طبيب رعاية: السينما أعطت إيحاء بأن مرضى الإنعاش بيعيشوا.. لكن الواقع أن 90% منهم بيموتوا!

كتبت/ مي السايح

لطالما قدّمت الأفلام والمسلسلات الطبية صورة درامية ومثالية عن عملية الإنعاش القلبي الرئوي، إذ يظهر الطبيب وهو يضغط على صدر المريض ببطولة، وبعد ثوانٍ يفتح المريض عينيه في مشهد مؤثر وسط تصفيق العاملين في المستشفى.

لكن خلف هذا المشهد السينمائي البراق، توجد حقيقة طبية صادمة: أكثر من 90% من المرضى الذين يتعرضون لتوقف القلب لا ينجون، حتى مع الإنعاش الفوري.

هذه الحقيقة أكدها الأب الروحي لطب العناية المركزة الدكتور بول مارينو، في إحدى محاضراته الطبية الشهيرة، موضحًا أن السبب في “التوقعات العالية” لدى الجمهور تجاه الإنعاش هو الصورة المضللة التي تنقلها السينما والدراما.

يشرح الأطباء أن توقف القلب المفاجئ يعني ببساطة توقف الدورة الدموية عن نقل الأكسجين إلى المخ والأعضاء الحيوية، وفي هذه اللحظة تبدأ خلية الدماغ في الموت خلال دقائق معدودة.

لذلك، حتى لو نجح الإنعاش في إعادة النبض، فإن الضرر الدماغي غالبًا يكون قد حدث بالفعل، ما يجعل نسبة من يعودون إلى الحياة بوعي كامل قليلة للغاية.

يقول أحد أطباء الرعاية المركزة: “السينما أضرت الناس في فهمهم لحقيقة الإنعاش. هم يظنون أن المريض يعود للحياة ببساطة، لكن الواقع أن أغلب الحالات لا تستجيب إطلاقًا، وإن استجابت فغالبًا تدخل في غيبوبة لا تُفيق منها”.

شاهد أيًضا: منصة طب توداي تستعرض مع د. سامح عبد العزيز أخطر مضاعفات فيروس كورونا على القلب

إحصاءات صادمة: 90% من مرضى الإنعاش يفارقون الحياة

تشير الدراسات الطبية الحديثة إلى أن نسبة النجاة بعد الإنعاش القلبي الرئوي داخل المستشفيات لا تتجاوز 10%، ومعظم الناجين يعانون من مضاعفات دماغية أو قلبية دائمة.

أما خارج المستشفيات، فتتراجع النسبة إلى أقل من 5% في أفضل الأحوال، خاصة في غياب التدخل السريع والمعدات الطبية المتخصصة.

يضيف الطبيب: “الناس لما بيقروا عن حالة نادرة رجعت بعد الإنعاش، بيظنوا إن دا الطبيعي، لكن الحقيقة إن دي معجزة مش قاعدة.. قصاد كل حالة بترجع، في خمسين بتموت”.

النجاة من توقف القلب ليست نهاية القصة، بل بداية رحلة علاج طويلة، فالكثير من المرضى الذين يعودون بعد الإنعاش يعيشون بمشكلات عصبية أو ضعف في الذاكرة أو فقدان للوعي لفترات طويلة، ويحتاج بعضهم إلى أجهزة دعم تنفسي لفترات ممتدة أو إقامة دائمة في وحدات الرعاية.

ويشرح الطبيب أن “الإنعاش الناجح” لا يعني فقط عودة النبض، بل عودة المخ إلى الوعي دون تلف دائم، وهي معادلة صعبة لا تتحقق إلا في حالات محدودة جدًا.

شاهد أيًضا: دكتور باطنة بينتقد دكتور قلب ويؤكد: بيقول حاجات تؤدي إلى الوفاة

رسالة إلى الجمهور: المعجزة ليست القاعدة

يروي طبيب الرعاية أنه يتعامل يوميًا مع حالات توقف قلب، ومع كل حالة هناك ذوو مريض ينتظرون النتيجة بقلوب معلّقة بين الأمل واليأس.

وعندما يُعلن لهم الطبيب وفاة المريض، تأتي الردود الغاضبة أحيانًا: “إزاي يموت؟ دا شفنا في مسلسل كذا المريض رجع بعد ساعة إنعاش!”

لكن الحقيقة، كما يوضح الطبيب، أن الإنعاش ليس عصا سحرية، بل إجراء طبي يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، واحتمالات النجاح فيه محدودة للغاية.

يدعو أطباء الرعاية المركزة إلى ضرورة رفع الوعي المجتمعي حول مفهوم الإنعاش، مؤكدين أن الهدف من الطب ليس إطالة المعاناة، بل الحفاظ على الكرامة الإنسانية، فالتمسك بالأمل واجب، لكن فهم حدود العلم واجب أيضًا.

ويختتم الطبيب حديثه قائلاً: “المعجزة الحقيقية مش إن القلب يشتغل بعد ما وقف، المعجزة إن المريض يرجع ويمشي على رجليه.. ودي حالات قليلة جدًا. العلم بيقول كده، والواقع بيأكد كده.”

شاهد: قلبه وقف من الخضة.. طفل يفارق الحياة بأزمة قلبية بعد محاولة كلب “عضه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى