هل يختفي سكر الحمل بعد الولادة؟

كتبت ريهان عثمان

يُعد سكري الحمل من الحالات الطبية الشائعة التي تُصيب بعض النساء أثناء فترة الحمل، ويُشكّل تحديًا مزدوجًا يهدد صحة الأم والجنين معًا. ورغم أن العديد من النساء يتعافين بعد الولادة، إلا أن هذا لا ينفي احتمال تحوّله إلى مشكلة صحية مزمنة في المستقبل، سواء للمرأة أو لطفلها. فما أسباب حدوثه؟ وما مخاطره؟ وكيف يمكن السيطرة عليه لضمان حمل آمن وولادة صحية؟


ما هو سكري الحمل؟

سكري الحمل هو نوع من اضطراب تحمل الجلوكوز يظهر للمرة الأولى أثناء الحمل، ويتميز بارتفاع مستويات السكر في الدم عن المعدلات الطبيعية، دون وجود تاريخ سابق للإصابة بالسكري من النوع الثاني. وغالبًا ما يُشخّص هذا النوع في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، حين يبدأ الجسم في إفراز هرمونات تُقلل من فاعلية الأنسولين.


أسباب الإصابة بسكر الحمل

لا يوجد سبب وحيد للإصابة بسكري الحمل، ولكن هناك مجموعة من العوامل المساهمة، منها:

  • التغيرات الهرمونية أثناء الحمل التي تؤثر على كفاءة الأنسولين.
  • الوزن الزائد قبل الحمل.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسكري.
  • الحمل في سن متقدمة (فوق 35 عامًا).
  • الحمل بتوأم أو أكثر.
  • سجل سابق بسكر الحمل في حمل سابق.

أعراض سكر الحمل: لماذا يُعد خادعًا؟

من أخطر ما يميز سكري الحمل هو قلة الأعراض الظاهرة، ما يجعله يمر دون ملاحظة في كثير من الحالات. ومع ذلك، قد تلاحظ بعض النساء أعراضًا مثل:

  • العطش الزائد
  • التبول المتكرر
  • الإرهاق الشديد
  • زغللة في الرؤية

لكن هذه الأعراض قد تتداخل مع التغيرات الطبيعية للحمل، مما يؤخر التشخيص ما لم تُجرَ فحوصات دورية.


مضاعفات سكري الحمل

إذا لم يتم تشخيص سكري الحمل أو لم يُتابع بشكل جيد، فقد تحدث مضاعفات خطيرة للأم والجنين على حد سواء، منها:

على الجنين:

  • زيادة وزن الجنين مما يزيد من احتمالية الولادة القيصرية.
  • نقص سكر الدم بعد الولادة مباشرة.
  • زيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة في المستقبل.
  • مشاكل في التنفس أو نمو غير مكتمل.

على الأم:

  • ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل.
  • زيادة خطر الولادة المبكرة.
  • تكرار الإصابة بسكري الحمل في الأحمال التالية.
  • احتمالية تطور السكري من النوع الثاني خلال 5 إلى 10 سنوات بعد الولادة.

طرق التشخيص

يُنصح بإجراء فحص تحمّل الجلوكوز الفموي بين الأسبوع 24 و28 من الحمل، حيث يتم إعطاء الأم محلول سكري ثم قياس مستوى الجلوكوز في الدم بعد ساعة وساعتين.

في حال كانت المرأة ضمن الفئات المعرضة للخطر، يُوصى ببدء الفحص في وقت مبكر من الحمل.


النظام الغذائي: حجر الأساس في العلاج

تُعد التغذية السليمة من أهم وسائل السيطرة على سكري الحمل. وتُوصي الإرشادات الطبية باتباع نظام غذائي يحتوي على:

  • كربوهيدرات معقّدة مثل الشوفان والخبز الأسمر.
  • البروتينات الخفيفة مثل الدجاج والأسماك والعدس.
  • الدهون الصحية كزيت الزيتون والمكسرات.
  • تناول وجبات صغيرة ومتعددة لتجنب ارتفاع مفاجئ في السكر.
  • تجنّب السكريات البسيطة والمأكولات السريعة والمشروبات الغازية.

وتحت إشراف الطبيب، قد تستفيد المرأة من استشارة أخصائي تغذية لتصميم خطة غذائية مناسبة.


النشاط البدني والمتابعة

لا يقل النشاط البدني المنتظم أهمية عن الغذاء، إذ يساعد على تحسين استجابة الجسم للأنسولين. ويُوصى بالمشي اليومي لمدة نصف ساعة بعد الوجبات.

كما يجب المتابعة الدورية لمستوى السكر في الدم عبر:

  • التحليل المنزلي باستخدام جهاز قياس الجلوكوز.
  • زيارات منتظمة للطبيب لمراقبة الجنين وضغط الدم ووزن الأم.

متى يُستخدم الأنسولين؟

إذا لم تنجح التغييرات في النمط الغذائي والنشاط البدني في ضبط مستوى السكر، فقد يوصي الطبيب باستخدام الأنسولين أو بعض الأدوية الآمنة في الحمل مثل “الميتفورمين”.

وتُعتبر العلاجات الدوائية آمنة نسبيًا تحت إشراف الطبيب المختص، خاصة إذا كانت فوائد السيطرة على السكر تفوق أي مخاطر محتملة.


بعد الولادة: هل يختفي سكر الحمل؟

بالنسبة لغالبية النساء، يختفي سكر الحمل بعد الولادة. ومع ذلك، فإن:

  • واحدة من كل 2 إلى 3 نساء قد تتطور لديها الإصابة إلى السكري من النوع الثاني خلال السنوات التالية.
  • يُنصح بإجراء تحليل سكر الصيام أو تحمل الجلوكوز بعد 6 إلى 12 أسبوعًا من الولادة.
  • يجب على النساء اللائي أُصبن بسكر الحمل مراقبة أوزانهن وتجنب السمنة وممارسة الرياضة بانتظام.

نصائح طب توداي للوقاية من سكر الحمل ومضاعفاته

  • راقبي وزنك قبل وخلال الحمل، وتجنبي الزيادة المفرطة.
  • اعتمدي نظامًا غذائيًا متوازنًا منخفض السكر.
  • مارسي الرياضة بانتظام، حتى المشي يمكن أن يحدث فرقًا.
  • التزمي بالتحاليل الدورية بدءًا من الشهر السادس.
  • بعد الولادة، تابعي فحص السكر حتى بعد الشفاء الظاهري.

خلاصة

 

تبقى الرسالة الأهم: المعرفة والوقاية هما خط الدفاع الأول، وسكر الحمل ليس نهاية الطريق، بل بداية لرحلة صحية أكثر وعيًا ومسؤولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى