عقدة النقص: كيف يفسد الشعور بالدونية علاقاتنا ويُعيق تقدمنا؟

كتبت - سعاد مصطفى

في صمتٍ قد لا يلحظه الآخرون، يعيش كثيرون أسرى لشعور داخلي بالدونية، يقارنون أنفسهم بالآخرين باستمرار، ويشعرون بأنهم أقل شأنًا أو استحقاقًا. إنها عقدة النقص التي قد تبدأ منذ الطفولة وتتسلل إلى كل مراحل الحياة، فتؤثر في العلاقات، وتُضعف الثقة بالنفس، بل وقد تُعيق النجاح المهني والاجتماعي.

ويوضح الدكتور أحمد سمير الخولي، استشاري الطب النفسي، في حديثه مع منصة “طب توداي” أن الشعور بالنقص لا يكون دائمًا واعيًا، بل قد يظهر في صورة سلوكيات تعويضية مفرطة، أو انسحاب اجتماعي متكرر، أو حتى عدوان مبطن.


ما هي عقدة النقص؟

عقدة النقص (Inferiority Complex) هي حالة نفسية مزمنة يشعر فيها الفرد بأنه أقل من الآخرين في القدرات أو الجاذبية أو القيمة. هذا الإحساس يكون مبالغًا فيه وغير مرتبط دائمًا بواقع الشخص، بل بجذور نفسية عميقة تمتد إلى الطفولة.


جذور الشعور بالدونية

يقول الدكتور الخولي إن أسباب عقدة النقص متعددة، منها:

  • التربية القاسية أو المقارنة المستمرة بالأشقاء.
  • الفشل المبكر أو التنمر في المدرسة.
  • نقص الدعم النفسي أو الإحساس بعدم القبول.

وفي كثير من الحالات، تكون التجارب السلبية في الصغر هي البذرة الأولى التي تنمو لتتحول إلى شعور بالدونية يصاحب الإنسان في الكِبر.


التأثير على العلاقات والعمل

أحد أبرز مظاهر عقدة النقص هو السعي الدائم لإثبات الذات أو تجنب التحديات خوفًا من الفشل.
وقد يظهر ذلك في شكل:

  • علاقات غير متوازنة يسعى فيها الشخص لإرضاء الطرف الآخر بأي ثمن.
  • عزلة اجتماعية بسبب الخجل أو الإحساس بعدم الاستحقاق.
  • تدمير الذات المهني: التردد في التقديم لوظيفة، أو الانسحاب من فرص لأن “الآخرين أحق”.

السلوك التعويضي: القناع النفسي

يشير الدكتور أحمد سمير إلى أن بعض الأشخاص يطورون ما يسمى بـالسلوك التعويضي، وهو محاولة إخفاء النقص بالتفوق المبالغ فيه أو الادعاء بالثقة الزائدة.
لكن هذا القناع لا يصمد طويلاً، وينهار في لحظة شك أو فشل.


الفرق بين عقدة النقص وانخفاض تقدير الذات

رغم التشابه، إلا أن عقدة النقص تُعد أكثر تطرفًا وثباتًا من مجرد انخفاض في تقدير الذات.

  • انخفاض تقدير الذات قد يكون مؤقتًا.
  • بينما عقدة النقص تُنتج عن قناعة راسخة بأن الشخص “أقل” ولا يستحق.

العلاج والتعافي: هل يمكن التحرر؟

يؤكد الدكتور الخولي أن التعامل مع عقدة النقص ممكن، لكنه يتطلب وعيًا وصبرًا، ويشمل:

  • العلاج المعرفي السلوكي (CBT): لتفكيك القناعات الخاطئة حول الذات.
  • جلسات الدعم النفسي: لفهم الجذور والتحرر من آثار الطفولة.
  • بناء عادات الثقة: مثل اتخاذ قرارات بسيطة، خوض تحديات صغيرة، وكتابة الإنجازات اليومية.

متى تطلب المساعدة النفسية؟

إذا لاحظت أن الشعور بالنقص يُعيق علاقاتك أو يسبب انسحابًا دائمًا أو يجعلك تبالغ في جلد الذات، فقد يكون الوقت قد حان لطلب مساعدة مختص.
ويقول الدكتور أحمد سمير: “الشعور بعدم الكفاية لا يعني أنك غير كفء، بل ربما أنك لم تتعلم بعد كيف ترى نفسك كما أنت، لا كما تظن”.


منصة “طب توداي”: مرجعية العرب في الصحة النفسية

إن التوعية النفسية تبدأ بفهم الذات، ومنصة “طب توداي” تضع بين يديك أهم المواضيع النفسية والعلاجية بأسلوب بسيط وموثوق، بالتعاون مع أفضل الأطباء في العالم العربي.


حقوق النشر محفوظة لمنصة طب توداي

جميع الحقوق محفوظة © لمنصة طب توداي – المنصة الأهم والأكبر والأولى في مصر والمنطقة العربية في تقديم المعلومة الطبية الموثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى