p { text-align: justify; }

احذر .. اللحوم الحمراء: نعمة قد تتحول إلى عبء صحي

كتبت هند محمود

يأتي عيد الأضحى المبارك حاملاً معه مشاعر البهجة والفرح واللقاءات العائلية التي تتمحور في كثير من الأحيان حول موائد الطعام العامرة بأطباق اللحوم الشهية، والمأكولات الغنية بالدسم والسمن والتوابل. وبينما يُعدّ تناول لحم الأضحية من الشعائر الدينية والاجتماعية المرتبطة بالعيد، إلا أن كثيرًا من الأسر العربية تقع في فخ العادات الغذائية الخاطئة التي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية جسيمة، خصوصًا لمن يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

وفي هذا التقرير من “طب توداي”، نناقش أبرز العادات الغذائية السيئة المنتشرة في عيد الأضحى، ونستعرض نصائح مهمة للوقاية من آثارها، بهدف التوعية بأسلوب غذائي أكثر توازنًا خلال هذه المناسبة المباركة.

اللحوم الحمراء: نعمة قد تتحول إلى عبء صحي

لا شك أن لحم الأضحية له مكانة خاصة في قلوب الكثيرين، فهو رمز للكرم والاحتفال والبركة. ولكن الإكثار من تناول اللحوم الحمراء، وخصوصًا الدهون الحيوانية، قد يؤدي إلى مشكلات صحية تبدأ بعسر الهضم ولا تنتهي عند أمراض القلب والشرايين. ويقع كثير من الناس في خطأ شائع يتمثل في استهلاك كميات كبيرة من اللحم، في أكثر من وجبة، دون توازن غذائي أو تنويع في مصادر الطعام.

وتزداد المشكلة عندما تكون طريقة الطهي غير صحية، مثل القلي في الزيوت أو استخدام السمن البلدي بكثرة، أو الاعتماد على الكبدة والمخ والطحال، وهي أعضاء غنية بالكوليسترول والدهون المشبعة.

أبرز العادات الغذائية الخاطئة في عيد الأضحى

1. الإفراط في تناول اللحوم دون خضروات أو ألياف

من أكثر الأخطاء شيوعًا هو تناول اللحوم، وخصوصًا المشوية أو المقلية، بكميات كبيرة دون إدخال الخضروات الورقية أو السلطات الطازجة في الوجبة. وهذا يُسبب بطئًا في الهضم، ويؤدي إلى شعور بالامتلاء والانتفاخ.

2. الإكثار من الأحشاء (الكرشة، الممبار، الكبدة)

رغم أن بعض هذه الأطعمة تُعد من الأطباق التقليدية في العيد، فإن تناولها بكميات كبيرة يؤدي إلى زيادة نسبة الدهون الثلاثية في الدم، ويُرهق الكبد والجهاز الهضمي، وخصوصًا إذا كانت محشوة بالأرز والدهون كما هو الحال في “الممبار”.

3. عدم الالتزام بمواعيد الوجبات

في أيام العيد، يختل النظام الغذائي لدى الكثيرين، إذ تبدأ وجبات العيد مبكرًا صباحًا بعد ذبح الأضحية، وتستمر حتى ساعات الليل، دون تنظيم للوجبات أو إعطاء فرصة للهضم. هذا الاضطراب يؤدي إلى سوء امتصاص العناصر الغذائية، ويزيد من احتمالية حدوث التلبكات المعوية.

4. الإفراط في المشروبات الغازية

يلجأ البعض إلى تناول المشروبات الغازية أثناء أو بعد الوجبات الدسمة، ظنًا منهم أنها تساعد على الهضم، وهو اعتقاد خاطئ تمامًا. فهذه المشروبات تحتوي على نسب عالية من السكر والكافيين، وتؤدي إلى زيادة الوزن ورفع نسبة السكر في الدم.

5. تناول الطعام بسرعة

مع الزحام والاجتماع العائلي والاحتفال، يتناول البعض طعامهم بسرعة دون مضغ كافٍ، مما يسبب مشكلات في المعدة مثل التخمة، والغازات، والحرقة المعوية.

الفئات الأكثر تأثرًا بالعادات الخاطئة

هناك فئات في المجتمع يجب أن تأخذ حذرها بشكل خاص في عيد الأضحى، وهم:

  • مرضى القلب: تناول الدهون الحيوانية والكوليسترول بكثرة يمكن أن يزيد من خطر انسداد الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
  • مرضى السكري: اللحوم الغنية بالدهون والمصاحبة للسكريات والمشروبات الغازية تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار مستوى السكر في الدم.
  • مرضى الكلى: البروتين الزائد في الجسم يزيد العبء على الكلى، وقد يؤدي إلى تفاقم الحالة.
  • كبار السن: الجهاز الهضمي لديهم أقل كفاءة، ما يجعلهم أكثر عرضة لعسر الهضم والارتجاع الحمضي والتخمة.

نصائح “طب توداي” للتغذية الصحية في عيد الأضحى

1. الاعتدال هو الأساس

تناول اللحوم ليس خطأ بحد ذاته، ولكن يجب أن يتم ذلك باعتدال، وبما يتناسب مع الاحتياجات اليومية للجسم. يُفضل أن تكون كمية اللحم لا تتجاوز 100 إلى 150 جرامًا في الوجبة الواحدة.

2. الطهي الصحي أولًا

اختيار طرق الطهي الصحية مثل الشوي أو السلق يُقلل من كمية الدهون المستهلكة. ويُنصح بتجنب القلي، واستخدام الزيوت النباتية بدلًا من السمن أو الزبدة.

3. إدخال الخضروات في الوجبات

ينصح خبراء التغذية دائمًا بأن تكون هناك كميات كافية من السلطة والخضروات الورقية مع كل وجبة تحتوي على بروتين حيواني. فهذه الأطعمة تساعد على تحسين عملية الهضم وتُقلل من امتصاص الدهون الضارة.

4. تقسيم الوجبات وتنظيمها

يجب عدم تناول الطعام على دفعة واحدة. من الأفضل توزيع الطعام على ثلاث وجبات رئيسية، مع إمكانية إدخال وجبة خفيفة بينها، لإعطاء المعدة فرصة للراحة والهضم.

5. شرب الماء بانتظام

الإكثار من شرب الماء خلال اليوم يُساعد على التخلص من السموم، ويحسن من عمل الجهاز الهضمي، كما يُقلل من الشعور بالحموضة بعد تناول اللحوم.

6. تقليل استهلاك المشروبات الغازية

يُفضل استبدال المشروبات الغازية بعصائر طبيعية غير محلاة أو مشروبات دافئة مثل النعناع أو الزنجبيل التي تساعد على الهضم.

7. المشي بعد الأكل

ممارسة نشاط بدني خفيف بعد الأكل، مثل المشي لمدة 15 إلى 20 دقيقة، يساعد على تحسين حركة الأمعاء ويقلل من احتمالية التخمة أو الحموضة.

كلمة أخيرة من “طب توداي”

عيد الأضحى مناسبة عظيمة تملأها البركة والسرور، ومن الجميل أن نستمتع بأكل لحم الأضحية ضمن إطار من التوازن والوعي الصحي. فالغذاء جزء أساسي من حياتنا، ويمكن أن يكون سببًا في الصحة أو المرض، بحسب طريقة استهلاكه.

دعونا نستثمر هذه المناسبة في تعزيز ثقافة الأكل الصحي داخل بيوتنا، خاصة بين الأطفال والشباب، لنصنع جيلًا أكثر وعيًا بعلاقته مع الطعام. فالصحة نعمة، وعلينا أن نحافظ عليها لا أن نُفرط فيها بسبب الإفراط في الأكل خلال أيام العيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى