كيف نفرّق بين الضعف الجنسي النفسي والعضوي؟ د. محمد ثروت عمارة يجيب

كتبت هدى عبد الجليل

رغم أن الضعف الجنسي يُفهم غالبًا كعرض جسدي له علاقة بتدفق الدم أو اضطرابات الأعصاب أو التقدّم في العمر، فإن الحقيقة التي يغفلها الكثيرون أن العامل النفسي يلعب دورًا محوريًا في هذه المعادلة. فهناك عددٌ متزايد من الرجال يعانون من ضعف في الانتصاب دون وجود سبب عضوي واضح، وغالبًا ما يُشخّصون خطأً أو يتلقّون علاجات لا تناسب حالتهم.

وقد أوضح الدكتور محمد ثروت عمارة، استشاري جراحة الذكورة وعلاج الضعف الجنسي، في حوار مع منصة طب توداي، أن “الضعف الجنسي النفسي يمثل تحديًا تشخيصيًا وعلاجيًا خاصًا، لأنه يحتاج إلى مقاربة مزدوجة تجمع بين الجسد والنفس. كثير من الرجال يتناولون أدوية مقوية دون فائدة، لأن المشكلة الحقيقية تكمن في الدماغ، لا في الأعضاء التناسلية.”


ما هو الضعف الجنسي النفسي؟

الضعف الجنسي النفسي هو نوع من اضطرابات الانتصاب التي تحدث نتيجة لعوامل نفسية بحتة، مثل القلق، التوتر، الخوف من الفشل الجنسي، التجارب الصادمة، أو حتى الضغوط اليومية والمهنية. في هذه الحالات، لا تكون هناك مشكلة عضوية في الدورة الدموية أو الأعصاب، لكن الدماغ نفسه يعطّل استجابة الجسم الجنسية نتيجة لما يمر به من ضغوط أو أفكار سلبية.


من هم الأكثر عرضة لهذا النوع من الضعف؟

بحسب الدكتور محمد ثروت عمارة، فإن الشباب في مقتبل الحياة الزوجية هم الأكثر عرضة للإصابة بالضعف الجنسي النفسي، خاصة في أولى التجارب. كما أن الرجال الذين يمرّون بفترات اكتئاب، أو الذين يعانون من ضغط عمل دائم، أو لديهم تاريخ من الطفولة المضطربة، يمكن أن تتأثر قدرتهم الجنسية بشكل كبير.

ويضيف: “المشكلة هنا ليست في العضو الذكري، بل في منطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في الوظيفة الجنسية، والتي تتعطل عند وجود مشاعر الخوف أو الإحباط أو عدم الأمان.”


كيف نفرّق بين الضعف النفسي والعضوي؟

التمييز بين الحالتين بالغ الأهمية، لأنه يحدد نوع العلاج المطلوب. ويمكن الاستدلال على الضعف النفسي من خلال:

  • حدوث الانتصاب التلقائي أثناء النوم أو في الصباح الباكر.
  • غياب الانتصاب فقط أثناء العلاقة الزوجية أو في مواقف معينة.
  • الارتباط المباشر بين القلق أو المزاج السيئ وفشل العلاقة.
  • تحسّن الأداء عند غياب الضغط أو عند استخدام منشطات دون تأثير فعلي.

أما في الحالات العضوية، فغالبًا ما يكون الضعف مستمرًا، ويحدث في كل الظروف، ولا يستجيب بسهولة للمحفزات النفسية أو العاطفية.


هل هناك علاج فعّال؟

نعم. يؤكد الدكتور محمد ثروت عمارة أن الضعف الجنسي النفسي يمكن علاجه تمامًا، بل وأحيانًا دون الحاجة لأي دواء. ويعتمد العلاج على:

1. العلاج المعرفي السلوكي:

وهو نوع من العلاج النفسي يُساعد المريض على إعادة صياغة أفكاره السلبية عن الأداء الجنسي، والتخلص من التوتر والخوف المصاحب للعملية الجنسية.

2. الاسترخاء والتأمل:

تمارين التنفس العميق واليوغا والعلاج بالاسترخاء تساعد في تقليل القلق وتحسين الاستجابة الجنسية.

3. الحديث الصريح مع الشريك:

الانفتاح على الطرف الآخر ومناقشة المخاوف بصدق يمكن أن يقلل من الضغط ويساعد على بناء بيئة جنسية صحية.

4. استخدام المنشطات الجنسية بحذر:

في بعض الأحيان، يمكن استخدام المنشطات بشكل مؤقت لاستعادة الثقة بالنفس، لكن يجب أن يكون ذلك تحت إشراف طبي.

5. الدعامة الذكرية كحل نهائي:

ويشير د. عمارة إلى أن “في الحالات المستعصية التي يتحول فيها القلق إلى نمط مزمن لا يستجيب لأي علاج، قد نلجأ إلى تركيب دعامة للعضو الذكري، وهي وسيلة فعالة ونهائية لاستعادة الانتصاب بشكل دائم، وتكون حلاً مضمونًا بعد فشل العلاجات النفسية والدوائية.”


هل يمكن الوقاية من الضعف الجنسي النفسي؟

الوقاية ممكنة من خلال الاهتمام بالصحة النفسية وممارسة أنماط حياة صحية، مثل:

  • النوم الجيد والمنتظم.
  • تقليل استهلاك الكافيين والنيكوتين.
  • تجنب المقارنة بالآخرين أو بالمحتوى الجنسي الخيالي.
  • الابتعاد عن الضغوط العالية عند الاقتراب من العلاقة الحميمة.
  • ممارسة الرياضة بانتظام، لما لها من دور كبير في تحسين المزاج والثقة بالنفس.

كلمة أخيرة من منصة “طب توداي”

الصحة الجنسية لا تنفصل عن الصحة النفسية. ومن الضروري أن ننظر للأداء الجنسي كجزء من التوازن النفسي والذهني، وليس كأداء ميكانيكي. في كثير من الحالات، يكمن العلاج في الكلمة، لا في الدواء.

وختامًا، ينصح الدكتور محمد ثروت عمارة كل من يعاني من ضعف مفاجئ أو متكرر في الانتصاب دون سبب عضوي واضح، بألا يتردّد في زيارة طبيب مختص لفهم طبيعة المشكلة، بدلًا من الاعتماد على الأعشاب أو المقويات دون جدوى.


جميع الحقوق محفوظة لمنصة طب توداي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى