارتفاع دائم في هرمونات التوتر، مما يجهد القلب ويزيد فرص الإصابة بمشاكل قلبية مع مرور الوقت.
إشارات أن قلبك قد يتأثر بالتوتر:
- خفقان متكرر أو غير منتظم
- ارتفاع دائم في ضغط الدم
- ضيق في التنفس أثناء الراحة
- ألم في الصدر أو ثقل
- تعب عام غير مبرر
- اضطرابات في النوم
- تغيرات مزاجية حادة
🔔 إذا لاحظت أي من هذه الأعراض، فلا تهملها وراجع طبيبك فورًا.
كيف يمكن التحكم في التوتر لحماية القلب؟
✅ 1. ممارسة الرياضة بانتظام
حتى المشي السريع لمدة 30 دقيقة يوميًا يمكنه تقليل التوتر وتحسين الدورة الدموية.
✅ 2. تقنيات الاسترخاء
- تمارين التنفس العميق
- التأمل أو اليوجا
- الاستماع للموسيقى الهادئة
✅ 3. النوم الجيد
احرص على النوم 7-8 ساعات يوميًا، فقلة النوم تزيد من هرمونات التوتر.
✅ 4. التغذية الصحية
قلل من الكافيين والسكر، وأكثر من تناول الأطعمة الغنية بالماغنيسيوم، أوميغا 3، وفيتامين B.
✅ 5. تجنب الكحول والتدخين
فهما يزيدان التوتر ويؤذيان القلب.
✅ 6. الدعم الاجتماعي والنفسي
لا تتردد في طلب الدعم من العائلة، أو استشارة طبيب نفسي أو معالج سلوكي.
دور الأطباء في علاج التوتر المرتبط بالقلب
يعمل الأطباء من خلال:
- تقييم الحالة النفسية والجسدية معًا
- إجراء فحوصات للقلب (تخطيط، إنزيمات، إيكو)
- وصف أدوية ضغط الدم، ومضادات القلق عند الحاجة
- تقديم برامج شاملة تشمل التغذية، الحركة، والإرشاد النفسي
“نصائح طب توداي” لحماية قلبك من التوتر:
- لا تُقلل من أهمية صحتك النفسية
- لا تنتظر حتى يظهر الألم لتتحرك
- احرص على الفحوصات الدورية للقلب
- مارس نشاطًا تحبه يوميًا
- دوّن مشاعرك وتحدث عنها
- ابتعد عن مصادر القلق المزمن إن أمكن
- تذكّر أن قلبك يستمع إليك، فاحفظه من القسوة النفسية
خلاصة التقرير:
التوتر ليس مجرد شعور عابر، بل حالة فسيولوجية حقيقية تؤثر على القلب كما تؤثر على النفس. ومن المهم التعامل معه بجدية، واعتباره عامل خطر رئيسي في الإصابة بأمراض القلب.
في زمن الضغوطات المتزايدة، أصبح الوقاية من التوتر والتعامل الواعي معه جزءًا أساسيًا من روتين حماية القلب.
“طب توداي” ينصحك بأن تسمع لصوت جسدك، فالتجاهل اليوم قد يُكلفك كثيرًا غدًا.