نقص الحديد أثناء الحمل: خطر صامت يهدد الأم والجنين
كتبت راما مصطفى
في فترة الحمل، يحتاج جسم المرأة إلى المزيد من العناصر الغذائية لدعم نمو الجنين وتكوين المشيمة وزيادة حجم الدم. من بين هذه العناصر، يبرز الحديد كأحد أكثر المعادن أهمية، إذ يُستخدم في تصنيع الهيموغلوبين، وهو البروتين الذي ينقل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء. نقص الحديد يؤدي إلى ما يُعرف بـ”فقر الدم الناتج عن نقص الحديد”، وهي حالة شائعة بين الحوامل قد تؤثر على صحتهن وعلى نمو الجنين.
فقر الدم أثناء الحمل: حالة شائعة لكن ليست بسيطة
تشير الدراسات إلى أن أكثر من 40% من النساء الحوامل حول العالم يعانين من فقر الدم بدرجات متفاوتة، والسبب الرئيسي هو نقص الحديد. ففي الثلث الثاني والثالث من الحمل، يزداد الطلب على الحديد لتلبية حاجات الجنين والأنسجة الأمومية، ما يجعل الحامل عرضة لنقص هذا العنصر إذا لم تحصل على كميات كافية منه.
أسباب نقص الحديد عند الحامل
- زيادة حجم الدم: أثناء الحمل، يزداد حجم دم الأم بنسبة تصل إلى 50%، ما يزيد من احتياج الجسم للحديد.
- القيء والغثيان المفرط: حالات مثل الغثيان الصباحي الشديد (Hyperemesis Gravidarum) تؤدي إلى فقدان الحديد من الجسم.
- سوء التغذية: اتباع نظام غذائي يفتقر إلى مصادر الحديد الحيواني والنباتي.
- فترات الحمل المتقاربة: عدم وجود وقت كافٍ بين الأحمال لاستعادة مخزون الحديد.
- الدورة الشهرية الغزيرة قبل الحمل: قد تؤدي إلى دخول الحمل بمخزون منخفض من الحديد.
علامات تحذيرية تشير لنقص الحديد أثناء الحمل
من المهم التعرف على العلامات المبكرة لفقر الدم لعلاجها قبل أن تتفاقم، وتشمل:
- الشعور بالتعب والإرهاق الدائم
- ضيق في التنفس حتى مع المجهود البسيط
- شحوب الجلد واللثة
- تسارع ضربات القلب
- برودة الأطراف
- الصداع المتكرر
- دوخة أو دوار
- هشاشة الأظافر أو تساقط الشعر
قد تمر بعض النساء بهذه الأعراض دون إدراك أنها نتيجة فقر الدم، لذا فإن التحاليل الدورية أثناء الحمل أمر بالغ الأهمية.
متى يصبح نقص الحديد خطرًا على الأم والجنين؟
إذا لم يُعالج نقص الحديد في الوقت المناسب، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها:
على الأم:
- ضعف المناعة وزيادة فرص العدوى
- مضاعفات أثناء الولادة مثل النزيف
- الاكتئاب بعد الولادة
- الإرهاق المستمر وصعوبة التعافي بعد الولادة
على الجنين:
- انخفاض الوزن عند الولادة
- الولادة المبكرة
- تأخر في نمو الدماغ
- ضعف في التركيز والمناعة لاحقًا
- زيادة خطر الوفاة في الحالات الشديدة
تشخيص فقر الدم أثناء الحمل
يُشخّص فقر الدم من خلال تحليل الدم الكامل (CBC) الذي يقيس نسبة الهيموغلوبين وعدد كريات الدم الحمراء.
تُعد القيم التالية مؤشرًا لفقر الدم في الحمل:
- الهيموغلوبين أقل من 11 جم/ديسيلتر في الثلث الأول والثالث
- الهيموغلوبين أقل من 10.5 جم/ديسيلتر في الثلث الثاني
في بعض الحالات، قد يُطلب تحليل مخزون الحديد (الفيريتين) لتقييم مدى نقص الحديد بدقة.
أفضل الأغذية الغنية بالحديد للحامل
الحصول على الحديد من الطعام هو أول خطوة للعلاج والوقاية. وتشمل أفضل المصادر الغذائية:
حديد حيواني (يُمتص بسهولة أكبر):
- الكبدة (مرة أسبوعيًا فقط بسبب احتوائها على فيتامين A بتركيز عالٍ)
- اللحوم الحمراء
- الدجاج
- الأسماك (مثل السلمون والتونة بكمية معتدلة)
حديد نباتي:
- العدس والفاصوليا
- السبانخ والبقدونس
- الشوفان
- الحبوب المدعمة بالحديد
- الطحينة
نصيحة طب توداي: لتعزيز امتصاص الحديد النباتي، تناولي معه مصدرًا لفيتامين C مثل عصير البرتقال أو الليمون، وابتعدي عن الشاي والقهوة أثناء الوجبات لأنها تعيق الامتصاص.
دور المكملات الحديدية: تحت إشراف الطبيب فقط
في حال كانت مستويات الحديد منخفضة رغم النظام الغذائي، يُنصح بتناول مكملات الحديد التي يصفها الطبيب.
عادةً ما تكون جرعة الحديد اليومية للحامل 30 ملجم، وقد تزيد في حالات النقص الحاد.
أنواع مكملات الحديد الشائعة:
- سلفات الحديدوز
- فومارات الحديد
- غلوكونات الحديد
قد تتسبب بعض المكملات بآثار جانبية مثل الإمساك أو الغثيان، لذا من المهم اختيار النوع الأنسب بالتشاور مع الطبيب.
نصائح يومية لتجنب فقر الدم في الحمل
- اجري التحاليل الدورية بداية من أول زيارة للحمل.
- تناولي وجبات متوازنة تحتوي على مصادر الحديد والبروتين.
- لا تتناولي المكملات إلا بعد استشارة الطبيب.
- مارسي الرياضة الخفيفة لتشجيع الدورة الدموية.
- راقبي الأعراض التي قد تدل على فقر الدم وتواصلي مع طبيبك فورًا.
الخلاصة: الوقاية خير من العلاج
فقر الدم الناتج عن نقص الحديد قد يبدو بسيطًا لكنه يحمل تأثيرات خطيرة إذا أُهمل. بالمراقبة الطبية والتغذية الذكية، تستطيعين حماية نفسك وجنينك من مضاعفات صحية ممتدة.
لا تهملي العلامات المبكرة، وابدئي العناية بصحتك منذ الشهور الأولى.
