جسمك بينبهك..تعرف على أسباب الإرهاق المستمر

كتبت - نهى شوقي

الإرهاق المستمر لا يعني مجرد شعور عابر بالتعب، بل هو حالة متكررة من الإنهاك العقلي والجسدي لا تزول بالراحة، وتؤثر على قدرة الإنسان على أداء مهامه اليومية. وبحسب ما أكده الدكتور محمد سمير، أستاذ أمراض الباطنة، في حديثه إلى منصة طب توداي، فإن استمرار الشعور بالإرهاق قد يشير إلى وجود مشكلات في أحد أجهزة الجسم الداخلية، ويستدعي تقييمًا دقيقًا وشاملاً.

متى يُعتبر الإرهاق غير طبيعي؟

إذا استمر الشعور بالتعب لأكثر من أسبوعين متواصلين دون تحسن، رغم الراحة والنوم الكافي، فقد يكون ذلك إنذارًا. يقول د. محمد سمير إن من الضروري أن ينتبه الشخص إلى أعراض مصاحبة مثل:

  • فقدان الوزن غير المبرر
  • اضطرابات في الجهاز الهضمي
  • ارتفاع أو انخفاض في ضغط الدم
  • اضطراب النوم أو الشهية
  • آلام عضلية أو مفصلية
  • تسارع أو تباطؤ ضربات القلب

فكل عرض من هذه الأعراض قد يكون مؤشرًا على مشكلة صحية داخلية.

الجهاز الهضمي: متهم أول في قائمة الإرهاق

يرتبط كثير من حالات الإرهاق المستمر باضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل التهابات المعدة، القولون العصبي، سوء الامتصاص، أو أمراض الكبد. ويشير د. محمد سمير إلى أن الجسم لا يحصل على العناصر الغذائية الكافية عندما تكون الهضم والامتصاص معطّلين، مما يؤدي إلى شعور عام بالإرهاق حتى بعد الوجبات.

فقر الدم: نقص الحديد يخطف الطاقة

أحد أكثر الأسباب شيوعًا للإرهاق المزمن هو الأنيميا أو فقر الدم، خاصة بسبب نقص الحديد أو فيتامين B12. يوضح د. محمد أن خلايا الدم الحمراء هي المسؤولة عن نقل الأكسجين، وعند انخفاض مستواها يشعر الإنسان بالخمول والدوخة وعدم القدرة على التركيز. وتعد النساء في سن الإنجاب والمرضى المزمنون الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة.

الكبد والكلى: التعب الصامت

الكثير من أمراض الكبد والكلى تتطور بصمت وتبدأ بالإرهاق قبل ظهور أي أعراض صريحة. يضيف د. محمد سمير: “المرضى الذين يعانون من قصور كبدي أو كلوي غالبًا ما يلاحظون انخفاضًا كبيرًا في طاقتهم قبل أي فحوص طبية، ويجب عدم إهمال هذا العرض”.

الغدد الصماء: خمول الغدة الدرقية مثال شائع

الهرمونات لها دور محوري في تنظيم طاقة الجسم. ويؤكد د. محمد سمير أن قصور الغدة الدرقية هو أحد الأسباب الشائعة للإرهاق المستمر، ويرافقه أعراض مثل زيادة الوزن، وجفاف الجلد، وبرودة الأطراف. كما أن اضطرابات السكر (سواء ارتفاعه أو انخفاضه) قد تؤثر أيضًا على مستويات النشاط البدني والذهني.

القلب والتنفس: حين يضعف المحرك

الإرهاق قد يكون إنذارًا مبكرًا لأمراض القلب أو الجهاز التنفسي، مثل قصور القلب أو الربو أو الانسداد الرئوي. يشعر المريض حينها بتعب حتى عند بذل مجهود بسيط مثل صعود السلم أو المشي لمسافات قصيرة. يشدد د. محمد على أهمية الفحص الشامل لوظائف القلب والرئتين في حالات الإرهاق غير المفسر.

الأمراض المزمنة والالتهابات

يشير د. محمد سمير إلى أن أمراض مثل الذئبة الحمراء، الروماتويد، أو التهابات المفاصل المزمنة تتسبب في إرهاق ناتج عن التفاعل المناعي المستمر داخل الجسم. هذه الحالات تؤدي إلى استنزاف الطاقة بشكل يومي، حتى مع الأدوية والمسكنات.

الضغوط النفسية والباطنة: دائرة مغلقة

على الرغم من أن الإرهاق النفسي لا يُعد من أمراض الباطنة بشكل مباشر، إلا أن د. محمد يؤكد أن الاكتئاب والقلق المزمن يمكن أن يتداخلوا مع الصحة الباطنية ويؤثروا على الشهية، النوم، المناعة، والهضم. وهنا تكون المقاربة الشاملة، بين الطب النفسي والباطني، ضرورية للوصول إلى العلاج المناسب.

التشخيص: لا تترك الأمر للصدفة

يشدد د. محمد سمير على أهمية عدم الاكتفاء بتناول المقويات أو الفيتامينات دون تشخيص دقيق. يشمل التشخيص عادة:

  • تحاليل دم شاملة (صورة دم، فيتامينات، وظائف كبد وكلى)
  • تحليل الغدة الدرقية
  • فحص البول والبراز
  • تخطيط قلب أو موجات فوق صوتية
  • أشعة على البطن أو الصدر عند الحاجة

نمط الحياة: هل يمكن أن يزيد المشكلة؟

الإفراط في تناول الكافيين، وقلة شرب الماء، وسوء النظام الغذائي، ونمط الحياة الخامل كلها عوامل تساهم في زيادة الشعور بالإرهاق. يوصي د. محمد باتباع نمط حياة صحي ومتوازن، يشمل:

  • نوم منتظم لا يقل عن 7 ساعات
  • ممارسة الرياضة الخفيفة مثل المشي
  • الإكثار من شرب المياه
  • تناول وجبات متوازنة تشمل الخضروات والبروتينات
  • الابتعاد عن التوتر والمحفزات النفسية

متى نلجأ للطبيب؟

يجب على المريض استشارة طبيب الباطنة فورًا في الحالات التالية:

  • استمرار التعب رغم النوم والتغذية
  • فقدان الوزن أو تغير لون الجلد
  • تكرار الغثيان أو الصداع
  • تورم الأطراف أو صعوبة التنفس
  • خفقان القلب أو اضطراب ضغط الدم

خلاصة التقرير: الإرهاق لا يُستهان به

الإرهاق المستمر ليس مجرد شكوى عابرة، بل قد يكون علامة حمراء على خلل في أحد أجهزة الجسم الداخلية. من هنا، تدعو منصة طب توداي جميع القراء إلى الاهتمام بالأعراض البسيطة قبل أن تتطور إلى أمراض مزمنة. والتقييم الطبي الدقيق مع استشاري أمراض باطنة يظل الخطوة الأهم في استعادة النشاط والحيوية.


حقوق الطبع والنشر محفوظة لمنصة طب توداي
منصة طب توداي هي مرجعية العرب الطبية الأولى في مصر والشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى